اعتاد بعض العاملين في الجمعيات الخيرية على استخدام مصطلحات محاسبية تقليدية تصف التبرعات بـ«الإيرادات»، وتُسمى الجهات المسؤولة عنها «إدارة الموارد المالية»، بينما تُسمى المساعدات والمشاريع بـ«المصروفات»، لكن هذه اللغة لا تعكس طبيعة العمل الخيري وأهدافه الحقيقية، إذ إن التبرعات ليست أموالًا ناتجة عن أنشطة تسويقية للجمعية، بل هي مخصصة لتحقيق أهداف معينة، تم تحديدها من قِبل المتبرعين.
التبرعات.. أمانة لا إيراد
من الناحية الشرعية، تُعتبر الجمعيات الخيرية وكيلة عن المتبرعين في إدارة الأموال، حيث لا تملك الجمعية هذه الأموال، بل عليها أن تصرفها وفق شروط المتبرعين؛ مما يجعل التبرعات حقوقاً والتزامات، وليس إيرادات مملوكة للجمعية، وهذا التصنيف له بُعد إداري ومحاسبي، حيث يتم تسجيلها كالتزامات يجب الوفاء بها؛ ما يعزز الشفافية والثقة بين المتبرعين والجمعيات.
تصنيف محاسبي مختلف
من الناحية المحاسبية، يُفضل تصنيف التبرعات كـ«التزامات»، حيث تكون الجمعية مسؤولة عن توجيه الأموال حسب الغرض الذي تم جمعها لأجله، ويشمل ذلك التبرعات العامة مثل الصدقات والزكاة، حيث يكون الصرف محكومًا بضوابط شرعية واضحة، فتُصرف الصدقات حسب المصارف الشرعية المحددة، بينما تُوجه الزكاة وفقًا للرأي الفقهي المعتمد للجمعية.
ضوابط رقابية شرعية
هذا التصنيف كالتزامات وليس إيرادات يتطلب من الجمعيات الخيرية أن تلتزم بعدم صرف الأموال إلا وفق ما حدده المتبرعون، وفي حالة التبرعات العامة مثل الزكاة والصدقات، يجب أن تستند القرارات إلى الرأي الشرعي الملزم؛ ما يدفع المؤسسات الخيرية إلى تبني نظام رقابي شرعي داخلي، لتحقيق هذا الالتزام، يجب أن تتضمن الجمعيات آليات رقابية شرعية فعالة، مثل وجود هيئة شرعية أو إدارة مختصة بالرقابة الشرعية، لضمان اتخاذ القرارات بما يتوافق مع الضوابط الشرعية، ويتطلب ذلك إجراءات واضحة وموثقة لضمان الالتزام بتوجيهات المتبرعين وأحكام الشريعة.
تصحيح المفاهيم المحاسبية والشرعية في التعامل مع التبرعات يعزز الشفافية والثقة في القطاع الخيري، ويؤكد أهمية الرقابة الشرعية لضمان الالتزام بأحكام الشريعة ومتطلبات المتبرعين، مما يؤدي إلى تحسين جودة العمل الخيري واستدامته.