قلق أمريكي و«إسرائيلي» من تطوير تركيا المسلمة سلاحها لتصبح رقماً ودولة كبرى بالمنطقة
سياسيون أتراك: الهجوم على «توساش» يقف وراءه «الموساد» ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية
في 23 أكتوبر 2024م، وقع هجوم مميت على مصنع «توساش» للطائرات والمروحيات والمسيرات والأقمار الصناعية، وهو الأكبر في تركيا، من جانب اثنين من إرهابيي تنظيم «بي كاكا» (PKK) الكردي العلماني المسلح، المدعوم من أمريكا و«إسرائيل»، إذ إن هذه المنظمة الإرهابية التي هاجمت مصنع الطائرات التركي لها علاقات استخبارية مع «إسرائيل»، كما تقيم معسكراتها وتدرب عناصرها في شمال سورية بحماية الجيش الأمريكي وتمويله وتسليحه ودعمه استخباراتياً، كما تدربهم أيضًا «إسرائيل» ويشاركون معها في إبادة غزة.
ففي 24 يوليو الماضي، كشفت صحيفة «تركيا» أن أكثر من 2000 عنصر من تنظيم «PKK» انضموا إلى الجيش «الإسرائيلي» للمشاركة في الإبادة الجماعية في غزة، ويجري التحضير لإرسال 2500 آخرين بعد تدريب «إسرائيل» لهم لمدة 18 يوماً في سنجار بمساعدة ضباط أزيديين أكراد وعملاء من «الموساد».
وانتهي الحادث بقتل الإرهابيين واستشهاد اثنين من مهندسي شركة صناعة الطيران والفضاء «توساش»، واثنين من الموظفين، إضافة لسائق تاكسي قتله الإرهابيان للاستيلاء على سيارته للتسلل بها للشركة، وتم إنقاذ المهندسين الرهائن.
كان أول تعليق قاله بغيت بولوت، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على الهجوم المسلح الذي استهدف مصنع للصناعات الجوية والمقاتلات التركية لوسائل إعلام تركية، مشيراً لاتهام القوى الغربية و«إسرائيل» بدعم الهجوم، لعرقلة صناعة الطائرات التركية القوية، حيث تنتج هذه الشركة طائرة مقاتلة تركية تنافس طائرة «إف 35» الشبحية الأمريكية، وقال: إن القوى التي ترفض بيعنا مقاتلات الجيل الخامس تهاجم منشآتنا التي بدأنا فيها بصناعة المقاتلات بأنفسنا.
واتهم مستشار الرئيس التركي «إسرائيل» ضمناً، قائلاً: إن حديثه موجه لمن يستخفون بالقول: إن «إسرائيل» ستهاجم تركيا، حيث أعلن الرئيس التركي أن «إسرائيل» لن تكتفي بلبنان وغزة ولكن ستهاجم سورية والعراق وهو ما يعني تهديدها أمن تركيا.
ويقول الصحفي التركي مهمت قانيبكلي: إن من مفاجآت ومصادفات الهجوم على شركة السلاح والفضاء التركية أن الهجوم استهدف منشأة شركة «TAI» التي تنتج طائرات مقاتلة من الجيل الخامس لأول مرة في تاريخ تركيا، في إشارة للمقاتلة «ANKA-3»، وأضاف أن الإرهابيين الذين احتجزوا رهائن من المهندسين العاملين في الشركة قاموا بتصويرهم وتم نشر صورهم في أقل من 10 دقائق من الهجوم؛ ما يعني ضمناً أن الصحفي التركي يلمح لوقوف جهة وراء الهجوم لمعرفة المهندسين العاملين ومن ثم اغتيالهم لاحقًا، أو لإثبات نجاح العملية لمن وظفوهم ولكنهم قتلوا قبل قتل غالبية المهندسين.
أيضاً كانت مفارقة أن يتزامن الهجوم مع توقيت أكبر معرض للصناعات الدفاعية يقام في تركيا، وغالباً ما يتم فيه إبرام عقود كبيرة، كأن الهجوم هدفه ضرب مصداقية الشركة وإفلاسها، كما يقول السياسي التركي فاتح تزجان عن توقيت الهجوم على منشأة «توساش».
لماذا أمريكا و«إسرائيل»؟
تشير تقديرات عديدة نشرتها صحف ومراكز أبحاث أمريكية وأوروبية إلى أن أمريكا و«إسرائيل» منزعجتان للغاية من الدفعة التي أعطاها الرئيس التركي أردوغان لتطور صناعة السلاح التركي.
فلم تكتف تركيا بصناعة طائرات مسيرة متطورة من طرز مختلفة (بيرقدار، وآكانجي)، حسمت الحروب في 5 دول، أبرزها أذربيجان ضد الأرمن، وليبيا ضد قوات اللواء المتمرد خليفة حفتر، ودول أفريقية أخرى، ولكنها بدأت تنتج طائرتها المقاتلة الخاصة بعدما حجبت عنها أمريكا طائرة «إف 35» مع أن أنقره تساهم في إنتاج أجزاء منها.
وكانت تركيا تشارك في إنتاج الطائرة «إف 35» باستثمارات تقدر بملياري دولار، وتنتج أجزاء منها في تركيا، وحين اشترت نظام الدفاع الصاروخي الروسي «إس 400» بعدما رفضت أمريكا بيعها نظام «باتريوت»؛ عاقبتها أمريكا بإخراجها من برنامج إنتاج الطائرة ورفضت مدها بهذه الطائرات، كما رفضت أن تعيد لها الأموال التي استثمرتها في المشروع.
ودفع هذا تركيا لقبول التحدي وبدء إنتاج مقاتلتها الخاصة، وتتنافس حالياً شركتان تركيتان على إنتاج مقاتلة يتردد أنها ستتفوق على الأمريكية، وهو أمر يقلق أمريكا التي لا ترغب في أن تطور تركيا سلاحها أو تصبح رقماً ودولة كبرى في المنطقة بسبب اعتناقها أيديولوجية إسلامية.
دولة الاحتلال الصهيونية أيضاً تخشى تفوق تركيا في إنتاج السلاح لأسباب تتعلق بالصراع بينهما وبمنافسة تركيا لها في مجال بيع السلاح.
وقد وردت إشارات في الصحف التركية، وفي تصريحات سياسيين أتراك بارزين إلى دور لـ«الموساد» في تحريك أذرعه لاستهداف شركة «توساش»، فقد كتبت الصحفية نيسا تشايدان تقول: إن الهجوم على «توساش» يقف وراءه «الموساد» ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، و«إسرائيل» مسؤولة عن هذا الهجوم، الذي جاء بعدما قال الرئيس أردوغان» إن «إسرائيل» تستهدف تركيا بعد لبنان وغزة.
ونشر الكاتب التركي إبراهيم كاراغول صورة للمقاتلة التركية التي تنتجها «توساش» وتحدث عن أن «الموساد» أراد إيصال رسالة إلى تركيا بإيقاف هذه التكنولوجيا.
ووقعت آخر الضربات القوية التي وجهها جهاز الاستخبارات التركية لـ«الموساد»، في 30 أغسطس الماضي، عندما اعتقل مدير الشبكة المالية لـ«الموساد» في تركيا ليريدون ركسيبي، وقد أثبتت التحقيقات معه أنه كان يقوم بتحويل الأموال إلى عملاء ميدانيين بناء على تعليمات من «الموساد»، وكان هؤلاء العملاء يقومون بعمليات تصوير جوي باستخدام طائرات من دون طيار لجمع المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بشركات الدفاع التركية.
ونشرت وكالة «الأناضول» التركية، في 25 أكتوبر، مقالاً للباحث في مركز أبحاث «تي آر تي» ورلد براق إيلمالي، قال فيه: إنه كان هناك هدفان للهجوم الإرهابي على منشأة «توساش»؛ أولهما: تقويض مبادرات تعزيز الوحدة الوطنية في تركيا، وثانيهما: إضعاف صناعة الدفاع التركية في خطوة إستراتيجية، وأكد أنه لدى اكتمال مشروع «قآن»، ستصبح تركيا في مصاف نخبة الدول التي تستطيع صناعة وإنتاج طائرات من الجيل الخامس، الأمر الذي يخلق ردود فعل تجاه تركيا عند عدد من القوى الأجنبية.
لماذا «توساش»؟
تعتبر شركة صناعات الطيران والفضاء التركية (توساش) من الشركات التركية الرائدة في قطاعها، إذ تشرف على العديد من المشاريع الإستراتيجية، لا سيما مشروع الطائرة الحربية الوطنية من الجيل الخامس «قآن» (KAAN)، التي ستضع تركيا بين الدول القليلة في العالم التي يمكنها إنتاج المقاتلات، وفق وكالة «الأناضول».
وبحسب شبكة «سي إن إن»، تؤدي شركة الصناعات الجوية التركية المملوكة للدولة (توساش) دوراً رئيساً في صناعة الفضاء والطيران العالمية منذ إنشائها في عام 1973م، وهي من بين أكبر 50 شركة عالمية في صناعات الطيران والدفاع، وفقاً لموقعها على الإنترنت وموقع «ديفنس نيوز».