فجأة.. وجد الفلسطينيون أنفسهم في معركة ذات طابع سياسي إعلامي، فُرضت عليهم وحدهم، من غير شعوب الأرض.
فجأة.. وجد الفلسطينيون أنفسهم أمام “سلاح” عدواني جديد، يضاف إلى ترسانة الأسلحة التي تقاتلهم، والمحاور التي تعتدي عليهم.
فجأة.. وجد الفلسطينيون أنفسهم ممنوعين من التعبير عن رأيهم، عبر صفحات “الفيسبوك”، ليواجهوا بعد ذلك حملة شرسة بدأت منذ حوالي شهر نفّذها “الفيسبوك”، وشملت إغلاق المواقع والصفحات.
بدأت القصة تتصاعد منذ انطلاق انتفاضة القدس في الأول من أكتوبر 2015م، حين ذهبت حكومة الكيان الصهيوني إلى تحميل النشطاء الفلسطينيين على مواقع التواصل المسؤولية عن تحريك الانتفاضة والدعوة لمواجهة الاحتلال وبثّ أخبار وصور عمليات الطعن والدهس وإلقاء الحجارة.
يومها، بدأ الاحتلال تنفيذ خطة لمواجهة هؤلاء النشطاء، فبدأ باعتقالهم، واتهمهم بالتحريض على العنف، ووصل عدد من اعتقلهم من بداية هذا العام إلى اليوم 145 ناشطاً.
ثم طلبت حكومة نتنياهو من السلطة الفلسطينية مواجهة هؤلاء، ثم قدّمت طلبات كثيرة وشكاوى لإدارة موقع “فيسبوك” لمنع كل هذه الحسابات وإغلاقها.
وبالفعل، زار وفد من إدارة “الفيسبوك” الكيان الصهيوني واجتمع بوزيري الأمن والقضاء، وبعد أيام بدأت حملة شرسة لإغلاق صفحات تابعة لحركة “حماس” وقيادييها، ثم بدأت بإغلاق حسابات مؤسسات صحفية وإعلاميين.
وأغلق “فيسبوك” حسابات 15 مديراً لصفحات “شبكة قدس الإخبارية”، و”وكالة شهاب”، كما أغلق صفحات “غزة الآن”، وموقع “كيفك”، و”شبكة فلسطين للحوار”، وصفحة “دير شرف”، وموقع “الرفاق”، وصفحة “مش هيك”، إضافة إلى صفحة “حديث اليوم” وصفحات أخرى، وهي صفحات يتابعها الملايين.
وردّ الفلسطينيون على هذه الحملة بحملة إعلامية، فأوقفوا استخدام الموقع لمدة ساعتين، وأوقفوا النشر من الساعة الثامنة إلى العاشرة مساء، واتهموا “فيسبوك” بأنه أداة بيد الاحتلال، وأنه ينفّذ القرارات “الإسرائيلية”.
وتفاعلت الحملة المضادة لـ”الفيسبوك” بشكل كبير، ووصلت إلى 200 مليون مشاركة، و202 مليون تفاعل، و48 مليون وصول، و34500 منشور.
وترى الحملة أن الاتفاق “الإسرائيلي” مع “فيسبوك” مقدّمة لخطوات مقبلة تساهم في خنق الفلسطينيين بعد حصارهم على أرض الواقع وفي العالم الافتراضي، كما أنه سيتجاوز فلسطين ليكون ضمن سلسلة اتفاقيات تحقق أهداف سلطات وأنظمة قمعية دكتاتورية على حساب حرية الشعوب.
ونقل ناشطون أن إدارة “فيسبوك” اعتذرت عن إغلاق صفحات مؤسسات ومحررين إعلاميين.
لكن بغض النظر عما حصل مؤخراً، فإن الفلسطينيين يعتبرون أنفسهم في معركة حساسة، وعزموا على أن يربحوها، وهم لا يريدون للاحتلال أن يريح معركة إقصائهم عن العالم الافتراضي.