انتقل إلى رحمة الله تعالى إمام العمل الخيري بالكويت وقدوة الخيرين العم الدكتور يوسف جاسم الحجي اليوم الأحد الموافق 29-3-2020 عن عمر يناهز 97 عاماً تقريباً، بعد معاناة مع المرض في الآونة الأخيرة.
يقف المرء حائراً أمام بعض الشخصيات الفاضلة الخيرة المعطاءة، تتوه منه الكلمات، فيبحث عنها في بحر.. ماؤه من الذهب، ليقدر هؤلاء حق قدرهم، فهم من صنع التاريخ، وهم من رفع رأس وطنهم عالياً بين الناس. وهناك من رجال الكويت الذين يشهد التاريخ المعاصر مآثرهم، ومن الصعب أن يطويهم النسيان؛ لما سطروا من صفحات بيض في مسيرة التاريخ، ولأنهم رجال تحملوا المسؤولية: مسؤولية الدعوة إلى الله.. وخدمة عباده المؤمنين استحقوا الشكر والتقدير والتكريم.
ومن هؤلاء الرجال العم يوسف جاسم الحجي يرحمه الله الذي حاز جوائز عدة أبرزها جائزة الملك فيصل العالمية في العمل الخيري، وتوالى تكريم الهيئات له بعد ذلك، حتى قال أحد الكتاب المعاصرين عنه: «لا ُيذكر العمل الخيري في الكويت إلا ويتبادر إلى الذهن اسم العم فضيلة الشيخ يوسف جاسم الحجي». الذي يعدّ علم من أعلام الخير في دولة الكويت، وشخصية إسلامية معروفة في شتى أرجاء العالم الإسلامي، مارس العمل الإسلامي الرسمي في نهاية الثمانينات عندما كان وزيراً للأوقاف والشؤون الإسلامية، واليوم يقف على رأس أكبر هيئة خيرية إسلامية عالمية تضم كبار رجال الخير في العالم الإسلامي .
المولد والنشأة :
يقول الدكتور عبد المحسن الجار الله الخرافي: في منزل قرب المدرسة المباركية بالكويت، وبين ستة إخوة ذكور وخمس أخوات، ولد يوسف جاسم الحجي يرحمه الله في الكويت عام 1341هـ (1923م)، وكان والده صاحب دكان في ساحة الصرافين القديمة، يبيع فيه لوازم سكان البادية.
وقتها كان أهل الكويت يعملون في أعمال تتعلق بالبحر مثل الغوص والسفر والقطاعة ونقل المياه. ودخلُ الفرد وقتها كان يسيراً لا يكاد يكفي حاجاته اليومية في ظل حياة صعبة، وكان حاكم الكويت وقتها هو الشيخ أحمد الجابر الذي بذل أقصى جهد؛ حتى يسير بالكويت على الطريق الصحيح، ويعبر بها إلى بر الأمان خلال الأزمة الاقتصادية التي كانت تمر بها البلاد.
نسبه وعائلته :
من بلدة «إسليل» في وادي الدواسر جنوب المملكة العربية السعودية قدم الجد الأول «حجي» – بكسر الحاء – إلى الكويت في منتصف القرن التاسع عشر، ولا تُعرف المهنة التي امتهنها – يرحمه الله – حينما وصل إلى الكويت، ولكن ابنه محمد عمل بحاراً على إحدى السفن الشراعية، وفي رحلة له على إحدى السفن الكويتية التي كانت تحمل التمر من البصرة إلى عدن توفي، وألقي به في البحر العربي بين مسقط وعدن ، مما جعل ولده «جاسم» يقطع على نفسه عهداً بألا يركب البحر، بل ومنع أولاده من العمل فيه.
حياته الاجتماعية :
تزوج عام 1941م، ورزق بسبعة ذكور وثلاث بنات، أكبرهم الدكتور يعقوب يوسف الحجي صاحب المؤلفات المعروفة، والذي يدين له تاريخ السفر بالفضل لما وثق فيه من جميع مشتملاته، وأصغرهم أحمد الذي نال شهادة الدكتوراه في مجال الحقوق، والباقون تخرجوا من الجامعات العربية والأجنبية فكانوا نعم الذرية.
مسيرته التعليمية :
كان جاسم محمد الحجي (والد يوسف) يصطحبه لحضور مجالس العلم لدى بعض علماء الكويت من أمثال الشيخ عبد الوهاب بن عبدالله الفارس. وحفرت هذه المجالس – في ذاكرة العم يوسف الحجي – أهمية تلقي العلم من ينابيعه الصافية، والتزود من المعارف قدر تيسرها للإنسان.
التحق بمدرسة الملا عثمان عبداللطيف العثمان مع إخوانه من العام 1925- 1935م، ثم المدرسة المباركية، وتخرج منها عام 1933م.
وبين عامي 1936م و 1938م تعلم اللغة الإنجليزية والطباعة، بمدرسة الأستاذ هاشم البدر الأهلية.
أبرز الاهتمامات والهوايات :
لخص العم يوسف الحجي رحمه الله اهتماماته في كلمتين اثنتين هما «العمل الخيري»، ذلكم العمل الخيري الذي أحبه، وأجاده في حياته، وهو هوايته التي يرضي بها ربه عز وجل، وينال حب الناس.
أعماله ومسؤولياته:
• بعد تخرج العم يوسف الحجي يرحمه الله من مدرسة هاشم البدر سنة 1938م – وكان عمره 15 عاماً – سافر إلى السعودية 1938-1941فعمل في شركة أمريكية للتنقيب عن البترول بوظيفة كاتب دوام في شركة «أرامكو» بالسعودية لعدة سنوات
ورجع إلى الكويت عام 1942م، ليعمل بالأعمال الحرة لمدة عام واحد، ثم بدأ يتجه إلى سلك التوظيف الحكومي. فعين موظفاً بوزارة الصحة عام 1944م في قسم المستودعات الطبية، مسؤولاً عن مخزن الأدوية وبقي حتى عام 1960م .
• 1960-1962 عين مديراً للنقليات والمشتريات في وزارة الصحة
• ثم تدرج في المناصب بالوزارة، وقد صار وكيلاً لوزارة الصحة من عام 1963م إلى عام 1970م.
• واختير وزيراً للأوقاف والشؤون الإسلامية من عام 1976م، وظل بها خمس سنوات حتى عام 1981م.
جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت :
وهو عضو في جمعية الإصلاح الاجتماعي منذ تأسيسها، ثم تولى رئاسة مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي لمدة عام واحد في الدورة الأولى من22 أكتوبر عام 1967م، حتى 15 أكتوبر 1968م، ولمدة عامين في الدورة الثانية من25 سبتمبر عام 1973م، حتى عام 1975م.
وقد رشحته سمعته الطيبة لتولي موقع المسؤولية وعضوية العديد من الهيئات الإسلامية والبنوك والهيئات التطوعية، مثل :
1-جمعية الهلال الأحمر الكويتية .
2- وهو عضو في مجالس إدارة في الجامعات الإسلامية ( أوغندا – النيجر – إسلام أباد)
3- والجامعة الإسلامية في «شيتا جونج»
5- وعضو مجلس إدارة في بنك دبي الإسلامي .
• عضو في المجلس الأعلى للمساجد في رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة
6- ونائب رئيس المجلس الأعلى للدعوة والإغاثة في مصر حتى 2010م .
7- وعضو رابطة العالم الإسلامي .
8-واللجنة الكويتية المشتركة للإغاثة .
9-ورئيس جمعية الشيخ عبد الله النوري الخيرية… وغيرها.
• رئيس اللجنة الكويتية المشتركة للإغاثة
رئاسته للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية:
ترأس العم يوسف الحجي يرحمه الله الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية منذ إنشائها في 1404هـ (1984م) ، واختير بالإجماع رئيساً لمجلس إدارتها منذ تأسيسها، وإعلانها بالمرسوم الأميري، بقانون رقم 64 لعام 1986م، وكان ذلك عقب مؤتمر المصارف الإسلامية في الكويت الذي دعا خلاله الدكتور يوسف القرضاوي لجمع مليار دولار لدعم المسلمين في مواجهة ثالوث الخطر: الجهل والفقر والمرض، رداً على جمع النصارى مبلغ مليار دولار في مؤتمر كولورادو الشهير للإنفاق على الأنشطة التنصيرية.
وعن مشاركاته الإنسانية وجهوده في المجال الخيري كان العم يوسف الحجي يرحمه الله يرفض ذكرها، وهي – ولله الحمد – واضحة لكل ذي عينين.
فقد حصلت الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية على عضوية الأمم المتحدة، بفضل الله تعالى ثم بفضل الجهود الواعية للعم يوسف الحجي.
وساهمت مع منظمات دولية كبرى مثل اليونسكو، والاسيسكو، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، ومنظمة العمل العالمية، ومنظمة الصحة العالمية، وبالتنسيق كذلك مع الهيئات والمؤسسات الإسلامية في العالم الإسلامي، في حل مشكلات كثير من المسلمين، ومد يد العون لهم.
الجوائز وشهادات التقدير :
حصل العم يوسف الحجي يرحمه الله على الدكتوراه الفخرية من جامعة أوغندا الإسلامية.
وحصل أيضاً على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 2006م، مناصفة مع الشيخ صالح الحصين رئيس شؤون الحرمين الشريفين، ورئيس مركز الحوار الوطني في المملكة العربية السعودية.
قصته مع بيت التمويل الكويتي :
اجتمعت الجهود المخلصة من الشخصيات والهيئات المتعددة في الكويت على إنشاء بنك إسلامي، وكانت التجربة ماثلة أمامهم في بنك دبي الإسلامي وعدة بنوك أخرى في ماليزيا وباكستان، وشارك الكثيرون في إنجاح هذه التجربة بداية من د. عيسى عبده – الأب الروحي – للفكرة تنظيراً وتطبيقاً، وعبدالرحمن العتيقي وزير المالية آنذاك، وكانت وزارة الأوقاف تحت قياده العم يوسف الحجي، الذي كان ركناً أساسياً في إنشاء بيتك والمساهمة في رأس ماله، ممثلاً عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت.
ويتحدث العم أبو مجبل (أحمد بزيع الياسين)، والسيد بدر المخيزيم عن دوره في تأسيس بيت التمويل قائلين: «لما أردنا تأسيس بنك إسلامي، وعلمنا أن هذا من الأمور بعيدة المنال، فكرنا في إنشاء شركة الاستثمارات العامة، وذهبت أنا ويوسف الحجي إلى الوزير المعين، الذي كان يمانع، حتى استمرت المحاولات لعدة أشهر.
حتى وصلنا خبر أن عبد الرحمن العتيقي صار وزيراً للمالية، وأن الدولة ستقوم بإنشاء بنك إسلامي، فتوقفنا عن تقديم الطلب لإنشاء هذه الشركة.
وهيأ الله بعد ذلك أن يكون يوسف الحجي وزيراً للأوقاف، ويوافق على مساهمة الوزارة في تأسيس بيت التمويل الكويتي، بل وساهم في تذليل أي عقبة واجهت إنشاءه.
أهمية المصارف الإسلامية للشركات الصغيرة والكبيرة :
يقول العم يوسف الحجي يرحمه الله «نحمد الله على نجاح فكرة الاقتصاد الإسلامي، وإنشائها في عدة مناطق في العالم، خصوصاً في أوروبا، وهذا من توفيق الله سبحانه». ويشد العم يوسف الحجي على أيدي المسلمين أن يصححوا معاملاتهم بواسطة الاقتصاد الإسلامي، وأن يساهموا في تحويل كل المصارف إلى إسلامية بصورة كاملة شاملة. ويوضح حفظه الله أن «بيتك» قد قطع شوطاً كبيراً على المستوى المحلي، سواء في ذاته أو بواسطة أولئك الذين تخرجوا في مدرسته، وأسسوا شركات مساهمة لا تتعامل بالربا، وهذا مكسب عظيم لفكرة العمل الاقتصادي الإسلامي، والأمل قائم في أن تتعامل المؤسسات المالية الصناعية والتجارية كلها في بلدنا الحبيب مع البنوك الإسلامية.
يؤكد العم يوسف الحجي يرحمه الله أن المصارف الإسلامية تحقق للشركات والمؤسسات الصغيرة والكبيرة على حد سواء أمرين في غاية الأهمية: الأول اطمئنان نفوسهم، وارتياح قلوبهم بأن أموالهم وأرباحهم من الحلال الطيب، والأمر الثاني نمو أموالهم وزيادتها، مع البعد عن الربا ومشاكله الكثيرة ومهالكه.
مواصلة العمل الخيري :
ورغم حالته الصحية الحرجة، وظروف السن، نائب رئيس المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة الشيخ يوسف الحجي ـ متحدثا إلى ” مداد ” في 11 مارس 2009 – 14 ربيع الأول 1430 هـ :
( أكد حرصه على مواصلة دوره الإنساني لخدمة الإسلام كان الدافع إلى قطع المسافات من الكويت إلى القاهرة للمشاركة في المؤتمر الدولي السنوي الحادي والعشرين، الذي نظمته وزارة الأوقاف المصرية، حول “تجديد الفكر الإسلامي “، خلال الفترة من 5 ـ 8 مارس 2009.
إنه “إمام العمل الخيري بالكويت “، الذي مارس كل أشكال العمل الخيري، ومجدد شباب الدعوة في شقها الخيري، والحاصل على العديد من الأوسمة والجوائز الدولية لأعماله الخيرية، أبرزها جائزة الملك فيصل في خدمة الإسلام.. إنه نائب رئيس المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، ورئيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، يوسف جاسم الحجي، الذي التقاه ” مداد ” خلال مشاركته في المؤتمر.
في بداية حديثه حرص الحجي على ضرورة الدعم الإغاثي العاجل والسريع للمحاصرين في عزة، والمشردين في دارفور، وكل المحتاجين في العالم من ضحايا الكوارث والحروب والنزاعات. مناشدا الجمعيات والمؤسسات العاملة في مجال الإغاثة إلى الإسراع في إرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية للقيام بدورها الإنساني دون أية اعتبارات طائفية، أو عرقية، أو عنصرية، و توفير الحاجات الرئيسية للمجتمعات الفقيرة ـ كالطعام والشراب والخدمات الصحية والتعليمية ـ، مؤكداً قيام الهيئة بتقديم المساهمات التنموية للمجتمعات الفقيرة من خلال المشاريع التنموية الإنتاجية، والتنسيق مع الجهات والمنظمات الخيرية الإنسانية ذات الاهتمامات المشتركة؛ لإغاثة المحتاجين، وزيادة الوعي بالممارسات التطوعية وأعمال البر والخير.
لا لتَسيُّس العمل الخيري :
وحول تسيُّس العمل الخيري على خلفية الجدل الدولي حالياً داخل أروقة الأمم المتحدة، بعد طرد الحكومة السودانية عدداً من منظمات الإغاثة بدارفور، قال الحجي إنه ضد ” تسيُّس ” العمل الخيري في أي مكان، أو استغلال جهة ما المؤسسات الإغاثية كأوراق ضغط لتنفيذ أجندة سياسية معينة. مشيرا إلى أنه من أهم مبادئ الهيئة هو البعد عن السياسة؛ لأن العمل الخيري أرفع وأرقى من المصالح والأهداف السياسية الضيقة. وقال: ” إن الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية تقوم بمساعدة المحتاجين أينما كانوا من خلال إغاثة ضحايا الحروب والكوارث والمجاعات ونحوها، وتقديم المأوى للمشردين، والطعام والشراب للجائعين، والملبس للمحتاجين، والعلاج والدواء للمرضى، ورعاية الأيتام والأطفال المحرومين، وابتكار حلول جذرية للقضاء على الفقر، وتمكين المجتمعات الفقيرة من استغلال مواردها وتحسين أوضاعها، وتحويلها من مجتمعات استهلاكية إلى مجتمعات منتجة مستقلة، وصولاً إلى تحقيق التعايش والتكافل بين المجتمعات الإنسانية.
وحول الأهداف وراء مبادرة الهيئة بإنشاء مركز الدراسات الخيرية، أرجع الحجي قيام الهيئة افتتاح المركز بأنه تحرك بات ضروريا لتأصيل العمل الخيري عالميا، بعيدا عن الفوضوية والعفوية التي تضر أحيانا بالعمل الخيري في ظل حصار خانق أمام ذلك الجهد الإنساني النبيل عقب أحداث سبتمبر. وأكد أهمية البحث العلمي في الارتقاء بالعمل الخيري من خلال الاستفادة من خبرات المجتمعات المتقدمة في هذا المجال، التي تقيم معاهد الأبحاث، والمراكز التعليمية، والكليات، والجامعات، والبرامج، والمقررات، والدرجات العلمية في مجال الأعمال الخيرية والأنشطة غير الربحية. راجياً أن يكون إنشاء المركز بالكويت مقدمة للتوسع في إنشاء مثل هذه المراكز التي تقوم بتعريف وتدريب العاملين في المنظمات الخيرية بالممارسات الحديثة المتطورة للعمل الخيري ـ نظريا وعمليا ـ وتطوير الأنظمة والممارسات للأعمال الخيرية التطوعية بما يتفق مع ثقافات وظروف واحتياجات الشعوب النامية.
خدمة الإنسانية دون معايير طائفية :
وحول الخدمات العلمية التي يمكن أن يقدمها مركز الدراسات الخيرية التابع للهيئة، قال الحجي: ” إن المركز يقوم بتقديم الدعم المستمر للمتطوعين والعاملين في قطاعات العمل الخيري، من خلال تنظيم المحاضرات، والمؤتمرات، والدورات التعليمية والتدريبية لضوابط الأنشطة الخيرية، وممارسات تنمية الموارد، وتنظيم الدراسات والبرامج التدريبية للعاملين في تنمية الموارد وسائر الأنشطة الخيرية، وإجراء البحوث العلمية والدراسات والإحصائيات المتعلقة بالعمل الخيري والتطوعي، بجانب مساعدة الهيئات الخيرية على إدارة أنشطتها بكفاءة عالية عن طريق إيجاد الحلول لمشاكلها عبر دراسات أكاديمية، وبحوث تطبيقية. كما يقوم المركز بدعم ممارسات وتقاليد العمل الخيري، وزيادة الوعي العام والفهم، والحث على المشاركة في العمليات الخيرية بما يكفل توفير الدعم التطوعي للهيئات الخيرية، بالإضافة إلى نشاط المركز في نشر المجلات المتخصصة والدوريات والكتيبات والكتب المتعلقة بالأنشطة الخيرية، و التعاون مع مراكز الأبحاث والمعاهد والكليات ذات الاهتمامات المشتركة في العالم، و تطوير بعض المناهج الخاصة بالدراسات الخيرية للكليات والجامعات؛ لإعداد المتخصصين في العمل الخيري، و إنشاء معاهد أو كليات متخصصة في مجال العمل الخيري”.
وعن إشكالية التطوير لأنشطة الهيئة بغرض تكييف أنشطتها الخيرية مع نص وروح الشارع الكريم، قال الحجي: ” إن الهيئة استحدثت هيئة للفتوى والتشريع؛ لبيان الرأي الشرعي في القضايا ذات العلاقة بمشاريع وبرامج ووقفيات الهيئة، كما شكلت لجنة لوضع استراتيجية متكاملة للهيئة خلال الخمس السنوات المقبلة، وبلورة تصور متكامل للخطط التشغيلية، مع مراعاة المتغيرات والتطورات التي طرأت على العمل الخيري محلياً وإقليمياً وعالمياً، كما تسعى الهيئة إلى تطبيق شعارها الطموح ” ابْنِ مدرسة تحيي أمة”. مشيراً إلى أن هيئة الإغاثة الخيرية الإسلامية تعمل على توفير الدواء والغذاء والكساء للمسلمين المتضررين من الكوارث على الخريطة الدولية، من خلال خطة تنسيقية متكاملة، وتوفير كل أساليب الرعاية، والاتفاق على إنشاء مخزون استراتيجي من مواد الإغاثة الأساسية، وفي مقدمتها: الغذاء، والدواء، والكساء، ومستلزمات الإيواء.
6 آلاف مشروع خيري :
وأكد الحجي تعاون الهيئة مع مختلف الجهات المعنية بنشر الدعوة الإسلامية في كافة أنحاء العالم، في سياق حرص الهيئة على التفاعل مع قضايا العالم الإسلامي، والإسهام بشكل فاعل في حل الكثير من المشاكل التي يعاني منها، وتقديم كافة وسائل الدعم والمساعدة لمواجهة نتائج الكوارث الطبيعية أو الحروب الأهلية وغيرها. وقال: ” إن الهيئة تشرف على أكثر من ستة آلاف مشروع خيري إنساني في جميع أنحاء الدول الإسلامية وبلدان الأقليات المسلمة. وإنها تبنت خيارا استراتيجيا في أعمالها الإغاثية والإنسانية؛ حيث رفعت شعار « معاً.. لا يعود السائل إلى السؤال»، بتبني مشاريع تنموية وإنتاجية في المجتمعات الفقيرة؛ لتحويل المحتاج إلى عنصر منتج يستطيع الاعتماد على نفسه”. وأشار إلى أن الهيئة أعطت البعد الإقليمي الإسلامي بعدا خاصا في العمل الخيري؛ فأنشأت العديد من اللجان الإقليمية المتخصصة، و لم تغفل حاجات المحتاجين داخل الكويت، فقدمت الدعم لكثير من المشاريع الصحية والتوعوية والإعلامية، كما أنها تقدم الكثير من المساعدات للأسر المحتاجة والمتعففة.
وحول البعد الدولي في نشاط الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، أكد الحجي أن الهيئة حققت الشيء الكثير من عضويتها في الأمم المتحدة، وشاركت في كل المؤتمرات والفعاليات العالمية، ولم تغب عن الأحداث العالمية في المجالات الخيرية، وخاصة في مجال غوث اللاجئين، واستفادت من تجارب الآخرين من خلال مشاركتها في اجتماعات معظم هذه المنظمات، وخاصة الاجتماعات الدورية لليونسكو والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، والاجتماعات التنسيقية مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد). كما أقامت علاقات وثيقة مع منظمة اليونسكو، و منظمة العمل الدولية، و المفوضية العليا للاجئين، و المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة.
وإلى ذلك، تعد الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية هيئة مستقلة عالمية، متعددة الأنشطة، تقدم خدماتها الإنسانية للبؤساء والمحتاجين في العالم دون تمييز أو تعصب، بعيدا عن التدخل في السياسة أو الصراعات العرقية. وتشمل أنشطتها النواحي الاقتصادية والصحية والتعليمية والثقافية و الاجتماعية، بالإضافة إلى الأعمال الإغاثية، حيث تأسست الهيئة لمواجهة الحاجات المتزايدة للمجتمعات الفقيرة، خاصة في العالم الإسلامي؛ حيث يعاني الكثير من المسلمين في العالم من ظروف قاسية وأزمات متعددة مرتبطة بالمرض والفقر والأمية والبطالة، وكان الهدف الرئيس من إنشائها مساعدة هذه المجتمعات الفقيرة على حل أزماتها واستقلال مواردها؛ لتتمكن من العيش بكرامة تليق بإنسانيتها.
مقابلاته :
وقد أجريت معه عدة مقابلات صحفية شرح فيها دور الهيئة في العمل الخيري وتناول فيها عدة موضوعات، منها :
1-وتحت عنوان : العم يوسف جاسم الحجي.. إمام العمل الخيري.. وقدوة الخيرين بالكويت
كتب ( د. أحمد بوسيدو) بتاريخ 24 سبتمبر 2017 م :
( التقيت بالأخ العزيز الدكتور عادل الفلاح بناء على طلبه ومن دون سابق معرفة، وكان ذلك قبل شهرين أو أكثر من حلول شهر رمضان المبارك 1404هجري 1984 ميلادي.
وكان ذلك بمناسبة تسلمه إدارة العلاقات العامة والإعلام بالهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وقد طلبني لأكون مستشاراً إعلامياً للهيئة في ذلك التاريخ، ولوضع خطة إعلامية للهيئة خلال شهر رمضان المبارك.
وبالفعل تم وضع خطة الحملة الإعلامية للهيئة الخيرية، ومن ضمن اقتراحاتي كان طلب إحضار المرحوم العلامة الشيخ أحمد ديدات ورفع الدكتور خطة وفكرة استقبال الشيخ ديدات إلى رئيس الهيئة الخيرية الشيخ يوسف جاسم الحجي، لكن مدير مكتب أبو يعقوب أخبرنا أن العم يوسف رفض الاقتراح.
وقد طلبت من الدكتور عادل ضرورة مقابلة العم أبو يعقوب وشرح أهمية مثل هذا الحدث لدعم الهيئة، حيث كان المرحوم أحمد ديدات في تلك الفترة في أوج شهرته عالمياً وعربياً وإسلامياً، وزيارته للكويت تمثل حدثاً فريداً ومميزاً على مستوى العالم العربي والإسلامي، وقد كان المناظر الأكثر قبولاً لدى مسلمي ومسيحيي العالم لأسلوبه المقنع والهادئ والصحيح فدخل الآلاف من مسيحيي العالم في دين الله أفواجاً.
وبالفعل دخلت والدكتور عادل على العم أبو يعقوب وخلال دقائق كانت الموافقة، وكانت المرة الأولى التي ألتقي فيها الشيخ يوسف الحجي، وكان مستمعاً للآراء بشكل مميز، ويأخذ قراره بعد تأن ودراسة.
وبالفعل تمت دعوة المرحوم أحمد ديدات لزيارة الكويت في العام 1985 وحقق نجاحاً غير مسبوق، وأقيمت له محاضرات وندوات دينية في مختلف محافظات الكويت، وقد تبرع الآلاف من المواطنين لمشاريع الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية.
وأصبحت علاقتي وطيدة بالشيخ يوسف الحجي، وأجريت معه عدة لقاءات نشرت في مناسبات مختلفة، وكان العم أبو يعقوب أحد رموز العمل الخيري في الكويت ومنطقة الخليج والعالمين العربي والإسلامي.
وقد كان لي مع العم أبو يعقوب العديد من اللقاءات حول الهيئة وتأسيسها وأهدافها، فقال في أحد اللقاءات إن الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية التي تتخذ من الكويت مقرا لها تعد واحدة من كبريات المؤسسات العاملة في الحقل الإنساني على مستوى العالم الإسلامي، ويعود تأسيسها إلى عام 1984م، عندما نادى العلامة د. يوسف القرضاوي في مطلع العام نفسه خلال مؤتمر للمصارف الإسلامية- كان منعقداً في الكويت- بضرورة جمع مليار دولار لاستثمارها والإنفاق من عائدها لمقاومة ثالوث الخطر الذي يعاني منه المسلمون، والمتمثل في الفقر والجهل والمرض، عبر مؤسسة خيرية عالمية يكون شعارها «ادفع دولارا تنقذ مسلما»، وجاء هذا النداء ردا على قيام عدد من الجمعيات التنصيرية بجمع مليون دولار في مؤتمر كلورادو الشهير للإنفاق على الأنشطة التنصيرية تحت شعار «ادفع دولارا تنصر مسلما»، وعندئذ استحسن المفكرون والعلماء المجتمعون في المؤتمر الفكرة، وأخذوا يتحركون في اتجاه إنشاء الهيئة الخيرية وجلب الدعم لها من جميع الدول العربية والإسلامية لتقوم بهذا الدور في خدمة الإسلام والمسلمين، وكان لكوكبة من رجالات الكويت بصمات واضحة في اقامة هذا الصرح، ومن بينهم العم الراحل عبدالله المطوع رحمه الله، ورئيس الهيئة الحالي يوسف الحجي، والاقتصادي المعروف العم أحمد بزيع الياسين، ورئيس جمعية النجاة الخيرية أحمد سعد الجاسر وغيرهم، حيث تبنوا هذا المشروع بهمة عالية، وعرضوا فكرته على القيادة السياسية التي رحبت بالمشروع، وكانت خير داعم له، وعندئذ صدر مرسوم أميري بنشأتها عام 1986م.
وعلى مدى 25 عاما انطلقت الهيئة الخيرية كمؤسسة عالمية في الفضاء الخيري والإنساني، تجمع التبرعات، وتقيم المشاريع، وتنفق من عائد استثمارها، على العديد من الأنشطة التي اضطلعت بها في نحو 90 دولة، وتجلت جهودها في إغاثة المنكوبين من جراء الكوارث، وتقديم المساعدات الإنسانية للأيتام والفقراء، وإقامة المشاريع التنموية والإنتاجية في المجتمعات الفقيرة، وإنشاء المدارس النموذجية العصرية والجامعات وكفالة معلميها وأساتذتها، وإقامة المستشفيات والمراكز الصحية وتسيير القوافل الطبية في المناطق الفقيرة وتقديم الخدمات الاجتماعية والثقافية وحفر الآبار وبناء المراكز الإسلامية ودعم الأقليات المسلمة وتنظيم مشاريع موسمية مثل إفطار الصائم ومشروع الأضاحي وكسوة العيد وحقيبة المدارس.
● وماذا عن اللجان المتخصصة ؟! :
في سياق عملها المؤسسي وسعياً إلى تنفيذ هذه الأنشطة بمستوى عال من المهنية تبنت الهيئة فلسفة التخصص في العمل الخيري سواء على المستويين المحلي أو العالمي، فأسست لهذا الغرض لجانا عدة، واحدة تختص بالعمل في منطقة جغرافية محددة وأخرى في مجال معين، وثالثة تكرس جهدها في رعاية شريحة بذاتها، وتسهم هذه اللجان في تقديم نموذج متكامل للعمل الخيري الإسلامي بهدف دعم جميع شرائح المجتمع، وقد نجحت في إقامة عشرات الآلاف من المشاريع الخيرية.
ماذا عن لجنة مسلمي آسيا ؟ :
تعتبر لجنة مسلمي آسيا التي أسست في 1989م من أكبر لجان الهيئة، حيث تقدم خدماتها إلى ما يزيد على 825 مليون نسمة في القارة الآسيوية أي ما يقارب ثلاثة أرباع تعداد المسلمين في العالم، وتهدف إلى إقامة المشروعات الإنسانية والتعليمية والاجتماعية في القارة الآسيوية لخدمة الطبقات الفقيرة والتنسيق والتعاون مع الجهات العاملة في اختصاصات اللجنة نفسها في سبيل تحقيق الأهداف الإنسانية التي تسعى إليها الهيئة، وقد نجحت اللجنة في تقديم مساعدات مادية ومعنوية لأكثر من 40 قومية يتحدثون 45 لغة من الجمهوريات الإسلامية في مجالات بناء مساجد جديدة وترميم القديم منها وإقامة المدارس، خاصة تلك التي تهتم بالتعليم الإسلامي وتكثيف النشاط الثقافي في التلفزيون والإذاعة.
وعن لجنة فلسطين قال: أسست لجنة فلسطين عام 1988م بهدف إغاثة الشعب الفلسطيني المتضرر من الاحتلال وتعزيز روح التضامن الإسلامي للشعب الفلسطيني في معاناته المعيشية وتنفيذ المشاريع الإنتاجية وبرامج التنمية الاجتماعية والصحية وتقديم العون الأكاديمي والمادي لطلبة العلم، والاهتمام بالتراث والمقدسات الإسلامية والمعالم التاريخية لأرض القدس الشريف، وحرصت اللجنة على دعم الجانب التعليمي من خلال إنشاء صندوق الطالب الفلسطيني لمساعدة الطلبة المحتاجين والأيتام، وكذلك كفالة طلاب في مراحل التعليم الجامعي والماجستير والدكتوراه.
وعن اللجنة النسائية قال: أسست اللجنة النسائية عام 1998م بهدف زيادة الوعي بالعمل الخيري التطوعي لدى شريحة النساء ودعوتهن إلى المشاركة في الأنشطة الخيرية وإعداد فريق نسائي قيادي من السيدات النشيطات في مجال العمل الخيري والبرامج التطوعية وجمع التبرعات للهيئة الخيرية وإنشاء خدمات خيرية متخصصة من خلال إعداد برامج تدعم مشاركة النساء والفتيات والشباب والأسرة في مجال العمل الخيري.
● وما أهداف لجنة الشروق؟ :
تسعى لجنة شروق للعناية بالشباب وتهيئة الفرص لهم للنمو الروحي والفكري والاجتماعي ليكونوا أعضاء صالحين في مجتمعاتهم ومثلا أعلى للآخرين، وتقوم اللجنة بأنشطة متنوعة لتوفير الجو المناسب للشباب لكي يشبوا أفرادا صالحين نابغين يتمتعون بروح المسؤولية والإقدام ويكونوا قادرين على مواجهة تحديات العصر، ومن أهدافها تدعيم التوجهات الصحيحة والعادات الحسنة في شخصية الشباب بنشر الثقافة الدينية وتقديم النماذج السلوكية الصحيحة.
· ولجنة ساعد أخاك المسلم ؟
وتسعى لجنة «ساعد أخاك المسلم في كل مكان» ذات النشاط الثقافي والتعليمي التي أسست في عام 1983م الى تركيز عملها داخل الكويت، ومن خلالها تسهم مجموعة من السيدات الناشطات في دعم أنشطة الهيئة، ومن مشاريع اللجنة انشاء مدرسة تحفيظ القرآن الكريم ومشروع كفالة طالب العلم في الكويت وخارجها، والدورات العلمية والتربوية (النهج التربوي في ظل الإسلام) ودورات تربوية اجتماعية ثقافية، ودورة الأم والطفل ومشاريع اليوم العائلي والنادي الصيفي والإعداد التربوي للشابات والتعاون مع جمعيات النفع العام، والمشاركة في الندوات والمؤتمرات على مدار العام وإنشاء مدرسة الرؤية ثنائية اللغة.
● وتحدث عن العمل الخيري المشترك، فقال:
تحتضن الهيئة اللجنة الكويتية المشتركة التي أسست في أواخر الثمانينيات على إثر الفيضانات العارمة التي ضربت بنغلاديش، في تلك الحقبة وراح ضحيتها الآلاف وأسفرت عن تشريد أكثر من 30 مليون مسلم، وتدمير محاصيلهم الزراعية ومئات الآلاف من المساكن، وانتشار الأمراض والأوبئة والمجاعات. وتجسد اللجنة نموذجاً متميزًا للعمل الخيري الإسلامي ومظلة تنسيقية للعمل المشترك؛ حيث لا تتوانى عن نداء الأخوة الإسلامية والواجب الإنساني.
● وماذا عن شعار معاً لا يعود السائل إلى السؤال؟ :
ترفع الهيئة ضمن برامجها ومشاريعها الخيرية شعار «معاً لا يعود السائل إلى السؤال»، وقد نجحت في تحويل هذا الشعار إلى مشاريع إنتاجية في إطار سياسة التمكين التي تنتهجها، وهي مشاريع ذات طابع تدريبي وتأهيلي، تعود بالفائدة على الفقير والمحتاج، ويحول السائل إلى عنصر منتج وفعّال في مجتمعه ووطنه من خلال تعليمه حرفة أو تدريبه على مهنة أو تمليكه مشروعًا إنتاجيًّا صغيرًا زراعيًّا أو حيوانيًّا أو مهنيا.
● ابن مدرسة تنقذ أمة:
وتحدث عن التعليم، فقال: يعد فكر واستراتيجية الهيئة أحد الروافد المهمة في تنمية المجتمعات الفقيرة عبر القضاء على الأمية ومكافحة الجهل والتخلف والحفاظ على هوية الأمة الإسلامية، لذا أولت الهيئة القضية التعليمية اهتماماً خاصاً بدعمها إنشاء المدارس والمعاهد والجامعات والمراكز الثقافية الاجتماعية لما تقوم به هذه المؤسسات من دور مهم في محاربة الفقر وتهيئة الفرص لأبناء تلك المجتمعات للمشاركة الفعالة في تحسين أوضاع مجتمعاتهم.
وحول سياسة الهيئة في مجال جمع الزكوات قال: إنها تعتمد على رغبة المزكي في تحديد مكان إنفاق زكاته، سواء في داخل الكويت أو خارجها. وفي هذا الجانب تقدم الهيئة المساعدات للأسر المحتاجة للزكاة والحالات المرضية المستعصية وبعض الطلبة المحتاجين، وجميع الفئات التي يعوزها الدعم والغوث والإعانة، وبهذا تسعى الهيئة إلى تحقيق شعارها المتمثل في «معا لا يعود السائل إلى السؤال»، وقد تحول هذا الشعار إلى مشاريع إنتاجية أطلقت الهيئة عليها مسمى التمكين، وهذه المشاريع في جلها ذات طابع تدريبي وتأهيلي، يعود بالفائدة على الفقير والمحتاج، ويحول السائل إلى عنصر منتج وفعّال في مجتمعه ووطنه من خلال تعليمه حرفة أو تدريبه على مهنة أو تمليكه مشروعًا إنتاجياً صغيراً زراعياً أو حيوانياً أو مهنياً حتى يعول نفسه وأسرته من دون الحاجة إلى ذل السؤال وما يتبعه من صد ونهر ورد، وبهذه المشاريع التمكينية الإنتاجية أسهمت الهيئة في حركة التنمية المجتمعية بالأقطار الإسلامية، وأعادت البسمة إلى وجوه آلاف اليتامى والأرامل والمعذبين، وساندت كثيرًا من الحكومات الإسلامية في إنشاء مثل هذه المشاريع الحرفية والتنموية..
ويرى العم أبو يعقوب أن خدمة الفئات الضعيفة في المجتمع الإسلامي ليست عملا كريمًا وحسب، بل هي عبادة إسلامية تصل إلى حدّ الفريضة على الإنسان القادر عليها؛ حتى يتم إغلاق كــل ثغرات الضعف في الجسد الإسلامي، والارتقاء بالضعفاء والمتضررين من أبناء المسلمين إلى مستوى إنساني لائق وكريم.
الشيخ يوسف جاسم الحجي رائد العمل الخيري : رغم العوائق ستظل الأمة ماضية في عمل الخير :
تاريخ النشر: 27 شوال 1428 (2007-11-08)
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ يوسف جاسم الحجي علم من أعلام الخير في دولة الكويت، وشخصية إسلامية معروفة في شتى أرجاء العالم الإسلامي، مارس العمل الإسلامي الرسمي في نهاية الثمانينات عندما كان وزيراً للأوقاف والشؤون الإسلامية، واليوم يقف على رأس أكبر هيئة خيرية إسلامية عالمية تضم كبار رجال الخير في العالم الإسلامي·· مجلة الوعي الإسلامي حاورته لمعرفة رأيه ورؤيته لعدد من قضايا العمل الخيري الإسلامي المعاصر···
* من هو صاحب فكرة إنشاء الهيئة وفيما تم ذلك؟
– الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية أسست عام 1404هـ – 1984 وقد انطلقت الهيئة في وقت كان بأمس الحاجة لها, فكان لابد من تأسيس هيئة عالمية تقوم على خدمة المسلمين ورعاية الفقراء والمعوزين في جميع أنحاء العالم· ويعود الفضل في إنشاء الهيئة بعد الله – سبحانه وتعالى – إلى فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي الذي نادى إبان إنعقاد مؤتمر للمصارف الإسلامية بالكويت, وفي حضور نخبة من علماء الأمة بضرورة إنشاء هيئة عالمية تعنى بالنهوض بأحوال الأمة الإسلامية ومواجهة ثالوث الفقر, والجهل, والمرض· ومنذ ذلك الحين احتضنت الكويت هذا المشروع, وصدر قانون بمرسوم أميري بتأسيس الهيئة رقم (64-1986م) ومنذ ذلك الحين وعلى مدى أكثر من 20 عاما والهيئة تعمل في الحقل الخيري وتمضي بخطوات ثابتة في اتجاه العمل النهضوي والتنموي ومحاصرة أخطار الفقر والجهل والمرض·
– مجالات عمل الهيئة هل تقتصر على العمل الخيري والإغاثي أم أن هناك مجالات أخرى؟ :
– إلى جانب ما تقوم به الهيئة من أعمال إغاثية وإنمائية في البلدان التي تحل بها كوارث, فإن الهيئة تولي الإغاثة والتنمية والإنتاج أهمية قصوى, حيث رفعت ضمن خطتها الاستراتيجية شعارات مثل (معا لا يعود السائل إلى السؤال) ويستهدف هذا الشعار تمكين الفقير والمعوز من مشروع إنتاجي يساعده على إعالة نفسه وأسرته كما رفعت شعار (ابن مدرسة يحيي أمة), والهدف منه الاهتمام بالجانب التعليمي وبناء المدارس النموذجية, وقد نجحت في ذلك حيث أسست عددا من المدارس النموذجية ثنائية اللغة التي تهتم بالعلوم الشرعية, وكذلك العلوم المدنية والتكنولوجية الحديثة حتى يتخرج فيها الطالب عنصرا منتجا وفاعلا ومالكا لناصية العلوم الحديثة التي يتطلبها العصر إلى جانب خلفيته الشرعية، ومن نماذج هذه المدارس مدرسة الرؤية ثنائية اللغة في الكويت, ومدرسة الروية ثنائية اللغة في السودان، كما أسهمت الهيئة في دعم العديد من الجامعات الإسلامية في إسلام أباد, والنيجر, وأوغندا, وغيرها من الدول· وتهتم الهيئة بالمشاريع ذات الصبغة التأهيلية والإنتاجية كورش العمل والتدريب والمشاريع الصغيرة والمزارع وغيرها·
تقوم هذه المشاريع على صدقات أهل الخير وقت ضرب النبي- صلى الله عليه وسلم- [أروع الأمثلة في الجود والكرم والعطاء والمسلمون مدعوون إلى الاقتداء بالرسول -صلى الله عليه وسلم- والاهتداء بسنته الشريفة· كما أن الأمة الإسلامية نعتها القرآن الكريم بالخيرية قال – تعالى -: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وستظل الأمة بإذن الله – تعالى – ماضية في عمل الخير· ومما يساعد على تذليل الصعوبات ما يقدمه الخيرون وأهل الإحسان من تبرعات ومساعدات وصدقات وزكوات أسهمت في استمرار تدفق العون إلى الفقراء والمساكين وذوي الحاجة والأرامل والمطلقات وغيرهم·
*ما أهم انجازات الهيئة في الآونة الأخيرة ؟ :
– كما أشرت من الإجابة السابقة إن العمل الخيري تواجهه صعوبات كثيرة، ومنها هذه الهجمة الشرسة التي حاولت النيل منه وتشويه سمعته, لكن حب المسلمين للعمل الخيري والذود عنه أسهم في دحض هذه الشبهات والافتراءات التي وقفت خلفها جهات لا تريد الخير للمسلمين, ولا تريد إشاعة قيم السلام والأمن في العالم، ولله الحمد والمنة مسيرة العمل الخيري ماضية رغم هذه الدعاوي الباطلة·
* كيف تردون على الهجمة الشرسة على العمل الخيري؟ :
– نصيحتي للعاملين في العمل الخيري أن يحرصوا على تعميق الصلة بالله – سبحانه وتعالى – وأن يعملوا بدأب وإخلاص وبشفافية عالية, وأن يبحثوا عن المحتاجين والفقراء لتلبية احتياجاتهمº لأن من واجبنا أن نقدم لهؤلاء ما يسد عوزهم ومن واجب المسلمين أن يخرجوا زكواتهم وصدقاتهم لهذه الشريحة التي تعاني بؤسا وشقاء· أما محاولة البعض الربط بين العمل الخيري والإرهاب فهذه محاولة باطلة وخبيثة والهدف منها تشويه سمعة العمل الخيري وقد أكدنا مراراً براءة العمل الخيري من هذه الشبهات·
– منحتم جائزة الملك فيصل بن عبد العزيز الخيرية ماذا تريد أن تقول بهذه المناسبة؟
– قلت وأقول إن ما قمت به من أعمال خيرية هو واجبي وأن من واجب كل مسلم أن يشارك في هذه المسيرة المباركة فالعمل الخيري بات شريكات أساسياً في عملية التنمية ونهضة الأمة وعلى جميع المسلمين أن يسهموا بفاعلية في إنجاح مسيرة الخير· أما بخصوص جائزة الملك فيصل العالمية ونيلي لها فكما قلت إن حصولي على هذه الجائزة هو تكريم للعمل الخيري والعاملين فيه فالعمل الخيري لا يعرف العمل الفردي وإنما يعرف العمل المؤسسي الجماعي وأجدد شكري وتقديري لمن رشحوني لهذه الجائزة التي تعتبر تشجيعاً كبيراً للعمل الخيري ورسالته السامية·
– كيف يخدم العمل الخيري الثقافة الإسلامية ؟ :
– العمل الخيري له شقان شق إنساني وشق دعوي وكلاهما يعززان الثقافة الإسلامية فالعمل الخيري يهتم بإنشاء المدارس والجامعات والتعليم بصفة عامة والاهتمام بالتعليم يصب في النهاية في تنمية الثقافة الإسلامية· كما أن العمل الخيري يعنى بمراكز تحفيظ القرآن الكريم ومراكز إعداد الدعاة وكفالة أساتذة الجامعات·
*بماذا تنصحون المسلمين في خضم الواقع المؤلم الذي تعيشة الأمة ؟ :
– نصيحتي للمسلمين بشكل عام أن يعمقوا صلتهم بالله – تعالى – وأن يعودوا إلى كتاب ربهم وأن يتمسكوا بسنة نبيهم فلا نجاة ولا خلاص إلا من خلال اتباع ما جاء في كتاب الله – عز وجل – وسنة نبيه [القائل – (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي)· أما الشباب فهم أمل الأمة وعدة المستقبل وعليهم أن يتسلحوا بالعلم الحديث والشرعي من أجل رفعة أمتهم ونهضتها كما عليهم أن يشغلوا أوقات الفراغ بالنافع من العمل·
* ما الذي يحتاجه العمل الخير لتحسين أدائه ؟ :
– نحن نؤمن بخطورة دور الإعلام وأهميته، فما يشاع عن العمل الخيري من افتراءات واتهامات بالباطل تقوم جهات ومؤسسات إعلامية مغرضة بترويجها وإشاعتها· وفي المقابل نحن نهتم بالإعلام المساند للعمل الخيري, ولدينا منابرنا الخاصة المتمثلة في مجلة العالمية, وموقع الهيئة على الانترنت بالإضافة إلى منشوراتنا ومطبوعاتنا التي تبين حجم انجازاتنا ومشاريعنا كما تربطنا بالإعلام المحلي والفضائيات الإسلامية صلة وثيقة من خلال هذه الوسائل بإبراز جهودنا يضاف إلى ذلك أن الجمعية العامة التي عقدتها الهيئة مؤخرا أوصت بإنشاء قناة فضائية وقد تبرع الأخ الفاضل عبد الله العلي المطوع عضو مجلس الإدارة بتحمل تكاليف تأسيس هذه القناة التي مازالت قيد الدراسة ونأمل أن ترى النور في الوقت المناسب·
لقد حفلت حياة يوسف الحجي بكل أشكال العمل الخيري؛ حتى أسماه البعض «إمام العمل الخيري في الكويت وقدوة الخيرين»، ووسمه آخرون بأنه مجدد في مجال الدعوة في شقها الخيري، ويعرف بين موظفي الهيئة وأبناء المجتمع الكويتي بالعم يوسف الحجي أو العم «أبو يعقوب» تقديراً واحتراماً لمكانته والدور الذي يؤديه في الحقل الخيري.
العم يوسف الحجي .. ركن أساسي في إنشاء أول مصرف إسلامي بالكويت :
تاريخ الخبر : 12/06/2016
كتب الخبر: ربيع سكر
مؤلف الكتاب د. عبد المحسن الجـار الله الخـرافـي
الإسلام وضع المبادئ العامة لنظام اقتصادي صالح لكل عصر من العصور وفق حاجات ومقتضيات الناس ، أما تفاصيل هذا النظام الاقتصادي الإسلامي فتتحقق وفق حاجات العصر ، فإذا تصفحنا كتب الفقه وجدنا كيف أن فقهاء الإسلام دونوا أحكام نظام الاقتصاد بتفصيل واف في عصورهم المختلفة ، في داخل الحدود الفاصلة التي خطها الإسلام ، ويرى المفكر الإسلامي المصري الدكتور محمد مورو أن الاقتصاد الإسلامي جزء من كل ، بمعنى ارتباط الاقتصاد الإسلامي بمفاهيم وعقائد ونظم الإسلام، وهو اقتصاد أخلاقي وواقعي في غاياته وفي طرقه كذلك ،ومتميز عن المذاهب الرأسمالية والشيوعية والاشتراكية وهو مخالف لها في أساسها النظري، مخالف لها في أساليبه، مخالف لها في غاياته وإن تشابهت بعض التفصيلات بين النظام الإسلامي وإحدى هذه النظم ليس إلا من قبيل تشابه عيون شخصين مثلاً دون أن تربطهما رابطة دم أو جنس، ولا يسمح بأي شكل من أشكال الاستغلال ، ويحقق الحد المتوازن من الحياة الكريمة لكل فرد دون أن يضع عائقًا دون الارتفاع إلى آفاق عليا دون ظلم أو استغلال ويضع على عاتق أولي الأمر إتاحة فرص العمل لكل قادر والحاجة لكل محتاج حتى لا يبقى فقير أو عاطل في المجتمع الإسلامي دون النظر إلى دينه أو جنسيته ، وهو اقتصاد مخطط بمعنى أنه يجعل للدولة الإشراف المركزي على الإنتاج والتوزيع.
وظهرت بواكير الاقتصاد الإسلامي في منتصف القرن الماضي في كتابات مجموعة من العلماء الأفذاذ أمثال د. محمود أبو السعود، د. عيسى عبده إبراهيم، والشيخ محمد الغزالي ، وفي ستينيات القرن الماضي تأسست النماذج الأولى للبنوك الإسلامية في مصر وباكستان وماليزيا، و فتحت هذه النماذج المجال لمرحلة تأسيس البنوك الإسلامية التي تمتد من 1970م إلى 1980م وخلالها تم تأسيس أول بنك إسلامي بشكله الرسمي سنة 1971م بمصر وهو «بنك ناصر الاجتماعي»، وتأسيس بنك دبي الإسلامي بالإمارات العربية المتحدة سنة 1975م. وبنك فيصل الإسلامي المصري وبنك فيصل الإسلامي السوداني في 1977م ، وبيت التمويل الكويتي سنة 1977م. والبنك الإسلامي الأردني سنة 1978م وبنك البحرين الإسلامي سنة 1979م. وتأسيس أول بنك إسلامي في الغرب عام 1987م، وهو المصرف الإسلامي الدولي في الدنمارك.
ومن نعم الله تعالى على المجتمع الكويتي أن صبغه بصبغة أصيلة هي حب الإسلام، والتمسك بالدين، وأحكام الشريعة الإسلامية السمحاء، لذلك تعد الكويت من أوائل الدول العربية والإسلامية التي تأسس بها مصرف إسلامي هو بيت التمويل الكويتي الذي تأسس عام 1977 ليلبي حاجة ملحة في نفوس أفراد الشعب الكويتي للتعامل الاقتصادي القائم على أسس إسلامية بشكل لا لبس فيه وحرج، ولا ثمة شبهة ربا أو تعاملاته. ويعد بيت التمويل الكويتي في طليعة المصارف الإسلامية المؤسسة لفكرة الاقتصاد الإسلامي، وإخراجها من حيز النظرية إلى واقع التطبيق . وخلال شهر رمضان المبارك تنشر «الوسط» السير الذاتية لأبرز رواد الاقتصاد الاسلامي في الكويت من خلال عرض كتاب «رواد ومؤسسي الاقتصاد الإسلامي في الكويت المنطلقون من تجربة بيت التمويل الكويتي» لمؤلفه الامين العام للامانة العامة للاوقاف الدكتور عبد المحسن الجـارالله الخـرافـي والذي ألفه عام 2006 ثم أصدره بيت التمويل الكويتي عام 2008 في الذكرى الثلاثين لتأسيس بيت التمويل كأول بنك إسلامي في الكويت ، وفي شهر رمضان الحالي للعام 1437 هجرية يكون قد مر على بدء عمل بيت التمويل الكويتي 38 عاما حيث تم افتتاح بيت التمويل للجمهور لاول مرة يوم 28 رمضان 1398هـ الموافق 31/8/1978م بعد مرور نوح 9 اشهر على تأسيس بيت التمويل بصدور المرسوم الأميري بالقانون رقم 72 لسنة 1977م، لتأسيسه ، كشركة مساهمة كويتية، في ربيع الآخر 1397هـ، الموافق 23 مارس 1977م، تشارك الحكومة فيها بنسبة 49 % كالتالي: وزارة المالية بنسبة 20 %، ووزارة العدل (إدارة شؤون القصر) بنسبة 20 %، ووزارة الأوقاف بنسبة 9 %، وطرح باقي الأسهم 51% للاكتتاب العام برأس مال قدره عشرة ملايين دينار.
وتشكل أول مجلس للإدارة الذي ضم كلاً من: أحمد بزيع الياسين رئيساً لمجلس الإدارة والعضو المنتدب ، محمد إبراهيم بوهندي نائباً للرئيس ونائب العضو المنتدب ، وعضوية كل من: خالد صالح العتيقي ،عبدالحميد عبدالرزاق العبيد عبدالمحسن علي الطويرش ، علي عبدالكريم الفوزان ، فهد نايف وعقب وفاته وحل محله السيد علي محمد المضف ، محمد يوسف الرومي ، مريخان سعد صقر ، هادي هايف الحويلة ، وقد تم تعيين بدر عبدالمحسن المخيزيم كاول مدير عام لبيت التمويل الكويتي.
العم يوسف جاسم الحجي إحدى قامات العمل الخيري :
د. عبدالمحسن الجار الله الخرافي 2 يوليو، 2016 0
تحدثنا في مقالين سابقين عن محطات رائدة من حياة العم الجليل يوسف جاسم الحجي، وذلك في سياق حديثنا عن مؤسسي الاقتصاد الاسلامي في الكويت، وبقي أن نتوقف عند إحدى المحطات المحورية في حياته المباركة، نسأل الله تعالى أن يبارك في عمره وان يلبسه ثوب الصحة والعافية، وهي محطة تأسيسه ورئاسته للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية على مدى 25 عاما.
فكرة إنشاء الهيئة الخيرية تعود إلى عام 1984م، عندما نادى فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي خلال مؤتمر للمصارف الإسلامية كان منعقدا في الكويت حينئذ، بضرورة جمع مليار دولار لاستثمارها والإنفاق من عائدها لمقاومة ثالوث الخطر (الفقر والجهل والمرض) والتصدي لحملات التنصير التي تستهدف الأمة، عبر إنشاء مؤسسة خيرية يكون شعارها «ادفع دولارا تنقذ مسلما»، ردا على مؤتمر كولورادو الشهير الذي كان من أبرز توصياته التي أطلقها رجالات في الغرب «ادفع دولارا تُنصر مسلما».
هذا المشروع تحمست له نخبة من المفكرين والعلماء ورجال الخير المجتمعين في المؤتمر، وبدأوا يتحركون باتجاه إنشاء هيئة خيرية عالمية، وكان لكوكبة من رجالات الكويت بصمات واضحة في إقامة هذا الصرح، ومن بينهم الرئيس الفخري للهيئة حاليا ورئيسها السابق العم يوسف جاسم الحجي، والعم الراحل عبد الله العلي المطوع، أبو بدر رحمه الله، والعم أحمد بزيع الياسين، رحمه الله، والعم أحمد سعد الجاسر والدكتور عبدالرحمن السميط رحمه الله وغيرهم.
هذه النخبة الكويتية من رواد العمل الخيري تبنوا المشروع، وعرضوا فكرته على الأمير الراحل أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رحمه الله، الذي رحب به وكان خير داعم له، بإصداره مرسوما أميريا بإنشائها، حمل رقم 64 لسنة 1986م، ونص على أن تكون الهيئة ذات شخصية اعتبارية، يكون مقرها دولة الكويت، ولها أن تنشئ فروعا خارج الكويت.
وفي أعقاب اعتمادها وفق نظامها الأساسي كهيئة مستقلة، متعددة الأنشطة تقدم خدماتها الإنسانية للمحتاجين في العالم من دون تمييز ومن دون التدخل في السياسة أو الصراعات العرقية، اجتمع العلماء والمفكرون من جميع أنحاء العالم واختاروا العم يوسف الحجي رئيسا للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية.
وظل العم يوسف الحجي رئيسا للهيئة لمدة 25 عاما، اتسع خلال فترة رئاسته المباركة نشاط تلك المؤسسة الرائدة ليغطي عشرات الدول، في مواجهة الحاجات المتزايدة للمجتمعات الفقيرة وارتفاع معدلات المرض والفقر والأمية والبطالة في هذه المجتمعات خاصة الإسلامية.
في عام 2010 رأى العم يوسف الحجي أن تختار الجمعية العامة للهيئة المؤلفة من 160 عضوا يمثلون العالم الإسلامي، خليفة له، فوقع اختيارهم على الرئيس الحالي والمستشار في الديوان الأميري ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية د. عبد الله معتوق المعتوق الذي واصل مسيرة سلفه، وأعطى للعمل الخيري في الكويت دفعة وانطلاقة كبيرتين في ميادين الخير والعطاء الإنساني محلياً وإقليمياً ودولياً.
وتحمل الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية رسالة إنسانية عالمية لتخفيف معاناة البشر أينما كانوا من خلال المساعدات للمحتاجين حول العالم بصرف النظر عن العرق والجنس والدين وإغاثة المجتمعات المنكوبة في حالات الكوارث والحروب والعمل على إقامة المشروعات الصحية والتعليمية والإنتاجية والاغاثية والتدريبية تحت شعار «حتى لا يعود السائل إلى السؤال»، بالتعاون والتنسيق مع الشركاء الانسانيين في الداخل والخارج.
نسأل الله أن يتغمد العم يوسف الحجي برحمته الواسعة.
مصادر:
1- موقع مداد على شبكة الانترنت .
2- مجلة الوسط .
3- الموسوعة الحرة ( ويكيبيديا ) .
4- صحيفة الرأي الكويتية .
5- موقع رابطة أدباء الشام