– صبري: كان يوماً صعباً على المسجد الأقصى وعلى المصلين
– أبو وردة: مشاهد انتفاضة الأقصى كانت مؤلمة وقاسية فالاحتلال استخدم الطيران من طائرات “أف 16″ و”الأباتشي” والدبابات
في الذكرى الـ19 لانتفاضة الأقصى التي بدأت بتدنيس المسجد الأقصى من قبل رئيس وزراء الاحتلال الأسبق أريئيل شارون ومعه قرابة 3 آلاف شرطي، وانتهت باحتلال المدن بقرار من شارون من خلال عملية “السور الواقي” بعد عملية فدائية في نتانيا والقمة العربية كانت منعقدة في بيروت.
الفلسطينيون حفروا مشاهد هذه الانتفاضة ببطش الاحتلال لهم ودخول الدبابات إلى شوارع المدن والأحياء، وما زالت جنازير الدبابات محفورة على حجارة الأرصفة، توثق مرحلة خطيرة من الانتهاك الجماعي للفلسطينيين.
تدنيس الأقصى
يستذكر رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى د. عكرمة صبري بداية التدنيس قائلاً: كان يوماً صعباً على المسجد الأقصى وعلى المصلين، فهو يشبه يوم احتلال القدس عام 1967م، وأراد شارون وزمرته أن يظهروا عضلاتهم عل المسجد الأقصى وأنه جبل الهيكل المزعوم، وانتفض المصلون بوجه شارون وسالت الدماء وارتقى الشهداء وبدأت مرحلة خطيرة من الصراع، وانتفض الشعب الفلسطيني في كل مواقعه دون استثناء، وكانت آلة البطش الاحتلالية تبطش بكل أبناء الشعب الفلسطيني، وتغول الاحتلال في المسجد الأقصى، ونشطت الجمعيات الاستيطانية وجماعات الهيكل في التحريض على المسجد الأقصى.
وأضاف: ولكن قوة وإرادة أهل القدس والداخل وأهالي الضفة والقطاع كانت لهم بالمرصاد ولمخططاتهم، فتم الدفاع عن المسجد الأقصى، وأفشلت مخططاتهم بالرغم من العدوان المستمر حتى الآن، فقد أفشل المقدسيون ومن معهم مشروع البوابات في هبة الأسباط، وفتح مبنى باب الرحمة المغلق منذ عام 2003م، واستمرت حملات شد الرحال، وفي كل رمضان تزاد أعداد الوافدين بالرغم من تضييقات الاحتلال على المصلين والفحص الأمني المرعب لهم.
اقتحام جزئي
في البداية، كان هناك اقتحام جزئي للمدن من خلال تواجد الدبابات على تخومها، وإطلاق النار من مدافعها الرشاشة، وفي بعض الأحيان إطلاق القذائف على المناطق القريبة منها.
وقال عبدالكريم جعيدي (67 عاماً): كانت الدبابات قريبة من منازلنا، وكنا لا نعرف طعم النوم، وكانت الأوضاع في الليل في غاية الرعب، فأصوات الرصاص لا تتوقف، وكنا ننتظر اقتحام الدبابات في أي لحظة، وكان حي النقار في مرمى الدبابات التي كانت لا تتوقف عن إطلاق النيران من الرشاشات التي يتحكم بها الجنود من داخل الدبابة.
عائلة الصوي ونوفل
قال الحاج أبو صالح صوي (75 عاماً)، والد الشهداء والأسرى من قلقيلية: في انتفاضة الأقصى كان منزلي هدفاً لقوات الاحتلال والدبابات، ففي إحدى الليالي دخلت الدبابات وأحاطت بالمنزل، ونزل منها قوات خاصة اقتحمت علينا المنزل، وتحت تهديد السلاح اعتقلوا ابني موسى، وإبراهيم، واستشهد جارنا الذي حاول أن يهرب منهم، فعاجلوه بالرصاص واستشهد على الفور، وأستطيع وصف المنظر بالمرعب، فالرصاص من حولنا يتطاير والجنود ملثمون، والقتل قريب منا، فالجنود أياديهم على الزناد بهدف القتل السريع.
أما عائلة نوفل التي استشهد ابنها الشهيد مصطفى نوفل برصاص الجنود المقتحمين: لقد أطلقوا النار على ابننا الذي حاول أن يهرب منهم خوفاً من بطشهم، إلا أن الرصاص كان يخترق جسده، وقبل أسبوعين استهدفوا جارنا الشهيد عبدالرحمن حماد بقرار من شارون وقتها، فالدبابات كانت تنثر الموت في حي النقار في كل مكان.
مشاهد مؤلمة
ووصف الإعلامي د. أمين أبو وردة مشاهد انتفاضة الأقصى، قائلاً: كانت مؤلمة وقاسية، فالاحتلال استخدم الطيران من طائرات “أف 16″ و”الأباتشي” والدبابات، وهي أدوات تستخدم في معارك بين جيوش وليس مع شعب أعزل، فكل مدينة فلسطينية ذاقت الأمرين، وارتقى الشهداء وتقطعت الطرق بين المدن ولم يعد هناك تواصل بين التجمعات السكنية، واقتحمت المخيمات وانتشرت الجثث في الشوارع، كما جرى في جنين ومخيم بلاطه وفي مناطق مختلفة، واستخدم الاحتلال كل أساليب البطش المحرمة دولياً ضد المدنيين، ولم تكن ليلة تمر عل الفلسطينيين بدون قصف واقتحام الدبابات الضخمة، وارتقاء الشهداء، وقصفت مقرات السلطة الأمنية والمقاطعات بشكل تدميري، وأنهت سلطة الاحتلال كل مظاهر السلطة الفلسطينية، وحاصرت الرئيس ياسر عرفات أكثر من ثلاث سنوات، واستهدفت كل رموز الانتفاضة من كافة الفصائل الفلسطينية، فكانت انتفاضة الأقصى حرباً على الفلسطينيين من قبل جيش مدجج بأعتى الأسلحة.
الرد من قلقيلية
في اليوم التالي لاقتحام شارون للمسجد الأقصى وعند الساعة السابعة صباحاً، قام أحد أفراد الأمن الوطني، وهو الأسير نائل ياسين بفتح النار على جنود الاحتلال الذين كانوا ضمن دورية مشتركة حسب اتفاقية “أوسلو” في منطقة صوفين شرق المدينة وقتل ضابط وجرح بقية أفراد الدورية، واعتقل منفذ عملية إطلاق النار في نابلس بعد اقتحام قوات الاحتلال للمدينة من جميع المحاور.
رموز اغتيلت وأخرى اعتقلت
في انتفاضة الأقصى، رموز اغتيلت بطائرات “الأباتشي”، فالشهيد أبو علي مصطفى، أمين عام الجبهة الشعبية، اغتيل بصواريخ “الأباتشي” وهو داخل مكتبه، واعتقل أحمد سعدات، أمين عام الجبهة الشعبية بعد الشهيد أبو علي مصطفى، واعتقل مروان برغوثي، واغتيل في مدينة نابلس الشهيد جمال منصور، والشهيد جمال سليم، وفي غزة اغتيل الشيخ أحمد ياسين، وعبدالعزيز الرنتيسي، وغيرهم من قيادات العمل الوطني والإسلامي.