بدأ مرض الكوليرا ينافس الحرب في حصد أرواح اليمنيين؛ إذ فقد 478 شخصاً أرواحهم منذ مطلع مايو الجاري جراء هذا الوباء.
وإلى جانب عدد من الأزمات الاقتصادية والإنسانية التي تضرب المدن اليمنية جراء الحرب المتصاعدة منذ أكثر من عامين، كان الكوليرا يحصد الأرواح وينغص الحياة خلال شهر رمضان المبارك، دون أن تنجح المنظمات الصحية الدولية من محاصرته بشكل تام.
أرقام تنافس الحرب
منذ مطلع مايو الجار، حصد الكوليرا أرواح 478 يمنياً، فضلاً عن وجود 52 ألفاً و111 حالة مشتبه بإصابتها به.
وحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، وصل “الأناضول” نسخة منه، سجلت العاصمة صنعاء أكبر عدد من الحالات المشتبه بإصابتها بالمرض، بواقع أكثر من 12 ألف و500 حالة، كما سجلت أكبر عدد من الوفيات بـ63 حالة وفاة، بالرغم من التدخلات الصحية للمنظمات الدولية.
أيضاً، كانت المحافظات النائية، التي تفتقد للخدمات الصحية، أكثر عرضة لسقوط الضحايا، وعلى رأسها محافظة حجة، بواقع 62 حالة وفاة خلال أقل من شهر، تليها محافظة عمران، القريبة منها، شمالي صنعاء.
كما سجلت المحافظات الجنوبية حالات وفاة، ومنها عدن بواقع 13 حالة، وأبين بـ 15، فيما كانت محافظة مأرب الأقل بتسجيلها حالة وفاة واحدة.
موائد الإفطار بلا خضراوات
فقدان الأحبة لم يكن الشبح الوحيد الذي جلبته الكوليرا معها إلى اليمن، إذ أفقد الوباء اليمنيين فرحة شهر رمضان المبارك.
فاليمنيون يحرصون على تواجد الخضراوات على مائدة الإفطار الرمضانية، إلا أن الكوليرا تسبب في حرمانهم من هذه المائدة المتكاملة.
إذ اضطر اليمنيون للتخلي عن جزء رئيس من مائدة رمضان، مع دعوات السلطات الصحية والمنظمات الدولية السكان لتجنب الخضراوات القادمة من مزارع خارج العاصمة صنعاء، وكذلك التي لا تُعرف مصادر المياه التي يتم الري بها.
عماد محمد، وهو أحد سكان صنعاء، قال لـ”الأناضول”: إن الكوليرا سلب منا فرحة رمضان، وبسبب أرقام الوفيات المخيفة التي نسمعها يومياً، اضطررنا لعدم إدخال الخضراوات إلى منازلنا، وبالتالي خسرنا شيئاً مهماً في رمضان.
وأضاف: نفتقد اليوم وجبة الخضار على موائدنا الرمضانية بسبب الكوليرا والخوف من تفشي الوباء في بين أطفالنا.
وفي السياق، لفت محمد إلى أن الكوليرا تسبب أيضاً باختفاء الفواكه من منازل اليمنيين، وأن البعض لم يعد يشتري سوى الفواكه المغلفة، خشية احتوائها على بكتيريا الكوليرا.
كما تسبب انتشار الوباء بتلاشي موائد الإفطار الجماعية التي كانت تشهدها عادة المساجد اليمنية خلال رمضان.
عصام أحمد، من سكان حي هائل في صنعاء، قال لـ”الأناضول”: إنه في هذه الأيام أصبحنا نشك حتى في نظافة الأكل القادم من منازلنا، ونقوم بتعقيم خزانات المياه، فما بالك بالوجبات الجماعية القادمة من منازل مختلفة.
وأضاف متحسراً أن الكوليرا سلبت منا طقساً رمضانياً فريداً متوارثاً.
فجوة في السيطرة على الكوليرا
خلال الأيام الماضية، أعلنت منظمات دولية عديدة، على رأسها منظمة الصحة العالمية واليونيسف والصليب الأحمر الدولي، إدخال مساعدات طبية إلى اليمن لمواجهة الكوليرا، إلا أن جميع المستشفيات والمرافق الصحية لا تزال تعاني من نقص حاد في الأدوية اللازمة.
مسؤول الطوارئ في مكتب منظمة الصحة العالمية باليمن، عمر صالح، لفت في حديث لـ”الأناضول” إلى عدم توافر محاليل الإرواء في المستشفيات والمراكز الصحية، فضلاً عدم توافر بعض الأدوية الخاصة بمكافحة الوباء، في ظل تزايد أعداد المصابين.
ووصف عمر انتشار الوباء بأنه حالة غير مسبوقة؛ فنحن نسجل يومياً بين ألفين و3 آلاف حالة بين إصابة وشبه إصابة.
بدوره، قال المتحدث باسم منظمة اليونيسف في اليمن، محمد الأسعدي، لـ”الأناضول”: إن هناك فجوة كبيرة في الموارد اللازمة للسيطرة على أزمة الكوليرا.
ولفت الأسعدي إلى أن اليونيسف قدمت أكثر من 7 أطنان من الإمدادات العلاجية للمستشفيات، وهناك طائرتا شحن خاصة تحملان 28 طناً مترياً من الإمدادات العلاجية العاجلة وصلت مطار صنعاء بانتظار توزيعها.
و”الكوليرا” مرض يسبب إسهالاً حادًا يمكن أن يودي بحياة المريض، خلال ساعات، إذا لم يخضع للعلاج، ويتعرّض الأطفال، الذين يعانون من سوء التغذية، وتقل أعمارهم عن 5 سنوات بشكل خاص، لخطر الإصابة بالمرض.
ووفق منظمة الصحة العالمية، يمكن علاج “الكوليرا” بنجاح من خلال محلول لمعالجة الجفاف يتناوله المريض بالفم، وتحتاج الحالات الحرجة لعلاج سريع بسوائل وريدية ومضادات حيوية.