هل سيتحقق حلم حزب العمال البرازيلي وملايين من مناضليه برؤية السجين لولا دا سيلفا على كرسي الحكم من جديد؟ وهل سيشارك الرئيس السابق (2003-2010) في الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الأول/أكتوبر المقبل أم لا؟ الجواب منوط بقرار العدالة البرازيلية.
من النادر أن يتمتع رجل سياسي بشعبية كبيرة في بلاده وهو يقبع في السجن. فعدا الزعيم نلسون مانديلا، الذي احتفظ بشعبية واسعة جدا بفضل نضاله ضد التمييز العنصري، لا يحفل التاريخ بأعداد كبيرة من هذا النوع من السياسيين الذين حافظوا على سمعة طيبة لدى شعوبهم بالتزامن مع وجودهم وراء القضبان.
ويبدو أن البرازيل تعيش واحدة من هذه القصص الاستثنائية. ففي هذا البلد الشاسع، لا يزال رئيس سابق يدعى لويس إيناسيو لولا دا سيلفا يتصدر جميع استطلاعات الرأي أمام منافسيه في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
وأشار آخر استطلاع للرأي، أجراه مركز التلفزيون الوطني مؤسسة (إم دي إيه) لبحوث الرأي الأسبوع الماضي، إلى ارتفاع نسبة الناخبين الذين يعتزمون التصويت لصالح لولا إلى 40% مقارنة مع 32,4% فى مايو/أيار الماضي .فيما تحصل أقرب منافسيه المنتمي إلى اليمين المتطرف جير بولسونارو على18,3 % وجاءت بعده زعيمة الخضر مارينا سيلفا بنسبة 5,6% فيما حصل جيرالدو ألكمين على نسبة 4,9% من الأصوات.
وينفذ لولا دا سيلفا، السياسي اليساري الذي حكم البلاد من 2003 إلى 2010، حكما بالسجن 12 سنة في معتقل “كوريتيبا” الواقع جنوب البلاد بعد إدانته بـ”الفساد” و”تبييض الأموال”. لكن رغم هذه الإدانة القضائية، بقيت شعبيته مرتفعة لدى البرازيليين، لا سيما لدى الطبقات الشعبية التي تلقبه بـ”أبي الفقراء”.
“رؤية ساذجة للواقع”
ويرى متخصصون في شؤون أمريكا اللاتينية أن ارتفاع شعبية الرئيس البرازيلي السابق لولا، رغم قبوعه في السجن، تعود إلى أسباب عدة، أبرزها الإصلاحات التي قام بها خلال حكمه للبلاد، والتي سمحت لأكثر من 50 مليون برازيلي من الخروج من دائرة الفقر التي كانوا يعيشون فيها سابقا، فضلا عن تقديمه منحا مالية تتراوح بين 50 إلى 80 يورو شهريا للعائلات البسيطة التي تملك عددا كبيرا من الأطفال وتوفير الطاقة الكهربائية لـ10 بالمئة من البرازيليين الذين كانوا محرومين من هذه الخدمة في الماضي.
هذا، وفي حوار هاتفي مع موقع فرانس24، أشارت أندريا مابيلا، وهي صحافية برازيلية، أن أسبابا أخرى أدت أيضا إلى ارتفاع شعبية لولا دا سيلفا، من بينها “قرار رفع أجور الموظفين عندما كان رئيسا للبلاد وبساطته وقرابته من الشعب البرازيلي” منوهة أنه “عند ما ترك الحكم في 2011 كانت شعبيته وصلت إلى 80 بالمئة”.
وواصلت نفس الصحافية القول: “عندما كان لولا رئيسا، البرازيل كان يعيش حلما وفي بحبوحة اقتصادية غير مسبوقة بفضل المداخيل المالية الكبيرة التي جنتها الشركات الوطنية، الأمر الذي جعل البرازيليين يشعرون بأنهم يعيشون في عصر ذهبي مقارنة بالسنوات السابقة التي ميزتها الأزمة الاقتصادية والبطالة والعنف”
وأردفت “كل هذه الصور الإيجابية التي تركها لولا دا سيلفا في أذهان البرازيليين جعلتهم يعتقدون بأنه في حال رجع إلى السلطة، سيعود معه النمو الاقتصادي وتزدهر البلاد من جديد ويقضي على البطالة وسيعيد البرازيل إلى المكانة الرفيعة التي كان يحتلها في السابق بين الأمم، لكن في الحقيقة هذه الرؤية هي نظرة ساذجة للواقع”.
عملية شد وجذب بين القضاء وحزب العمال البرازيلي
من جانبه، أضاف خوسيه أوغستو غيون أبوكيرك وهو أستاذ في العلاقات الدولية في جامعة ساو باولو البرازيلية في تصريح لوكالة “فرانس برس” أن “لولا دا سيلفا يسيطر على الساحة السياسية البرازيلية منذ 20 سنة” وأنه “في حال لم يترشح لخوض غمار الانتخابات، فالناخبون لن يتوجهوا بدورهم بكثافة إلى مراكز التصويت في أكتوبر/تشرين الأول المقبل”.
هذا ويسعى حزب العمال الذي ينتمي إليه الرئيس البرازيلي السابق إلى تعبئة المناضلين وتوعية البرازيليين البسطاء الذين استفادوا من حكم لولا لمساندته ودعمه. فيما رفع نفس الحزب، الذي قال بأنه تمسك بلولا دا سيلفا (72 سنة) كمرشح له، شعارا مفاده “نعم للولا دا سيلفا رئيسا لكي يستعيد البرازيل فرحته”. من جهته، شكر لولا حزب العمال وقال في رسالة تمت تلاوتها في مؤتمر عقده الحزب في ساو باولو إن “البرازيل بحاجة إلى استعادة الديمقراطية”.
عودة على الأحداث التي أدت إلى إدانة لولا دا سيلفا بالفساد وغسل الأموال
لكن يبدو أن الطريق من أجل الجلوس على كرسي الرئاسة من جديد ليس بالأمر الهين، خاصة وأن القانون البرازيلي واضح جدا في هذا الشأن. فهو ينص على عدم أهلية أي شخص، حكم عليه في الاستئناف، للترشح في الانتخابات الرئاسية، وهي الحالة التي يتواجد فيها السجين لولا دا سيلفا. فيما تحولت القضية إلى عملية شد وجذب بين القضاء البرازيلي وحزب العمال الذي يتهم العدالة بمحاولة “إلغاء حق الشعب في اختيار الرئيس” وبـ”خلق ديمقراطية من دون الشعب”.
العدالة هي الفاصلة الوحيدة والأخيرة في هذا الملف
وإلى ذلك، يعتبر نفس الحزب أن “الإجراءات القضائية ما هي إلا مناورة من قبل اليمين المتطرف لإبعاد لولا اليساري من السباق الرئاسي”. ويتشاطر لولا دا سيلفا هذا الرأي، وسبق وأن عبر في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في منتصف شهر أغسطس/آب الحالي، وكتب لولا: “سجني كان أحدث مرحلة في انقلاب يجري بالحركة البطيئة، يهدف إلى تهميش دائم للأصوات التقدمية في البرازيل .”وأضاف “مع كل استطلاعات الرأي التي تظهر أنني سأفوز بسهولة في انتخابات أكتوبر، يسعى الجناح اليميني المتطرف فيالبرازيل لإبعادي عن السباق”.
هذا، وقضت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة الجمعة 17 أغسطس/آب بعدم جواز استبعاد الزعيم البرازيلي المسجون لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من المشاركة في الانتخابات الرئاسية بسبب عدم البت حتى الآن بالاستئنافات القانونية التي قدمها أمام القضاء .فيما طلبت اللجنة في بيانها من البرازيل “اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان تمتع لولا بكامل حقوقه السياسية وممارستها خلال وجوده في السجن كمرشح للانتخابات الرئاسية عام 2018”.
وستأتي بلا شك الأيام القليلة المقبلة بجديد حول قضية مشاركة الرئيس البرازيلي السابق في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وإلى أن تتضح الصورة يبقى الصراع بين أنصار اليمين المتطرف وحزب العمال على أشده. الأول يتهم لولا بمحاولة إعادة البرازيل إلى زمن الحرب الباردة فيما يشدد الثاني على ضرورة أن تحترم إرادة أغلبية المواطنين التي يبدو أنها تريد عودة “أبا الفقراء” إلى سدة الحكم. فبين رؤية وأخرى، تبقى العدالة الفاصلة الوحيدة والأخيرة في هذا الملف الشائك.
19- زعيم اليمين الفرنسي يقول إن “الهجرة الكثيفة خطر ثقافي على الحضارة الأوروبية”
قال لوران فوكييه زعيم حزب “الجمهوريون” الفرنسي اليميني الأحد إن “الهجرة الكثيفة باتت اليوم خطرا ثقافيا على حضارتنا الأوروبية” في خطاب ألقاه أمام المئات من أنصاره في منطقة “هوت لوار” في الوسط الشرقي للبلاد. واعتبر فوكييه أنه يجب عدم “السماح بدخول البواخر الإنسانية إلى المرافئ الأوروبية”.
اعتبر زعيم اليمين الفرنسي لوران فوكييه اليوم الأحد أن “الهجرة الكثيفة خطر ثقافي على الحضارة الأوروبية”، وأن الفرنسيين يرفضون “أن يصبحوا أجانب في بلدهم نفسه”.
وقال زعيم حزب “الجمهوريون” أمام نحو1500 شخص من أنصار الحزب في منطقة “هوت لوار” في الوسط الشرقي الفرنسي “كيف يمكن ألا يفهم البعض أننا وصلنا إلى أقصى قدراتنا في مجال الاندماج، وأن هذه الهجرة الكثيفة باتت اليوم خطرا ثقافيا على حضارتنا الأوروبية؟”.
وتابع زعيم اليمين وسط التصفيق الحاد “أن الفرنسيين يرفضون أن يصبحوا أجانب داخل بلدهم نفسه”. وصرح فوكييه أيضا “علينا ألا نسمح بعد اليوم بدخول هذه البواخر الإنسانية إلى المرافئ الأوروبية”.
ومني حزب “الجمهوريون” اليميني بهزيمة كبيرة خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة في2017 ويسعى اليوم لجعل مسألة الهجرة في قلب حملته استعدادا للانتخابات الأوروبية المقررة في أيار/مايو المقبل.
كما واجه الحزب أزمة في حزيران/يونيو مع إقالة فوكييه المسؤولة الثانية في حزبه فيرجيني كالميل، وذلك بعد أن اتهمته بالتفرد في اتخاذ القرارات وعدم توحيد صفوف الحزب الذي لا يزال تحت وقع صدمة الهزيمة المدوية بالانتخابات الرئاسية في أيار/مايو 2017.
وتراجعت شعبية فوكييه (43 عاما) منذ ذلك الحين، كما يتعرض نهجه المتشدد لانتقادات داخلية. وانتقد أعضاء في الحزب وبينهم أفراد في القيادة التي شكلها فوكييه نفسه، تفرد زعيمهم بالقرار وغيابه عن الإعلام.كما يتهم زعيم اليمين بتبني شعارات ومواضيع اليمين المتطرف، ما أثار استياء حتى داخل حزبه.
في سياق متصل، شنت العديد من الأحزاب حملات على سياسية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع استئناف النشاط السياسي في البلاد إثر إنتهاء العطلة الصيفية.
وكان زعيم اليسار الراديكالي ورئيس حزب “فرنسا الأبية”جان لوك ميلانشون قد دعا الفرنسيين إلى “توجيه صفعة ديمقراطية” لماكرون خلال الانتخابات الأوروبية ربيع العام المقبل.