الحركة الإسلامية في فلسطين وحدها لا تستطيع القيام بتحرير فلسطين أمام الدعم العالمي الذي تتلقاه «إسرائيل» من قوى الباطل، فلا بد أن تقوم إستراتيجية إسلامية عالمية في وجه العدوان العالمي على فلسطين، ولا بد أن يأتي الجيش الإسلامي العظيم ليحرر فلسطين؛ فيجد أمامه أبناء فلسطين يقومون بواجبهم وبدورهم في عملية التحرير، وأمام هذا المد الإسلامي لن تستطيع كل قوى البغي أن تصمد؛ (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج: 40)، إذن لا بد من قيام دولة إسلامية قوية تحمل الإسلام حملاً حقيقياً تعتبر تحرير فلسطين واجباً شرعياً وليس مسألة مواساة ببعض الخيام والدواء والدقيق.
يقول الزعيم التركي المسلم نجم الدين أربكان بعد الانتصار الذي حققه في قبرص، وسأله أحد الصحفيين: كيف ستحرر فلسطين؟ فقال: لا بد من الاعتماد على الذات في صناعة السلاح أولاً؛ لأن أمريكا منعت إمداد السلام عن تركيا بعد غزوها لقبرص، رغم أنها عضو في حلف الأطلسي.
إستراتيجية الحركة في التحرير
1- لا بد من عملية تعبئة إسلامية شاملة في جميع مجالات الحياة وفي جميع أنحاء العالم الإسلامي؛ أي لا بد من حركة إسلامية عالمية، وقد قامت الحركة الإسلامية عبر مسيرتها الطويلة بشوط طويل في هذا المجال، وقامت جهود مباركة نسأل الله سبحانه أن يكللها بالنجاح، فالصحوة الإسلامية اليوم هي حديث المنطقة، وهي التي تسبب قلقاً متزايداً في العواصم الغربية؛ فتنفق المبالغ والجهود الطائلة في متابعتها ومحاولة إيجاد الطرق لمقاومتها ومساندة الأنظمة العميلة لها في وجه المد الإسلامي، ولكنّ الله غالب على أمره.
2- لا بد من إقامة الدولة الإسلامية على الأقل في دول المواجهة مع «إسرائيل» كضرورة حتمية لانطلاق الجيش الإسلامي الذي ينازل «إسرائيل» وينتصر عليها بإذن الله، وهذه الدولة يجب أن تقوم على أسس من العقيدة الصحيحة والنظام الإسلامي الكامل، مع الأخذ بكل الوسائل المادية من إعداد اقتصادي وتكنولوجي وسياسي وعسكري؛ (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ) (الأنفال: 60).
3- لا بد من الوحدة الإسلامية كضرورة لمواجهة التحدي العالمي، وهذا يتطلب القضاء على كل أسباب الفرقة من الخلافات المذهبية والنزعات الإقليمية، وصهر الجميع في بوتقة الإسلام، وهذا ما قام به صلاح الدين.
4- لا بد من استغلال طاقات العالم الإسلامي الهائلة سواء البشرية (هناك مليار مسلم في العالم اليوم)، وهذا التفوق البشري نستطيع أن نعوض به الفارق التكنولوجي، والطاقات الاقتصادية الهائلة التي يمتلكها العالم الإسلامي من بترول ومعادن وتكامل اقتصادي يلغي كل أسباب التبعية.
5- لا بد من بعث روح الجهاد في الأمة ليصبح شغلها الشاغل، ومقاومة كل أسباب الوهن والضعف، فالمجتمع الإسلامي الحقيقي مجتمع مجاهد بطبيعته، وهذا يتطلب تربية عميقة للجيل المسلم وربطه ربطاً كاملاً بالله، وتبدأ الحركة من البداية ولا تنتظر لذلك حتى إقامة الدولة، فإنه لا قيام للدولة الإسلامية بدون هذه التربية الجهادية.
6- لا بد من توعية المسلمين في شتى أنحاء العالم الإسلامي وربطهم بالقضية الفلسطينية، وجعلهم يحسون أن هذه القضية قضيتهم، ولقد قامت الحركة الإسلامية في السابق بجهود مباركة في هذا المجال، ولكن هذه التوعية يجب أن تكون مستمرة، ويجب أن تتطور بحيث تصل إلى كل بيت مسلم وإلى كل عقل وقلب مسلم، إنها قضية التحدي العالمي المفروض اليوم على المسلمين.
7- يجب ألا يغيب عن ذهن المسلمين في كل لحظة أن التفريط بشبر واحد من أرض فلسطين خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، وأن الاعتراف بالدولة اليهودية جريمة لا تغتفر؛ ولذلك يجب العمل على تحرير كامل تراب أرض فلسطين، ومهما ضعفت حالنا اليوم، فإن هذا الضعف لن يدوم، وإن رحى الإسلام دائرة فلندر مع الإسلام حيث دار.
8- قبل كل هذا وبعده يجب أن يكون عملنا خالصاً لله سبحانه وتعالى حتى نستحق نصره؛ «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله»، فانطلاقنا يجب أن يكون لله منذ البداية وحتى النهاية، إن وظيفتنا هي تحرير الأرض كل الأرض من حكم الطاغوت اليهودي وغير اليهودي، وإقامة حكم الله في الأرض؛ (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه) (الأنفال: 39)، نعم ليكون الدين لله؛ أي ليحكم دين الله الأرض كل الأرض.
__________________
المصدر: كتاب «معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين».