رحلة طويلة شاقة إلى جاكرتا ثم إلى مدينة مكسَّر، لكن يهون التعب برؤية النتائج التي غرستها الأيادي البيضاء هناك.
نعم فعند دخولنا للمجمع التربوي الذي أنشئ بتبرعات من أهل الخير بالكويت، وبدعم كريم من الأمانة العامة للأوقاف، رأينا شباباً وشابات منهم اليتيم والمحتاج أخذوا على عاتقهم تعلم العلم وبالأخص اللغة العربية والقرآن، فإذا هم يتميزون عن أقرانهم فحصدوا المراكز الأولى في شتى المجالات على مستوى الدولة.
وفي المكان نفسه، افتتحنا مسجداً بتبرع كريم من إحدى الأخوات بالكويت رحمها الله؛ فإذا هو يمتلئ بالمصلين بما لا يقل عددهم عن 500 مصلٍّ، كلهم رفعوا أيديهم بالدعاء للمتبرعة، فهنيئاً لها وبشرى من الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «من بنى مسجدًا لله يذكر الله فيه، بنى الله له مثله في الجنة».
ثم انتقلنا برحلة سفر لمدينة أخرى لمجمع تربوي مبارك آخر أُشيد على نفقة العم د. صالح العجيري رحمه الله، فعلمنا أن ببركة هذا الرجل قد توسع المجمع واشتراكاته، ثم بُني مجمع آخر لزوجته وثالث لابنه، والطلبة على قائمة الانتظار للتسجيل للعام الدراسي من مرحلة الروضة إلى الثانوية.
فتبادر لذهني معنى الوقف الخيري والصدقة الجارية التي تمتد بالأجر والثواب بعد وفاة المتصدق، وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: «إذا مات ابن آدم؛ انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم).
ولا أستطيع أن أصف فرحة أمهات الأيتام والمحتاجين هناك عندما وزَّعنا لهم مكائن الخياطة وكسوة اليتيم لِتُعيلهم هم وأبنائهم بتبرعات من أهل الكويت، وتذكرت عندما أتَى النَّبيَّ ﷺ رجلٌ يشكو قسوةَ قلبِه، قال: «أتحِبُّ أن يلينَ قلبُك وتُدرِكُ حاجتَك؟ ارحَمِ اليتيمَ وامسَحْ رأسَه وأطعِمه من طعامِك؛ يلِنْ قلبُك وتُدرِكْ حاجتَك».
وكانت محطتنا الأخيرة بالجامعة الكويتية، ذلك الصرح الخيري الكويتي العظيم المعتمد من الحكومة الإندونيسية بأكثر من تخصص وبجانبها مدارس الصالحين، وكانت فرحتي عندما علمت أن العديد من الطلبة يتقنون العربية ويحفظون القرآن كاملاً في سنتين.
وفي الختام، رجعنا للكويت وكلنا فخر بأعمال بلد الإنسانية والأيادي البيضاء التي تفرح القلب وتسر العين.
نعم فَقِهَ أهل الكويت أن البنك الوحيد الذي لديه فروع في الدنيا والآخرة هو بنك الصدقة، تودع فيه في حياتك وتسحبه في آخرتك بأرباح كثيرة، فلا تنس أن تُنشِّط حسابك، فأنت تتعامل مع الحفيظ العليم سبحانه.
اللهم احفظ الكويت وشعبها، واجعلها آمنة مطمئنة منارةً للخير والعطاء وسائر بلاد المسلمين يا رب.