من أنواع الطب البشري ما يسمى الطب الشرعي، وهذا في الغالب يتعامل مع الأموات وليس مع الأحياء، ولكنه معني بتفصيلات مهمة وخطيرة عن الميت وقد مات “وشبع موتاً”.
لكن هل هو طب عبثي، وعمل إجرامي وتمثيل بالجثة التي أمرنا باحترامها وعدم إيذائها على الإطلاق؟ لا إنه مكمل للقضاء ونافع له لتحقيق العدالة.
سألت نفسي وتمنيت أن يعمم السؤال على أشياء كثيرة.
هذا النوع من الطب يستدعي الشهادة والقسم والتأكد واليقين، وله طقوسه الخاصة، فهو يمكن أن ينقذ الحقائق ومترتباتها، ويمكن أن يطمسها ويضيعها، ويرتب عليها الأضرار والمخاطر والمظالم وضياع الحقوق.
وقلت: هل نحن الآن بعد الذي جرى نقوم بدور الطب الشرعي (القضائي) أم أكثر من ذلك وأنفع؟
الدنيا لم تتوقف عند هذا الحد، وهذه الفترة الزمنية التي تمر بها المنطقة العربية والبشرية جمعاء، وما هي إلا موجات عابرة، “وتلك الأيام نداولها بين الناس”، لكنه يقول: “وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم” (محمد:38).
فهل نفيد من أخطائنا الخاصة إن لم نفد من أخطاء غيرنا؟
وإن لم نتعلم من القرطاس والقلم؟
وإن لم نتعلم من الكد والعرق والمعاناة؟
ألا نتعلم من الدم والخسائر؟
أم ترانا لا نتعلم؟
هل ضيعنا الأمانة كما حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: وكيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة” (صحيح البخاري).
وعلى الأقل يجب أن نمارس ما يوازي الطب الشرعي فيما يجري للحركة الإسلامية.