في شهر رمضان أكثر ما يشغل الإنسان هو القرآن الكريم، فكلام الله لا يضاهيه كلام.
والكثير من الإخوة الكرام في هذا الشهر لا يتوقفون عن إرسال الرسائل على “واتساب”، إما عبر المجموعات أو التواصل الشخصي، وبعيداً عن التحليلات السياسية وإرهاق القرَّاء بموضوعات الملفات المرهقة، فسأسرد في هذا المقال بعض الرسائل الجميلة والمفيدة والمحفزة للقلوب والعمل دون الإشارة لمصدرها، التي وصلتني مؤخراً:
«لو طهرت القلوب؛ لم تشبع من قراءة القرآن» (عثمان بن عفان رضي الله عنه).
«عليكم بالقرآن فتعلموه وعلِّموه أبناءكم فإنكم عنه تُسألون وبه تجزون وكفى به واعظاً لمن عقل» (عبدالله بن عمر رضي الله عنه).
«إذا أردتم العلم؛ فأثيروا القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين» (ابن مسعود رضي الله عنه).
«إن البيت الذي يتلى فيه القرآن اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين، وإن البيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله عز وجل ضاق بأهله وقلَّ خيره وخرجت منه الملائكة وحضرته الشياطين» (أبو هريرة رضي الله عنه).
قال رجل لأبي بن كعب رضي الله عنه: «أوصني»؛ قال: «اتخذ كتاب الله إماماً، وارض به قاضياً وحكماً؛ فإنه الذي استخلف فيكم رسولكم، شفيع، مطاع، وشاهد لا يتهم، فيه ذكركم، وذكر من قبلكم، وحكم ما بينكم، وخبركم، وخبر ما بعدكم».
«ليتني كنت اقتصرت على القرآن» (سفيان الثوري).
«ندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن» (ابن تيمية).
«والله لا تبلغوا ذروة هذا الأمر حتى لا يكون شيء أحب إليكم من الله، فمَن أحب القرآن؛ فقد أحب الله، افقهوا ما يقال لكم» (سفيان بن عيينة).
«اقرؤوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة؛ فإن الله لا يعذب قلباً هو وعاء للقرآن» (أبو أمامة الباهلي).
«والله ما دون القرآن من غنى ولا بعده من فاقة فقر» (الحسن البصري).
«إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها بالنهار» (الحسن بن علي رضي الله عنهما).
«عليكم بالقرآن، فإنه فهم العقل، ونور الحكمة، وينابيع العلم؛ وأحدث الكتب عهداً بالرحمن» (كعب الأحبار).
«تفقدوا الحلاوة في ثلاث: في الصلاة، وفي القرآن، وفي الذكر؛ فإن وجدتموها، فامضوا وأبشروا، فإن لم تجدوها، فاعلم أن بابك مغلق» (الحسن البصري).
خواطر رمضانية:
(وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) (الصافات: 75) في الأزمات اعرف من تُنادي فليسَ الكلُّ يسمَعك!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ وَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً فَلْيَعُذْ بِهِ» (صحيح مُسلم).
نعمة الصباح كان يستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحمد والثناء: «الحمدُ لله الذي رد إليَّ روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين».
قالَ ابن القَيّم يرحمه الله: إنَّ في دوام الذِّكر في الطريق والبيت والحضر والسفر والبقاع تكثيراً لشهود العبد يوم القيامة، فإنّ البقعة والدار والجبل والأرض تشهد للذاكر يوم القيامة.
قال ابن سلّوم يرحمه الله: نزلت بي شدّةٌ عظيمة ووقعتُ في خطر شديد فداومتُ على «لا حول ولا قوّة إلا بالله» ليلاً ونهاراً إلى أن يغلبني النّوم ففرّج الله عنّي سريعاً فلله الحمدُ والمِنّة.
معانٍ ومفاهيم:
أكيس الكيس التقوى، وأحمق الحمق الفجور، وأصدق الصدق الأمانة، وأكذب الكذب الخيانة.
كل محبة يقطعها الدهر إلا المحبة في الله، فإن حبلها ممدود إلى رياض الجنة، اللهم إني أسألك حفظ الرفاق من كل فراق وأن تزيل عنهم كل كرب وهمّ وشقاق، ولا تدع لي ولا لأحبتي هماً إلا فرّجته ولا ديناً إلا قضيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا ميتاً إلا رحمته ولا حاجةً من حوائج الدنيا لك فيها رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها.
أنواع الفوز:
ما الفرق بين أنواع الفوز يوم القيامة؟ الفوز المبين، الفوز الكبير، الفوز العظيم.
1- الفوز المبين: هو مجرد النجاة من النار، قال تعالى: (قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ {15} مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) (الأنعام).
2- الفوز الكبير: هو مجرد دخولك الجنة، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) (البروج: 11).
3- الفوز العظيم: هو الفوز برضوان الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: (وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة: 72).
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى: «هذا -عباد الله- شهر رمضان قد انتصف، فمن منكم حاسب فيه نفسه لله وانتصف؟ مَن منكم قام في هذا الشهر بحقه الذي عَرَف؟ مَن منكم عَزَمَ قبلَ غَلْقِ أبواب الجنة أن يبني له فيها غُرَفاً من فوقها غُرَف؟ ألا إن شهركم قد أخذ في النقص، فزيدوا أنتم في العمل، فكأنكم به وقد انصرف، فكل شهر فعسى أن يكون منه خلف، وأما شهر رمضان فمِن أينَ لكم منه خلف؟!” (لطائف المعارف، ص327).
قبس من كتاب الله:
قال الله عز وجل: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم) (الحديد: 12)، عملك اليوم وتعبك، هو نورك غداً يسعى بين يديك.
ثماني حالات تدعو لك الملائكة فيها، فأكثر منها في رمضان:
أولاً: عند وقوفك في الصف الأول بالصلاة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول» (صحيح الجامع).
ثانياً: عند جلوسك في المسجد بعد الانتهاء من الصلاة؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه، تقول: اللهمّ اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يُحدث» (صحيح مسلم، 649).
ثالثاً: عند عيادتك مريضاً؛ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، وكان له خريف في الجنّة، ومن أتاه مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك، يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريف في الجنة» (صحيح الجامع، 5717).
رابعاً: عند زيارة أخ لك في الله «لله»؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخاً لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخاً لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ» (صحيح مسلم، 2567).
خامساً: عند الدعاء لأخيك بظهر الغيب؛ عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك، كلما دعا له بخير قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل» (صحيح مسلم، 2732).
سادساً: عند تعليم الناس الخير؛ روى الترمذي في سننه عن أبي أمامة رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير» (صحيح الجامع، 1838).
سابعاً: عند نومك على طهارة؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من بات طاهراً بات في شعاره ملك، فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان، فإنه بات طاهراً» (ابن حبان).
ثامناً: عند تناولك السحور؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى وملائكته يصلون على المتسحرين» (ابن حبان).
مساحة الممكن لا الحِرمان:
لا تقف متحسراً على أنك لم تختم القرآن كل ثلاث، أو لم تقم الليل كله، أو لم تبنِ مسجداً أو داراً للأيتام.
لا تنتظر طويلاً على رصيف الحِرمان، وتفكر في بعيد لم تنله.
فكر في مساحة الممكن لديك، ممكن أن تقرأ ولو صفحات، وتصلي ولو سجدات، وتتصدق ولو بتمرات.
لقد فعلت امرأة «الممكن» المتاح وعلى غير ميعاد وسقت كلباً فدخلت الجنة! وفعل رجل «الممكن» الذي يسّره الله وأماط غصن شوك أو شجرة عن الطريق فنال من الله المغفرة!
الطريق إلى الله يحسب بالحركة إلى الأمام؛ «ومن تقرَّبَ إليَّ شبراً..»، فلا تتوقف محتقراً خطوة، ولا تتوقف منتظراً وثبة، فقليل دائم خير من كثير منقطع.
كلمة طيبة، نصيحة، رسالة، شِقّ تمرة، جبر خاطر، تسبيحة أو تهليلة، تبَسُّمٌ، فرح تدخله على قلب مسلم؛ «لا تحقرنّ من المعروف شيئاً».