غلب الطابع الهزلي وحالة الترقب على الأسبوع الأول من سباق انتخابات الرئاسة المقررة بالجزائر في 18 أبريل القادم، بعد تصدر المشهد مترشحون وصفوا بـ”غريبي الأطوار” بدل البرامج.
والتهبت منصات التواصل الاجتماعي في الجزائر بفيديوهات وتصريحات غريبة لشخصيات تعتزم الترشح للرئاسيات المقبلة، بعد أن تحولوا لمصدر للتنكيت والسخرية.
وفي 18 يناير الجاري، حدد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، 18 أبريل المقبل، موعدا للانتخابات الرئاسية.
مغمورون يغزون مقر الداخلية
وإلى غاية 26 يناير الجاري، فاق عدد الذين قدموا طلبا للترشح للرئاسيات، 100 طلب أغلبهم من المستقلين، حسب وزارة الداخلية.
وينهي بوتفليقة (81 سنة) الذي يحكم الجزائر منذ 1999، ولايته الرابعة في أبريل المقبل، لكنه لم يعلن حتى الآن ما إذا كان سيترشح لولاية رئاسية خامسة، كما لم يرد على دعوات مؤيديه للاستمرار في الحكم.
ووفق المادة (140) من القانون الانتخابي ما زال أمام الرئيس الجزائري مهلة 45 يوما، بدأت الجمعة 18 يناير، لإعلان ترشحه من عدمه، علما أن بوتفليقة، دأب منذ توليه الحكم على الإفصاح عن قراره في آخر لحظة من مهلة تقديم ملفات الترشح.
وفي حال قرر بوتفليقة دخول السباق للظفر بولاية خامسة، فإن هذه الانتخابات ستكون بإجماع من المراقبين “محسومة سلفا” لصالحه، كونه يحظى بدعم أكبر أحزاب ومنظمات البلاد.
وتنتظر شخصيات بارزة في البلاد موقف الرئيس من السباق من أجل حسم موقفها من المشاركة فيه، حيث اقتصرت إعلانات الترشح لحد الآن على شخصيات مغمورة.
وباستثناء ذلك، تقدم للسباق عبد العزيز بلعيد، رئيس حزب جبهة المستقبل، الذي ترشح في 2014، كما أعلنت حركتا مجتمع السلم، والبناء الوطني (إسلاميتان) ترشح رئيسيهما على التوالي عبد الرزاق مقري، وعبد القادر بن قرينة.
وأعلن رئيس الحكومة السابق ومرشح رئاسيات 2004 و2014، علي بن فليس، تقدمه لاستحقاق أبريل المقبل، إضافة للجنرال المتقاعد علي غديري.
كما أعلن رئيس حزب “عهد 54″، علي فوزي رباعين، رغبته في الترشح وقام بسحب الاستمارات للمرة الرابعة على التوالي، ليحطم بذلك الرقم القياسي في عدد مرات التقدم نحو السباق الرئاسي.
ويشترط قانون الانتخابات الجزائري حصول المترشح للرئاسيات على 60 ألف توقيع لمواطنين عبر 25 ولاية (من إجمالي 48) على الأقل، أو 600 توقيع لمنتخبين محليين في البلديات والولايات أو في البرلمان بغرفتيه.
ومع شروع الراغبين في سحب استمارات التوقيعات من مقر وزارة الداخلية بالعاصمة، ظهرت مواقف غريبة وتصريحات غير مسبوقة للمترشحين.
مرشح حاول الإطاحة بترمب وآخر ينزل عليه الوحي
والتهبت مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر على مر الأيام الماضية بمواقف المترشحين الغريبة، وتصريحاتهم التي أدهشت رواد الشبكات الاجتماعية والمواطنين على حد سواء.
واصطفت عدسات الكاميرات لمختلف القنوات التلفزيونية الخاصة، أمام مقر وزارة الداخلية، بالعاصمة، لنقل تصريحات الراغبين في دخول السباق نحو القصر الرئاسي المعروف بـ “المرادية”.
كما خصصت مختلف وسائل الإعلام المحلية، حيزا هاما لتصريحات المتقدمين للترشح للرئاسيات وعالجتها في طابع كوميدي ساخر.
وعلق موقع “كل شيء عن الجزائر”، في نسخته الناطقة بالفرنسية على الظاهرة، بـ”من هؤلاء المترشحون غريبو الأطوار”.
وذكر المقال بأن مقر وزارة الداخلية، بالعاصمة، عرف توافد العشرات من الراغبين في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية لكن اللافت أن لا أحد يعرف هؤلاء المترشحين.
ومن التصريحات التي تم مشاركتها على نطاق واسع، قول أحد المترشحين: إن الجزائر هي قلب العالم، وسيجعلها أقوى من أمريكا، مشيرا إلى أنه مهندس ولديه مشروع لصناعة طائرة ذات أجنحة من طين.
كما فاجأ أحد الراغبين في الترشح ويدعى السعيد عمامرة، عدسات الكاميرات، بقوله إنه رئيس مجلس الأمن العالمي، ومعنى ذلك قائد القوات العالمية.
وزعم أنه في يناير 2017، نظمت مظاهرة لصالحه في الولايات المتحدة، طالبت بتنحية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وتنصيبه (السعيد عمامرة) رئيسا للولايات المتحدة.
أوضح عمامرة أنه لن ينشط حملة انتخابية وإنما ينشطها المواطنون الجزائريون لصالحه.
وقال عسكري متقاعد بعد سحبه استمارات التوقيعات من مقر وزارة الداخلية، أنه لو نجح في الانتخابات “سيقيم وعدة (وليمة) لكامل الشعب الجزائري عبر محافظات البلاد الـ48”.
وزعم أحد الراغبين في الترشح لمنصب رئيس الجزائر، بأن الوحي ينزل عليه في كل مرة، ويترجم ذلك في مقترحات يقدمها لرئاسة الجمهورية، كونه على تواصل دائم مع الرئيس، وتقوم الرئاسة بتطبيقها على أرض الواقع.
واصطحب واحد من المترشحين غريبي الأطوار، كامل أفراد عائلته إلى مقر وزارة الداخلية، بمن فيهم الأطفال الصغار، وصرح للصحفيين، أنه لأول مرة تترشح عائلة بكاملها للانتخابات الرئاسية وسط دهشة الحاضرين.
رغبة في الظهور
وعلق حفيظ دراجي، الإعلامي الرياضي الجزائري المقيم بقطر، على الظاهرة بالقول: إن التغطية الفلكلورية لعملية سحب استمارات الترشح للرئاسيات فيها “استهبال مبرمج”.
وذكر دراجي، في تغريدة له على شبكة “تويتر”، أن الظاهرة “فيها تشويه لسمعة البلاد وشعبها، مقابل تلميع صورة فخامته (الرئيس عبد العزيز بوتفليقة) من خلال إبراز النماذج السيئة لترسيخ فكرة أنه لا بديل لبوتفليقة”.
ويرى أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر عبد العالي رزاقي، أن ظاهرة المترشحين غريبي الأطوار، دافعها غرائز داخلية في هؤلاء الأشخاص، بغية تحقيق الشهرة والظهور إعلاميا.
وذكر رزاقي، في حديث لـ”الأناضول”، أن ظاهرة التصريحات الغريبة ممن يعتزمون الترشح للرئاسيات سببها رغبة هؤلاء في الظهور إعلاميا وخاصة عبر صفحات التواصل الاجتماعي، بعد أن عجزوا عنها في الحياة السياسية.
ووفق رزاقي، فإن الغرائز الداخلية لهؤلاء للظهور إعلاميا دفعتهم للتوجه إلى مقر وزارة الداخلية، خصوصا مع علمهم بتواجد كاميرات التلفزيونات لتغطية عملية سحب استمارات الترشح.
واستبعد رزاقي، الطرح القائل بأن الظاهرة متعمدة من طرف السلطة لتقديم الرئيس بوتفليقة، رغم مرضه كأحسن من المترشحين جميعا.
وختم بالقول: “الرئيس بوتفليقة مستبعد جداً أن يترشح، بالنظر لوضعه الصحي”.