في عام 2006م جلس العقيد الأمريكي المتقاعد رالف بيترز وأمامه خارطة الشرق الأوسط، وأخذ يرسم حدوداً بيده ويتأمل في الخارطة مرات ومرات، ثم قال: هكذا سيصبح الشرق الأوسط أفضل!
وخلاصتها أن الشيعة لابد أن يكون لهم دويلات مستقلة ومثلهم السُّنة وكردستان ودويلة للمقدسات الإسلامية وغيرها من الدويلات بتقسيم على أساس مذهبي، وسماها بحدود الدم، لأن تقسيماً كهذا لابد أن تقتطع فيه كل طائفة كالشيعة مثلاً والأكراد أجزاءً من الدول الإسلامية، ولن يكون هذا إلا بسيول من الدماء تسيل.
“إسرائيل” وأمريكا أعجبتهما الفكرة؛ لأنها ستجعل “إسرائيل” في مأمن دائم تتفرج على الصراع الدموي.
أهم بلدات المشرق الإسلامي تتعرض الآن لاحتلال صريح، وتقاسم كعكة وإعادة رسم الخارطة العربية، كما حدث بعد إسقاط الخلافة العثمانية واتفاقية “سايكس بيكو” وتقسيم تركة الرجل المريض بين فرنسا وبريطانيا، فالتقاسم يجري الآن على قدم وساق بتنسيق أمريكي صهيوني إيراني، وببطولة عصابة مخابرات البغدادي (داعش) الشماعة الجديدة!
العراق تنهشه ضباع إيران، وأهل السُّنة هناك يبادون في تصفية ممنهجة لا تبقي منهم أحداً، من الجو بالتحالف الدولي التي تقوده أمريكا، ومن البر بـ”داعش”، وأكثر من 30 مليشيا عراقية تتحرك بأوامر خامنئي، ولا عراق عربياً بعد اليوم إن تم المزيد من التجاهل والإهمال.
أما سورية؛ فروسيا قد ثبتت احتلالها وقواعدها العسكرية، ووقف إطلاق النار الذي تم إعلانه مساء أمس ليس سوى ذر رماد على العيون، وضحك على الأتراك وغيرهم؛ من أجل تطبيع تشكيل حزام كردي طويل على حدود تركيا، ودويلة علوية للأسد، وثالثة تبقى بؤرة صراع مدمرة لما تبقى من أهل السُّنة، وتبقى تركيا مهددة داخلياً، ثم ينادون أكرادها بحصتهم والانضمام للحزام الكردي؛ أي تقسيم تركيا، وستضغط أمريكا وتعترف بهم؛ ولذلك تركيا عارضت بقوة أي اقتراب كردي من سورية على حدودها وقصفتهم مباشرة، أما “داعش” فقام بالممحاة وألغى الحدود بين العراق وسورية ليتم إعادة رسم خطوط التقسيم وحدود الكعكة من جون كيري!
في ليبيا بدأ احتلال فرنسي وأمريكي واضح بحجة قتال “داعش”، وبريطانيا وإيطاليا تتحدثان وتخططان لكي لا تفوتهما القسمة، فليبيا ثرية جداً بالنفط، ولا غرو أن تتسابق كلاب الغرب إليها، وسط صمت عربي وإسلامي مخزٍ!
أما مصر؛ فسيناء شبه ساقطة بغباء السيسي وعمالته لـ”إسرائيل” في آن واحد، وسيتم تنسيق قريب ربما بين روسيا وأمريكا و”إسرائيل” بحجة مهاجمة تنظيم “ولاية بيت المقدس” وسيناء الفرع الداعشي المصري المخابراتي التابع لدحلان، ومن ثم يضغطون بل قل سيسلمهم بغل مصر سيناء على طبق من ذهب لإعادة احتلالها من “إسرائيل” أو كمنطقة ذات انتداب دولي بقوات حفظ أمن أو غيرها للمزيد من خنق أبطال غزة بحجة عدم القدرة على ضبط الأمن فيها!
في اليمن؛ تصريحات ولد الشيخ وتقريره الأخير وترويجه لـ”داعش” كشف للمستور لما يراد من تقسيم اليمن، وقد بدأ التفريخ لـ”داعش” تمهيداً لشطب العاصفة وجلب ضباع المجتمع الدولي إلى جنوبه!
والكويت قاب قوسين من خطر عظيم وعُمان والأردن وشلة زايد حدِّث ولا حرج!
دوائر القرار في التحالف الخليجي التركي تعرف هذا جيداً، ولهذا كانت فكرة التحالف الإسلامي الذي جميعنا ننتظر ولادته ترى النور.
فالأمة تحتاج إلى هبة جهادية إسلامية خالصة تُري الروس ومخابرات “داعش” والمجوس ما يسوؤهم، كما تحتاج لإصلاح الجرح المصري النازف، والتصالح مع التيارات الإسلامية الفاعلة كقوى فاعلة على الأرض.
لكن بين أن نحرر ذواتنا ونتخلص من التبعية لأمريكا التي قيدت إرادتنا وتذبحنا بالمجان، سنكون عندها قد وضعنا أقدامنا على أول خطوة في الطريق النضالي الطويل الذي سيقرر مصير أمتنا كلها.. نكون أو لا نكون.
فقط نقرر، وعندها سيفتح الله لنا أبواب سمائه لتنزيل نصره، والله مولانا ولا مولى لهم.