اعتبر خبراء ومحللون سياسيون أن حديث قادة الاحتلال عن استعادة جنودهم الأسرى في غزة دليل أن بوابة الصفقة قد بدأت وأن هناك تهيئة للرأي العام “الإسرائيلي” حول أي تنازلات ممكن أن تقدمها تل أبيب في هذا المجال.
وكان رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه نفتالي بنيت، ورئيس حزب “أزرق أبيض” بيني غانتس، قد أكدوا في تصريحات منفصلة ضرورة استعادة الجنود الأسرى، أو جثامينهم، من غزة. واعتبروا أن أي عملية عسكرية قادمة ستأخذ بعين الاعتبار سلامتهم.
كما نشرت وسائل إعلام عبرية تقريرًا حول ما تعرضت له المدرعة التي كانت تقل الجندي شاؤول أرون قبل أسره شرقي مدينة غزة مستندة بذلك لإفادات قادة ميدانيين في جيش الاحتلال رجحوا أن يكون على قيد الحياة بعدما ظلوا لسنوات يقولون إنه جثة أو أشلاء.
رفع الفيتو
وقال الخبير والمختص في الشأن “الإسرائيلي”، عدنان أبو عامر، لـ “قدس برس”، إن هذه التصريحات لقادة الاحتلال دليل على أن بوابة الصفقة قد فتحت بعد أن تمترس العدو خلف مطلب استعادتهم دون أثمان.
وأضاف أبو عامر: “الخلاف الآن أصبح حول طبيعة وحجم الأثمان التي يجب أن يدفعها الاحتلال مقابل إتمام أي صفقة تبادل”.
وأشار إلى أن هذه التصريحات تؤكد أن الفيتو الذي كانت تضعه الدولة العبرية منذ 6 سنوات على ملف التبادل قد زال.
تهيئة الرأي العام
من جهته أكد الكاتب السياسي سمير حمتو، أن الهدف من هذه التصريحات “تهيئة الرأي العام الإسرائيلي حول أي ثمن ممكن أن تدفعه دولة الاحتلال مقابل إتمام الصفقة”.
وصرّح حمتو لـ “قدس برس”: “هذه التصريحات تؤكد أن ما كان يرفضه الاحتلال في السابق سيقبل به وأن هناك تقدمًا في مفاوضات الصفقة”.
وتابع: “هذه التصريحات ستكون ضوءا أخضر لأهالي الجنود الأسرى للتحرك بشكل كبير من أجل إيصال الصفقة إلى أمر مقبول لدى الرأي العام الإسرائيلي”.
مفاوضات سرية
بدوره، اعتبر المختص في الشأن الصهيوني إياد حمدان، أن هذه التصريحات “مؤشر كبير على أن الأمور متجهة لصفقة قادمة”.
وأفاد حمدان لـ “قدس برس” بأنه “من الواضح أن هناك مفاوضات سرية غير مباشرة تجري بين دولة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية حول أي صفقة قادمة، لكن من غير المعروف الشكل الذي ممكن أن تخرج به هذه الصفقة، وذلك يعود لطبيعة التفاوض.”
وأردف: “إسرائيل تقريبًا لديها شكوك أن الجندي شاؤول أرون على قيد الحياة، وذلك بعد أن أعادت نشر تقرير حول ما تعرضت له المدرعة التي كان بها قبل أسره مستندة بذلك لإفادات قادة ميدانيين في جيش الاحتلال رجحوا أن يكون على قيد الحياة بعدما ظلوا لسنوات يقولون إنه جثة”.
واستطرد: “تصريحات قادة الاحتلال والتقرير عن مدرعة أرون شجع “إسرائيل” على فتح المفاوضات، حيث كانت تعتبره، سابقًا، جثة أو أشلاء بيد حركة حماس، والآن تتعامل معه على أنه مفقود أو أسير”.
ونوه حمدان إلى أن هناك ضغوطا من ضباط في جيش الاحتلال على السياسيين؛ “لأنه وجهت لهم اتهامات من قبل العائلات بإرسال أبنائهم للحرب دون ضمان عودتهم”.
وأكد أن نتنياهو سوف يستغل وجود غانتس في الحكومة حتى يحمله المسؤولية الكاملة عن الصفقة، والتخفيف عن غزة، وتهويد الضفة الغربية بعد ضمها.
وتقول سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” إن حركة حماس تحتجز 4 “إسرائيليين” منذ الحرب على غزة عام 2014، بينما تصر الحركة على عدم إعطاء أي معلومات عنهم إلا بعد أن تفرج تل أبيب عن أسرى محررين أعادت اعتقالهم، بعد أن أفرجت عنهم خلال صفقة “وفاء الأحرار”.
وتتحدث مصادر إعلامية عربية وسياسية، عن حراك لتنفيذ صفقة تبادل أسرى بين حركة “حماس”، ودولة الاحتلال.
وجاء هذا الحراك بعد أن أعلن رئيس حركة “حماس” في قطاع غزة يحيى السنوار في لقاء تلفزيوني استعداد حركته لتقديم “مقابل جزئي” لدولة الاحتلال لتفرج عن أسرى فلسطينيين.
وقال السنوار إن هناك إمكانية أن تكون هذه مبادرة لتحريك ملف تبادل الأسرى؛ بأن يقوم الاحتلال بعمل طابع إنساني أكثر منه عملية تبادل، بحيث يطلق سراح المعتقلين الفلسطينيين المرضى والنساء وكبار السن من سجونه “وممكن أن نقدم له مقابلًا جزئيًا”، دون مزيد من التوضيح.
وفي إبريل 2016 أعلنت “كتائب القسام” لأول مرة عن وجود 4 جنود صهاينة أسرى لديها، دون أن تكشف عن حالتهم الصحية ولا عن هوياتهم، باستثناء الجندي آرون شاؤول.
وكانت حكومة الاحتلال أعلنت عن فقدان جثتي جنديين في قطاع غزة خلال العدوان الذي بدأ في 8 يوليو 2014م واستمر لغاية 26 أغسطس من العام ذاته، هما آرون شاؤول، وهدار غولدن.
لكن وزارة “أمن الاحتلال” عادت وصنفتهما في يونيو 2016م على أنهما “مفقودان وأسيران”.
وإضافة إلى الجنديين، تحدثت تل أبيب عن فقدان “إسرائيليين” اثنين؛ أحدهما من أصل إثيوبي والآخر من أصل عربي دخلا غزة بصورة غير قانونية خلال عامي 2014 و2015م.