عاشت الصحافة اليمنية عام 2014 عاما أسودا كما يصفه منتسبوها، حيث تعرض الصحفيون اليمنيون لقمع ومضايقات، فضلا عن تعرض منازلهم ومؤسساتهم الصحفية لقصف واقتحام من قبل المسلحين، زادت وتيرتها بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء ومحافظات يمنية أخرى في النصف الثاني م
عاشت الصحافة اليمنية عام 2014 عاما أسودا كما يصفه منتسبوها، حيث تعرض الصحفيون اليمنيون لقمع ومضايقات، فضلا عن تعرض منازلهم ومؤسساتهم الصحفية لقصف واقتحام من قبل المسلحين، زادت وتيرتها بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء ومحافظات يمنية أخرى في النصف الثاني من العام الجاري.
وفي السابق، كانت القوات الحكومية تتصدر قائمة منتهكي الصحافة في اليمن، لكن العام الحالي شهد دخول مليشيات مسلحة على الخط في قمع حرية التعبير ومحاصرة حملة الأقلام.
وتقول نقابة الصحفيين اليمنيين في بيان لها على موقعها على الإنترنت إن العام 2014 “كان أكثر عنفا واستهدافا للإعلام والصحافة”، وتحديدا منذ اجتياح مليشيات الحوثي المسلحة للمدن اليمنية، التي بدأتها من محافظة عمران شمالي البلاد، حيث دارت معركة بين مليشيات الجماعة من جهة والصحفيين ووسائل الإعلام من جهة أخرى، ومازالت حتى اليوم مستمرة بين “الكلاشنكوف” والقلم.
وتعكف نقابة الصحفيين اليمنيين ومؤسسات إعلامية وحقوقية خاصة على رصد شامل للانتهاكات التي تعرض لها منتسبو الصحافة وإصدار ذلك في تقرير سنوي مطلع العام القادم، حسب مصادر نقابية وحقوقية.
انتهاكات سافرة
وقال “أشرف الريفي” وهو سكرتير لجنة الحقوق والحريات بنقابة الصحفيين إن “الإحصائية الأولية للانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون منذ مطلع العام الجاري وحتى منتصف نوفمبر الماضي تشمل 120 حالة انتهاك خطيرة وعنيفة طالت الصحفيين ومؤسساتهم ومنازلهم”.
وأضاف أن “من أبرز الانتهاكات وأشدها عنفا، 40 حالة اعتداء حتى منتصف نوفمبر الماضي، طالت صحفيين ومؤسساتهم ومنازلهم وسياراتهم وأقاربهم، منها 15 حالة اعتداء نفذها مليشيات الحوثي و9 حالات لم يُكشف هوية مرتكبيها فُسجلت ضد مجهول”.
وأشار الريفي إلى أن نقابة الصحفيين حمّلت مليشيات الحوثي المسئولية عن كافة الاعتداءات لكونهم من يسيطرون على الحالة الأمنية في المناطق التي وقعت فيها الانتهاكات.
وبحسب نقابة الصحفيين، فأبرز تلك الاعتداءات ما تعرضت له فضائية اليمن (رسمية) من قصف مدفعي.
كما استهدفت مليشيات الحوثي قناتي “سبأ” و”الإيمان” الحكوميتين، وقناة “سهيل” الأهلية، وإذاعة “إب” الحكومية حيث اقتحمتها وسيطرت عليها واستولت على محتوياتها، وفقا لسكرتير الحقوق والحريات.
وتراجعت الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الحكومية ضد الصحفيين في اليمن هذا العام، لصالح الجماعات المسلحة، وتقول نقابة الصحفيين اليمنية إنها رصدت 10 حالات فقط وقفت وراءها قوات الأمن بما فيها الحرس الرئاسي (وحدة أمنية مختصة بحماية رئيس الدولة).
استهداف ممنهج
ولا يتوقف قمع مليشيات الحوثي على العاملين في الصحافة المحلية ممن يصنفونهم بأنهم يعملون على تشويههم، بل امتد إلى العاملين في وسائل الإعلام الخارجية، وبدءوا بحملات تنادي بإغلاق مكاتب لقنوات إخبارية عربية في اليمن يتهمونها بعدم نقل الاعتداءات التي يشنها تنظيم القاعدة على عناصرهم، وفقا لبيان النقابة.
وبحسب ماجد المذحجي وهو صحفي وناشط حقوقي، فإن التحريض الذي تجلى في الخطاب الأخير لعبد الملك الحوثي (زعيم الجماعة)، علاوة على الذي يمارسه “مثقفو” المليشيات الأقوى في اليمن (وليس قادتها العسكريين مثلاً) ضد بعض وسائل الإعلام ومنها “العربية” (فضائية سعودية) و”الجزيرة”(فضائية قطرية) ، علاوة على ما سبق من اعتداءات على قناة “سهيل” وتهديدات للإعلاميين يدل على أن الأمر ممنهج، وأصيل لدى الجماعة ولم يكن أبداً مُجرد خطأ أو سلوكيات عارضة.
وقال إن “التحريض الحاصل يكشف أيضا عن كوننا مُقبلين على فترة مُظلمة يسودها القمع والتكميم، حيث سُينصّب فيها مليشيات الحوثي من أنفسهم حراسا للحقيقة والأخلاق والدين”.
وأضاف المذحجي “على الحوثيين أن يدركوا حقيقة بسيطة وهي أن الحريات مساحة معركتنا الدائمة مع كل أنظمة الاستبداد بدءاً من صالح (الرئيس السابق) ووصولاً إليهم، وهي خط دفاعنا الأخير، حيث الكلمة والحق الشخصي هي آخر ما نتمسك به حين يُطبق الطغاة على كل الحياة من حولنا”.
وخلال الأيام الماضية، سيطرت مليشيات الحوثي على مؤسسة “الثورة” الرسمية التي تصدر منها الصحيفة الحكومية الأولى في البلد وشرعت في إصدار العدد اليومي منها بطاقم مختلف بما يخدم سياستها الإعلامية، رغم دعوة وزارة الإعلام للعاملين في الصحيفة إلى الامتناع عن العمل حتى يتم إنهاء “الوضع غير الشرعي”.
وقالت نقابة الصحفيين اليمنيين في بيان لها إن “المجموعة المسيطرة على مؤسسة الثورة الرسمية مستمرة في إصدار الصحيفة بعيدا عن السلطة الشرعية لهيئة تحرير الصحيفة”.
وفيما اعتبرت ما جرى في صحيفة الثورة “انتهاك فاضح لحقوق الصحفيين ولمهنة الصحافة تتحمل مسئولياته وتبعاته مليشيات الحوثي، قالت نقابة الصحفيين إن هذا النوع من الانتهاك السافر وغير المسبوق للصحافة في اليمن لا يجب أن يمر أو يتم القبول به في أي حال من الأحوال.
مبررات واهية
وتبرر مليشيات الحوثي تواجدها في مؤسسة الثورة للصحافة أنه لمحاربة الفساد الذي كان يقوم به رئيس مجلس الإدارة السابق، وأن من يرفض عودته للعمل هم أبناء المؤسسة، لكن مصادر في الصحيفة قالت أنه جرى فرض مسئول حوثي من خارج الصحيفة لإدارة الشؤون المالية والتحريرية للمؤسسة.
ويُجمع منتسبو الصحافة اليمنية على أن المرحلة المقبلة، ستشهد فترة قمع وتكميم واسعة للحريات الصحفية ، خصوصا إذا استمرت سيطرة الحوثيين على المدن اليمنية.