يا عبدالله، تيقَّن بأن الله يبتليك ليخرج أفضل ما فيك، فالمؤمن يُبتلى بقدر حبه لله وإيمانه، وفي طيات الابتلاء اللّطف والعطف، تأمل قول الرسول ﷺ: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» (أخرجه الإمام مسلم في صحيحه).
وما أجمل ما قاله أحد الدعاة: «يجب أن نثـق أننا ما خلقنا أبداً لِنفشل أو لنحـزن أو لنكن أناساً بلا هدف»!
نعم لدينا إرادة وعزيمة، فالمؤمن يتكيّف في هذه الحياة بخيرها وشرها؛ لأن لديه هدفاً أسمى وهو رضا الله عز وجل ودخول جناته.
وهذه قصة أنقلها كما هي ولعل بها العبرة لنا:
شكت ابنة لأبيها من مصاعب الحياة، كلما حلت مشكلة تظهر لها أخرى.
اصطحبها أبوها إلى المطبخ وملأ 3 أواني بالماء ووضعها على النار، أسقط في الأول جزرة، وفي الثانية بيضة، وفي الثالثة حبات من قهوة.
أطفأ الأب النار، وأخرج الجزرة والبيضة ووضع كل منهما في وعاء، وصب القهوة في فنجان وطلب من ابنته أن تتحسس الجزرة، فلاحظت أنها أصبحت طرية، ثم طلب منها أن تنزع قشرة البيضة فلاحظت أنها أصبحت صلبة، ثم طلب منها أن تشرب بعضاً من القهوة.
سألته الفتاة: لمَ كل هذا؟
فقال: لكي تعلمي يا ابنتي أن كلاً من الجزرة والبيضة والقهوة واجه نفس الخصم؛ ألا وهو المياه المغلية، لكن كل منها تفاعل معها على نحو مختلف.
كانت الجزرة قوية وصلبة ولكنها تراخت وضعفت، أما البيضة فقد كانت قشرتها الخارجية تحمي السائل الذي بداخلها لكن هذا السائل ما لبث أن تصلب عند تعرضه للحرارة، أما القهوة فقد كان رد فعلها فريداً، إذ إنها تمكنت من تغيير الماء نفسه، فماذا عنك؟!
هل أنت الجزرة التي تبدو صلبة وعندما تتعرض للصعوبات تصبح رخوة وتفقد قوتها؟
أم أنك البيضة ذات القلب الرخو الذي إذا ما واجه مشكلة أصبح أكثر صلابة وقوة؟
أم أنك القهوة التي تغيّر الماء الساخن وهو مصدر الألم لكي تجعله ذا طعم أفضل؟
إذا كنت مثل القهوة فسوف تجعلين الأشياء من حولك أفضل!
فاختر لنفسك ما تكون: جزرة، أو بيضة أو قهوة.
فهل لنا من تدبّر وتأمل في محتوى هذه القصة لنتعايش بهذه الحياة الدنيا لنصل بأمان لآخرتنا؟!
اللهم ثبّتنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض يا أرحم الراحمين.