في نهاية شهر فبراير الحالي، تكون “انتفاضة القدس” قد أنهت شهرها الخامس، ودخلت الشهر السادس، وهي في وتيرة ساخنة، وإن تراجعت بعض فعالياتها.
أن تدخل “انتفاضة القدس” شهرها السادس، فهذا إنجاز سياسي كبير من إنجازات الشعب الفلسطيني الذي أطلق الانتفاضة من أجل الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى المبارك، حين تصاعدت الاعتداءات “الإسرائيلية”، واتسعت دائرة التهديد للمسجد الأقصى، خاصة مع اتساع ظاهرة الاقتحامات “الإسرائيلية”، ومحاولة فرض التقسيم الزماني والمكاني، وتزامن ذلك مع هجمة استيطانية وازدياد في العنف والإرهاب الصهيوني ضدّ الفلسطينيين، مثل إحراق عائلة دوابشة في شهر مايو الماضي.
“انتفاضة القدس” التي أطلقها شباب فلسطين نجحت في إعادة الإمساك بالأوراق، وأخذت المبادرة، وأثبتت قدرة المجتمع الفلسطيني على الفعل، وفرضت نفسها كحدث سياسي وإعلامي وشعبي فاعل.
وتميزت “انتفاضة القدس” بالمواجهات الساخنة مع الاحتلال، التي وصلت ذات يوم إلى 75 نقطة، وبعمليات الطعن والدهس التي تجاوزت 200 عملية، وبالدفاع القوي عن المسجد الأقصى المبارك، وبالعودة إلى أساليب العمليات العسكرية، من خلال إطلاق الرصاص على المستوطنين وجنود الاحتلال، وبدخول النساء والفتيان بقوة إلى ساحة المواجهة.
ولقيت “انتفاضة القدس” ارتياحاً في الأوساط السياسية والشعبية الفلسطينية؛ لأنها اعتُبرت امتداداً لمسيرة المقاومة، وتكملة للانتفاضات السابقة.
وأحدثت “انتفاضة القدس” أزمة للاحتلال الصهيوني، بعد مقتل ما يقارب 40 جندياً ومستوطناً، وجرح 300 آخرين، وتنفيذ عمليات في أهم المدن والأسواق وفي عمق الاحتلال، وانكشاف صورة الجندي الصهيوني الذي كان يفرّ خائفاً وهو يحمل سلاحه من شاب يطارده وهو يحمل سكيناً.
وأصيب الكيان الصهيوني بصدمة بسبب الأساليب التي استُخدمت في الانتفاضة، وفشل حكومة الاحتلال في التعامل معها وفي كبحها، لا بل إن رئيس أركان الجيش الصهيوني توقّع استمرارها لخمس سنوات قادمة.
لكن كان من الصعب تجاهل السلطة الفلسطينية لهذه الانتفاضة ووصفها بـ”الهبّة الشعبية”، واستمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال لضربها وإضعافها.
وقد حاولت حركة “حماس” طوال الأشهر الماضية توفير حماية سياسية للانتفاضة، والعمل على تطويرها، وتشكيل قيادة موحدة من جميع القوى من أجل دعم استمرارها ومنع الاحتلال من إجهاضها.
ويبقى هذا الهدف هو عنوان المرحلة القادمة، وهو أهم شيء يمكن أن يقدّمه الفلسطينيون من أجل أرواح مئات الشهداء والجرحى والمعتقلين، حتى تنجح “انتفاضة القدس” في الاستمرار والانتصار.