يسود العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (جنوب) هدوء حذر، عقب اشتباكات أسقطت، وفق وسائل إعلام محلية، أكثر من 12 قتيلاً و100 جريح بين القوات الحكومية وقوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، المطالب بالانفصال عن الشمال وإسقاط الحكومة، فيما أبدت الأمم المتحدة استعدادها للوساطة بين الطرفين.
وقال شهود عيان لـ”الأناضول”: إن الهدوء عاد مساء أمس إلى غالبية مناطق عدن، فيما يُسمع أصوات اشتباكات متقطعة بالرصاص الخفيف في مناطق خور مكسر وقرب مديرية صيرة.
ولم تصدر حتى الساعة 20.20 ت.ج من أمس إحصائية رسمية بحصيلة ضحايا اشتباكات اليوم في عدن، في حين نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر طبية أن الاشتباكات أوقعت أكثر من 12 قتيلاً و100 جريح من الطرفين.
تفاهمات
وحل الهدوء الحذر عقب توجيه أصدره رئيس الحكومة، أحمد بن دغر، بوقف فوري لإطلاق النار وعودة القوات إلى ثكناتها، بناء على تفاهمات أجراها الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، مع قيادات التحالف العربي، المساند عسكرياً وسياسياً واقتصادياً للحكومة الشرعية.
وفي اجتماع استثنائي برئاسة بن دغر، اعتبر مجلس الوزراء أن ما وصفها بـ”الأعمال التخريبية، التي بدأت صباح الأحد من قبل المجلس الانتقالي، إنما استهدفت الشرعية، ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي”، وأن “مطلب إسقاطه إنما يستهدف إسقاط الوحدة اليمنية”.
وذكرت “الوكالة اليمنية الرسمية للأنباء” (سبأ) أن الاجتماع ناقش “العواقب السلبية، التي قد يترتب عليها تدهور الأوضاع في العاصمة المؤقتة عدن، بسبب ما أقدمت عليه العناصر الخارجة على النظام والقانون للمجلس الانقلابي”، في إشارة إلى المجلس الانتقالي، برئاسة محافظ عدن المقال، عيدروس الزبيدي.
وتهدد المواجهات بين السلطات الحكومية والمجلس الانتقالي، المطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، تحالفهما منذ أكثر من ثلاث سنوات، في مواجهة قوات جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، المتهمة بتلقي دعم عسكري من إيران.
المشروع الحوثي الإيراني
وأضاف مجلس الوزراء اليمني أن “المشروع الحوثي- الإيراني هو المستفيد الأول من حالة الأعمال العسكرية والانفلات الأمني والفوضى التي أضرت بأمن المواطنين والمنشآت الحكومية”.
ودعا جميع الأطراف إلى “التعقل وضبط النفس حقناً للدماء”.
وكان بن دغر دعا، في بيان أمس، التحالف العربي والدول العربية جميعاً إلى التحرك لإنقاذ الموقف في عدن.
وتوجه بحديثه إلى الإمارات، قائلاً: إن “الأمل كما نراه نحن في الحكومة معقود على الإمارات العربية المتحدة، صاحبة القرار اليوم في عدن العاصمة المؤقتة لليمن”.
ونفت الإمارات، مساء الأحد، أن تكون خلف أحداث عدن، قائلة على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش: إن موقفها “واضح ومبدئي في دعمه للتحالف العربي، الذي تقوده السعودية، ولا عزاء لمن يسعى للفتنة”.
على الجانب الآخر من مواجهات عدن، أعرب المجلس الانتقالي الجنوبي، في بيان، عن التزامه بـ”السلمية والحوار” لحل الأزمة.
تصعيد شعبي
وقال بيان للمجلس، على موقعه الإلكتروني: إن المجلس “يؤكد تفاعله الإيجابي والاستجابة الكاملة مع جهود ومساعي دول التحالف العربي، بقيادة السعودية، في حل هذه الأزمة”.
ووصف ما يحدث في عدن بأنه “تصعيد شعبي ضد الاختلال الحكومي في مختلف الجوانب”.
وشدد المجلس الجنوبي على التزامه بـ”النهج السلمي في المطالبة بتغيير الحكومة، والوقوف على الاختلالات في كافة المحافظات والوزارات، التي انعكست سلباً على توفير أبسط مقومات الحياة الكريمة للمواطن”.
فيما أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن قلقه إزاء التطورات السياسية والأمنية في عدن.
وأضاف ولد الشيخ أحمد، في بيان، أن هذه التطورات ساهمت في زعزعة الأمن والاستقرار في المدينة، وأوقعت قتلى وجرحى بينهم مدنيون.
ودعا “كافة الأطراف إلى تهدئة الأوضاع وممارسة أقصى درجات ضبط النفس والاحتكام إلى الحوار والممارسات السلمية كأساس وحيد لحل الخلافات”.
وأعرب المبعوث الأممي عن “استعداد الأمم المتحدة الدائم للمساعدة في حل الخلافات في هذا الوقت الحرج الذي يعيشه اليمن”.
وتزيد الاشتباكات المشهد اليمني تعقيدا، في ظل الحرب الدائرة بين القوات الحكومية والمسلحين الحوثيين، الذين يسيطرون على محافظات، بينها صنعاء منذ عام 2014.
وتسببت الحرب المستمرة في تردي الأوضاع المعيشية والصحية في أفقر بلد عربي، حتى بات معظم سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بحسب الأمم المتحدة.