حول “ماذا أعدت الأحزاب للحكم المحلي”، نظم مركز دراسة الإسلام والديمقراطية، في تونس، ندوة مؤخراً، حضرها ممثلون عن أربعة أحزاب هم نور الدين العرباوي، رئيس المكتب السياسي، لحزب حركة النهضة، وبرهان بسيس، مكلف بالشؤون السياسية، في حزب نداء تونس. ومحمد عبو، مؤسس التيار الديمقراطي، وعمر السيفاوي، عضو المكتب التنفيذي لحزب حراك تونس الإرادة. وكانت الدعوة قد وجهت لأحزاب أخرى إلا أنها لم تحضر الندوة رغم موافقتها على المشاركة، وفق ما أفاد به مدير المركز الدكتور رضوان المصمودي.
الحبر الانتخابي
وذكر المصمودي أن هناك أمل في ترسيخ قيم الديمقراطية في تونس” ليس في العاصمة فحسب، بل في الجهات والمناطق الداخلية، وذلك حتى يشارك المواطن في صنع القرار”. ووصف الموعد الانتخابي في 6 مايو القادم بأنه” حدث مهم جدا في الانتقال الديمقراطي، انتظرناه طويلا، وإن شاء الله يكون خطوة ناجحة حيث هناك 52 في المائة من المرشحين شباب تقل أعمارهم عن 35 سنة، و80 في المائة تقل أعمارهم عن 40 سنة”. و أعرب عن أمله في أن يكون للبلديات دور أكبر في المستقبل من خلال أحزاب قوية إذ أن الأحزاب الديمقراطية القوية تصنع دولا قوية، وبدون أحزاب قوية تكون الدولة ضعيفة، على حد تعبيره.
وبعث المصمودي بنداء إلى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام للقيام بحملة واسعة من أجل إلزامية الحبر الانتخابي في هذه المرحلة الديمقراطية الفتية، ومن أجل تعزيز الثقة في العملية الديمقراطية، ورفع الشك والالتباس لدى الناس، الذين قالوا بأن خوض الانتخابات بدون الحبر الانتخابي مقدمة للتزوير وتكرار التصويت .
تفعيل الباب السابع
من جهته أوضح رئيس المكتب السياسي لحزب حركة النهضة نورالدين العرباوي، أن حركته تريد تفعيل الباب السابع من الدستور بما يعني بناء وإرساء الحكم المحلي، ونقل بلادنا من وضعية 1975 وهي السنة المرجعية للقانون المنظم للبلديات، إلى استحقاقات 2018 التي تشهد ميلاد قانون البلديات والحكم المحلي، الذي ستتم على أساسه الانتخابات. وأشار العرباوي إلى أن “قانون البلديات والحكم المحلي، سيتم تنزيله بالتدريج { 15 في المائة حاليا، و15 في المائة على مدى 9 سنوات، على أن يستكمل تنزيله في غضون 30 سنة } وهو ما يقضي على كل المخاوف من تفكك الدولة أو إثارة الصراعات المحلية، ويتوقع له أن يحدث نقلة نوعية في حياة الناس، ويعطي سيادة حقيقية للمواطن، من خلال ديمقراطية القرب، وهو جوهر برنامج حزب حركة النهضة، في موضوع البلديات”.
ودعا العرباوي للتنافس على خدمة الناس، وتحسين البنية التحتية، ونظافة البيئة، وجمال المدن والقرى، وتنظيم العمران، وهو هدف النهضة، وليس تكريس التقسيم الأيديولوجي. فما يهم المواطن أكثر هو أن يكون مشاركا في اتخاذ القرار بما في ذلك خدمات الماء والكهرباء، والصحة، إلى جانب مشاركته في تحسين ظروف التنمية من خلال المشاركة وقوة الاقتراح ، بتنسيق البلديات الجديدة مع الوزارات المعنية بعيدا عن مقولات التفكيك وتهديد استقرار الدولة.
وتطرق العرباوي للتحديات ومنها مسألة التمويل التي سيحددها القانون المنظم للعمل البلدي، ولا سيما جباية الضرائب، وغيرها من التحديات والمخاوف.
البرامج والولاءات
رغم أن المكلف بالشؤون السياسية لحزب “نداء تونس” برهان بسيس، قد تحدث عن 50 نقطة في برنامج النداء، من بينها تحسين الخدمات، وتحسين البنية الأساسية، وتحسين البيئة، وتحسين الخدمات الأساسية والرفع من نسق التنمية. إلا أنه ركز على المخاوف وطرح عديد الأسئلة.. ومن ذلك أي دور للبرنامج لدى المقترعين في ظل دراسات تشير إلى أن البرنامج لا يمثل سوى 10 في المائة من مشاغل الناخب؟، على حد قوله. و”كيف يمكن الانتقال من { تجربة } تجاوزت 60 سنة إلى حكم محلي غير معروف الهوية ومفتوح على كل الاحتمالات”؟ وهل سيشكل الحكم المحلي، تهديدا للدولة”؟ وكيف يكون التمويل، وكيف تؤسس الميزانية، وكيف تتصرف المجالس المنتخبة”؟ واعتبر خوض الانتخابات البلدية” تجربة غير محسوبة العواقب”.
فوضى عابرة
اعتبر مؤسس التيار الديمقراطي محمد عبو، الانتخابات البلدية، مؤشر على تقدم البلاد في مسارها الديمقراطي، وإذا لم تتم الانتخابات في موعدها المقرر يوم 6 ماي القادم” فهناك تلاعب سياسي” على حد وصفه. وأكد على أن المخاوف ” لا مبرر لها، والدولة لن تتفتت، فهناك تدرج في الحكم المحلي، إذ أن البلديات تمتلك شرطة في الخارج وهذا لم يطرح في هذه المرحلة عندنا”. وأشار إلى أن ” أكبر تحد هو” مقاومة الفساد، وإرساء الشفافية، ومن يخشى الشفافية فهذا يعني أن لديه ما يخفيه” وتحدث عما وصفه ب” حالة التسيب داخل البلديات، فهناك 62 في المائة حالات غياب وهناك غياب بالجملة في حالات أخرى، وهو يعكس غياب الانضباط في الإدارة التونسية”. وختم مداخلته قائلا” الثورة ستنجح وما نشاهده حالة فوضى عابرة”.
خطر التشكيك
وصف عضو المكتب التنفيذي لحزب حراك تونس الإرادة، عمر السيفاوي، محاولات التشكيك في المسار الديمقراطي، و التشكيك في المؤسسات الدستورية، من ثم التشكيك في جدوى النظام السياسي، بأنها “تعكس عدم قبول بالدستور، وتمثل خطرا على المسار الديمقراطي” وأن ” تبرير ذلك بالمخاوف، كما لو أن هناك طرف يخشى على الدولة والبقية لا يهتمون بالدولة” وأكد على أن” جميع التونسيين تهمهم بلادهم وليس هناك من يخشى عليها أكثر من غيره”. واعتبر أن الحديث عن خطر تفتت الدولة” ليس سوى قناع يستخدمه أصحاب المصالح المرتبطين بالقرار المركزي، ولديهم مخاوف من عدم قدرتهم مستقبلا التحكم في سلطة القرار”. ومضى قائلا” المركزية ليست حلا لتحقيق العدالة بين الفئات والجهات وتعميق الديمقراطية التشاركية وديمقراطية الجوار، وهي استمرار لوضعية شعب ينتخب ولا يحكم، في حين أن اللامركزية تعني المشاركة في صياغة القرار”.