المسلمون وصف لكل من يشهدُ أن لا اله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله.
والإسلاميون وصف لمسلمين يلقبُهم بعض الناس بـ”الإسلاميين”، أخذوا شكل جماعاتٍ أو أحزابٍ منظمة تدافع عن الإسلام وتتبناه منهج حياة.
ويعترض البعض على هذه التسمية (الإسلاميون)؛ لاعتبارات مختلفة منها:
1- أنها يمكن أن تشير إلى أن المسلمين من غير الإسلاميين ليسوا مسلمين على الحقيقة، وربما يعتبر الإسلاميون أنفسهم هم المسلمون على الحقيقة ومن عداهم ناقص الإسلام.
2- هذه التسمية تفرق بين المسلمين تفريقاً قد يُشعر بالطبقية الدينية بمعنى أنّ الإسلاميين أفضل من المسلمين ومن ثم يحق لهم الوصاية عليهم وعلى الدين.
3- تتسبب بالترويج سلبياً ضد الإسلاميين ورميهم من الآخرين بالتشدد وعدم التسامح، حتى يوسموا بالعنف والإرهاب والتطرف.
فالإسلامية فكرٌ، وحركةٌ وراءها أفراد ومجموعات من المسلمين يؤمنون بشمول الإسلام، واتساعه لأكثر من مجرد العبادات والأخلاق، واشتماله على موجِّهات تُصلِح مجالات الحياة العامة لا الخاصة فقط وتجددها.
والإسلامية أوسع من كونها حركات أو أحزاباً سياسية فقط، بل تتنوع في روافدها وفي أولوياتها ومجالات اهتمامها، وفي تأثرها بالواقع وتغيراته وتفاعلها معها.
وعليه فالإسلاميون هم مسلمون انتدبوا أنفسهم للعناية بـ”الإسلام الواجب” المستوى الثاني و”الإسلام الكمال” المستوى الثالث، دعوة وتعلماً وتعليماً، وتعاوناً وتكافلاً، ومن واجبهم أن يطوروا رؤاهم، بما فيها الرؤية الاجتماعية والسياسية، وأن ينافسوا بها أصحاب المذاهب والرؤى الأخرى غير الإسلامية (ولا أقول غير المسلمة)، وأن يصلوا بها إلى المواقع المختلفة في المجتمع والدولة، لا يَظلمون ولا يُظلمون، وليس بالضرورة أن يزيدوا على بقية المسلمين صلاة أو صياماً أو شعائر أخرى.
بل يرون أنّه من الواجب عليهم أن يجدّدوا حضارتهم وأن يجدّدوا المدنية الإنسانية، من منطلق رؤية الإسلام للوجود والعالم، ومن قيم الإسلام ومبادئه وغاياته السامية، بلا إكراه لأحد ولا افتئات على الإسلام نفسه.
وإذا كان من حق بعض عامة المسلمين أن يسلكوا مذاهب سياسية وإدارية اجتهادية في بعض شؤون الحياة بما لا يخرجهم من دائرة الإسلام وما لم ينكروا المعلوم من الدين بالضرورة، فما المانع من أن يلتزم مسلمون مناهج سياسية وإدارية استنبطوها من فهمهم للإسلام بحيث يطلق عليهم البعض إسلاميين ويدعون إليها؟
وإذا حكَّمنا هذا المنهج توقفت المعارك المفتعلة بين المسلمين والإسلاميين، وستنهدم مسببات الخلاف الحاد وتتقلص الحساسيات والمناكفات إلى درجة كبيرة.
ربما أنّ الالتزام بالإسلام العظيم مستويات تبدأ من الإسلام وتنتهي بالإحسان، أو من مستوى يكون به المسلم مسلماً، حتى درجة الكمال الإسلامي وبينهما درجات ومستويات وكلها في دائرة الإسلام الواسع كما ذكرنا في المقال السابق.
لكن كثيراً من المسلمين المنخرطين في الجدل الدائر (مسلمون أم إسلاميون) من كلا الطرفين قد لا يعترفون بتواضع تصوراتهم عن الإسلام بسعته وعمقه وما يقدمه للإنسانية، فضلاً عن المسلمين، من مستويات تجديد الوعي وترشيد السعي، وبعضهم يخوض غمار هذا السجال مكتفياً بتصور بسيط جداً عن الإسلام، يستوي في هذا خواصٌ وعوامٌ كثيرون في المجتمع.
كما أن كثيراً من الإسلاميين يغريهم تدينهم والتزامهم، ويصدهم التزام غيرهم عن حسن التعاطي مع الناس وإدراك واقعهم هم أنفسهم المفعم بالآمال الواسعة على حساب الاستعدادات اللازمة والمقدرات المكافئة التي تنقصهم أحياناً كثيرة.
لو توقف العقلاء وتريثوا وتحاوروا دون مواقف مسبقة دون تحكيم الانطباعات لأزالوا هذا الإشكال شريطة أن يكون لديهم الاستعداد لمغادرة مربع الأنا المقدس والآخر المدنس في كلا الطرفين.
ألم يقل الله تعالى في كتابه: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ {24}) (سبأ).
فمن شاء أن يكون الصحابي الأعرابي الذي أقسم ألا يزيد ولا ينقص عن الأساسيات فهو مسلم، ومن زاد على ذلك بمرتبة أو مرتبتين أو عشرة فهو مسلم مأجور كذلك، وقد يتضاعف أجره وليس له أن ينكر على غيره.
إن ما بين السطور القليلة في هذه المقالة أشمل من المسطور بالتأكيد لمن أراد المزيد.
(وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ {24}) (الحج).