يعود دخول الإسلام إلى ساحل العاج في غرب القارة السمراء، بحسب المؤرخين، إلى القرن الحادي عشر الميلادي، على يد تجار مسلمين أثّروا في سكان البلد واستقر بعضهم فيه، وأرجع الداعية والباحث الإسلامي جومندي وباكي أبو بكر سلام تاريخ دخول الإسلام لساحل العاج إلى العصور الوسطى، تحديدًا منذ القرن الحادي عشر الميلادي، وقال: إن التأثير الإسلامي وصل إلى المنطقة مع التجار عبر الصحراء الكبرى، حيث كانت الطرق التجارية تربط كوت ديفوار بالدول الإسلامية في شمال أفريقيا وغربها مثل المغرب ومالي وغيرهما، وتأثر الساحل الغربي لأفريقيا بالتبادل الثقافي والتجاري مع التجار العرب والبربر؛ ما أدى إلى انتشار الإسلام بين سكان المنطقة واعتناقهم هذا الدين.
مسارات دخول الإسلام لساحل العاج
وتحدث أبو بكر سلام لـ«المجتمع» عن دخول الإسلام إلى بلاده ساحل العاج غربي أفريقيا، قائلاً: إن الإسلام انتشر عبر عدة مسارات وعوامل تأثرت بها المنطقة على مر العصور من التجارة والتزاوج، والتنوع العرقي والثقافي والالتزام الذاتي، وقال: إن التجارة عبر الصحراء الكبرى كانت من أهم الطرق التي أدت إلى انتشار الإسلام في المنطقة، مشيراً إلى أن التجار العرب والبربر والمسلمين من الشمال نقلوا البضائع والفكر الديني عبر هذه الطرق التجارية.
ولفت إلى أن الالتزامات الدينية التي يهتم بها مسلمو ساحل العاج تعتبر من أهم عوامل انتشار الإسلام في البلاد، وأضاف: تبنى بعض سكان كوت ديفوار الإسلام بسبب جذبهم للممارسات الدينية والقيم الإسلامية، بالإضافة إلى التأثير الثقافي والاجتماعي للمسلمين الذين كانوا يعيشون في المنطقة.
ويرى أبو بكر سلام أن الزيجات بين السكان المحليين والمسلمين أسهمت في نشر الإسلام، فضلاً تنقل الناس من المناطق حيث تكون الغالبية المسلمة، لافتاً إلى أن المواطنين تأثروا بالثقافة الإسلامية من الشمال، بما في ذلك الأدب والفن والعمارة والتقاليد.
ويقول: إن هذه العوامل جميعها ساهمت في انتشار الإسلام بساحل العاج على مر القرون، حتى أصبح الإسلام جزءًا لا يتجزأ من الهوية الدينية والثقافية لجزء كبير من السكان في البلاد.
المؤسسات الدينية ودورها
وتعد الخلاوي ومراكز تحفيظ القرآن الكريم إلى جانب المساجد والهيئات الخيرة من أكبر المؤسسات الدينية التي أسهمت في نشر الإسلام بغرب القارة الأفريقية وخاصة ساحل العاج التي وصلها الإسلام، عبر التجار المسلمين، وأشار الداعية الإسلامي إلى دور المؤسسات الدينية في ساحل العاج في نشر الإسلام، قائلاً: إن الهيئات الدينية والخيرية وانتشار المساجد ومدارس تعلم القرآن الكريم والتعاليم الدينية الإسلامية أدت دوراً مهماً في تعليم الأطفال والشباب وتعزيز الهوية الإسلامية.
وأضاف أن المسلمين في ساحل العاج يتبعون الإسلام كدين رئيس، يقومون بأداء الصلوات الخمس يوميًا، ويحرصون على اتباع الشريعة الإسلامية في حياتهم اليومية.
ورغم وجود شكاوى من التهميش لمسلمي ساحل العاج بضعف الحضور في مراكز السلطة والقرار، فإن المسلمين في هذا البلد يشكلون جزءًا كبيرًا من السكان ويمارسون دوراً مهماً في الحياة الاجتماعية والثقافية للبلاد، وبحسب أبو بكر، فإن مسلمي البلاد يتنوعون من حيث الأصول العرقية والثقافية، وهناك تمثيل لمجموعات عرقية مختلفة مثل الديولا والمالي والفولاني والسنونكي والبربر، وكل منها يسهم بتقاليده وثقافته الخاصة في المجتمع الإسلامي.
ولفت إلى دور المسلمين السياسي والمجتمعي، وقال: إن المسلمين يشاركون في الحياة السياسية والاجتماعية بشكل كبير، وأردف: هناك قادة دينيون وشخصيات دينية تؤدي دوراً في الحوار الوطني والتعايش السلمي بين الطوائف المختلفة.
وتظهر كثافة المسلمين في ساحل العاج وانتشار الدين الإسلامي خلال الاحتفالات الدينية مثل عيد الفطر وعيد الأضحى، حيث تكون هذه المناسبات فرصة للتلاقي والتآلف الاجتماعي بين المجتمعات المسلمة وغيرها، موضحاً أن المسلمين يشكلون جزءًا مهمًا من التنوع الثقافي والديني للبلاد، ويسهمون بشكل فعال في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.