“شهر الرزق الكريم بعد الغياب”.. هكذا يشعر العديد من أصحاب المهن في مصر خلال شهر رمضان المعظم؛ حيث تشهد مهنتهم رواجا بارزا بعد شبه موات على مدار العام، ليأتي الشهر الكريم كطوق نجاة لبيوت هؤلاء العاملين الذين يخوضون غمار العمل في ظل ظروف اقتصادية صعبة تحت حصار وباء “كورونا”.
“الكنفاني”
حلوى الكنافة البلدي أو الآلية و”القطايف”، سمة مميزة لشهر رمضان في مصر، ويجد بائع الكنافة نفسه تحت ضغط كبير من العمل على غير العادة الملازمة له باقي العام، والتي يتلافاها بالعمل في بيع حلويات أخرى.
وتشهد أيام الشهر -وفق ما رصده مراسل “المجتمع”- منافسة شريفة بين محلات حلويات السوريين الوافدين بعد الأزمة السورية إلى القاهرة والصناع المصريين المتخصصين في الحلويات؛ فكلٌ يسعى لكسب ود المواطن من خلال إنتاج أجود أنواع الكنافة والقطايف والحلويات المرتبطة بهما.
ويعتبر محل “عرفة الكنفاني” أقدم صانع للكنافة في مصر؛ حيث يبلغ عمر المحل أكثر من 140 عاما، ويقع في منطقة السيدة زينب الشهيرة بوسط العاصمة القاهرة، وينسب إليه إحياء صناعة الكنافة في مصر في عام 1870.
المسحراتي
“اصحى يا نايم.. اصحى وحد الدايم”.. نداء شهير في شهر رمضان يسمعه عموم المصريين مع قدوم شهر رمضان فقط؛ حيث يظهر المسحراتي في هذا الشهر فقط ليمارس مهنة تقاوم الاندثار في مصر، وعادة ما يتحرك “المسحراتية” في الحواري والمناطق الشعبية وبعض المناطق المرفهة ينادون على أصحاب المنازل خاصة الأطفال بالاسم لإيقاظهم لتناول السحور مقابل أجر رمزي في نهاية الشهر الكريم.
ولا توجد جهة منظمة لعمل “المسحراتي”، لكن الأمر يعتمد على الإقبال الشخصي أو التوارث في العائلات البسيطة، وتكون المهنة طارئة على الشخص خلال شهر رمضان فقط، وبعده فهو يمارس ما اعتاد عليه من أعمال، وغالبا تكون أعمال البناء والحراسات، وفق ما يقول المسحراتي “سيد”.
فوانيس رمضان
ويسعد بقدوم الشهر الكريم صناع الفوانيس التقليدية سواء الخشب أو النحاسية الذين يتمركزون في مصر في شوارع النحاسين بمصر القديمة والعتبة والمعز لدين الله الفاطمي وتحت الربع بوسط القاهرة؛ حيث تجد تجارتهم رواجا كبيرا في مصر والخارج رغم منافسة الفوانيس المصنعة في الصين لهم.
وينتشر على آلاف الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر تجار موسميون لبيع الفوانيس يحاولون جذب المواطنين من خلال عروض مخفضة ومميزات جديدة على خلاف الفانوس الصيني كطباعة الصور على الفوانيس، ووصل سعر الفانوس الخشب ارتفاع 35 سم 120 جنيها بجانب إمكانية طباعة 3 صور شخصية عليه.
بائع المخللات
“الطرشي” أو “المخلل” وجبة حاضرة بقوة على موائد رمضان، وبائع الطرشي يشعر بقيمته من جديد خلال هذا الشهر، حيث تشهد بضاعته إقبالا منقطع النظير من المواطنين أو محال البقالة أو المطاعم في وجبتي الإفطار والسحور.
ويستعد بائع الطرشي للشهر الكريم بتجهيز براميل الحفظ (إناء كبير يضع فيه الخضروات أو الفاكهة المعدة للتخليل)، ويحاول بعضهم مع التطور التكنولوجي صناعة دعاية مسبقة وتقديم عروض خاصة مليئة بالتخفيضات حرصا على تحقيق أكبر قدر من المبيعات تحقق له التوازن باقي العام.
وتشهد السوق المصرية منافسة حميدة خلال شهر رمضان بين المخللات المصرية والسورية بعد دخول أنواع سورية مميزة منها: الباذنجان المخلل أو ما يعرف باسم “المقدوس السوري” الذي يحتوي على العديد من المكسرات.
بائع العصائر
عادة ينتشر في محافظات مصر بائعة عصائر الفاكهة أو العرقسوس والتمر الهندي والسوبيا، سواء عبر المحلات أو الباعة الجوالة، ولكن في شهر رمضان يدخل هذا المجال العديد من المصريين وبعض السوريين عبر شراء ماكينات العصر الحديثة وثمار الفاكهة أو مسحوق العصير كالتمر الهندي والسوبيا، وإقامة المشروع وسط إقبال لافت من المواطنين الذين يعتبرون هذه العصائر عنصرا أساسيا على مائدة رمضان بالبيوت المصرية.
وتحتاج بعض محلات العصائر الشهيرة، وفق إعلانات متكررة في مصر، إلى عمالة جديدة إضافية خلال هذا الشهر الكريم، ما يفتح أبواب عمل كثيرة للعديد من الشباب والمتعطلين عن العمل بسبب ظروف كورونا بالبلاد.
محلات الفول
ويشهد السوق المصري مع شهر رمضان توافد عمالة جديدة في محلات الفول، حيث تلجأ المحال التي تعمل قبل الإفطار بساعتين في المعتاد حتى السحور إلى زيادة أعداد العمال لاستقبال الأسر والزبائن والعمل على راحتهم.
ويرى “أبو رحمة” مدير بأحد محال الفول الشهيرة بمدينة 6 أكتوبر أن شهر رمضان فرصة كبيرة، يستقبل فيها عمالة جديدة وأسرا كثيرة تحرص على الحضور والاجتماع على مائدة الفول والطعمية خاصة في السحور.
وينتعش رزق عربات الفول المتجولة التي تختار الميادين الرئيسة للبيع من خلالها أو المرور على البيوت والمناداة قبل السحور على أصحابها المعتادين على شراء الفول منها.
صانع الكحك والبسكويت
ويتنفس صانع الكحك والبسكويت الصعداء مع قدوم شهر رمضان، حيث يقبل المصريين في أواخر الشهر الكريم على شراء حلويات عيد الفطر المبارك من محلات الحلويات أو عبر الأفران الألية المعروفة في هذا المجال، وهو ما يجعل الإقبال شديدا على هؤلاء الصناع الذين ينشغلون باقي العام في صناعة منتجات أخرى خشية البطالة.
بائع الزبادي والألبان
كما يشهد شهر رمضان رواجا منقطع النظير على منتجات الألبان سواء على الزبادي أو الحليب في المجال التي تجلب عمالة زائدة أيضا لملاحقة المطلوب في السوق.
ودخل على خط المنافسة مع المحال مصريون يرون في الشهر الكريم فرصة لزيادة دخلهم في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وهو ما يظهر على “جروبات” الأسواق والمدن وفق ما مرصود.
منتجات العسل والتمور
بيع العسل والتمور كذلك مهنة تحظى بالانتعاش مع شهر رمضان في مصر، حيث يقبل المصريون على شراء منتجات العسل والتمور ليكونوا جزءا من المائدة الرمضانية في العديد من البيوت المصرية بجانب دورهم في تقوية المناعة في ظل جهود محاربة الوباء.
ويدخل العديد من المصريين هذا المجال بغرض زيادة الدخل أو تعويض خسائرهم في مجالات أخرى، بحسب “شادي محمد ” الذي يرى أن رمضان فرصة ذهبية لتحقيق أرباح مناسبة تعينه على الاستمرار في الحياة الصعبة والنجاح في مشروعه.
الخيامية
تنتشر مهنة الخيامية بكثرة في شارع الخيامية في القاهرة القديمة، وتشهد هذه الحرفة رواجا مهما في شهر رمضان، حيث يرتبط شهر رمضان بالسرادقات والأمسيات، ورغم الإجراءات الاحترازية لمواجهة الوباء إلا أن تطوير صناع الخيامية لفنهم وتحويله إلى معرض للفن الإسلامي أدى إلى زيادة الإقبال عليهم خاصة من الفنادق الكبرى التي تحاول إضافة لمسة إسلامية على أرجائها مناسبة للشهر الكريم، كما تقبل الأسر المصرية على فنون الخيامية في زينة رمضان، وباتت حاضرة بقوة في المنازل أو الشوارع.
المصاحف والسبح
كما ينتشر بائعة وافدة مع الشهر الكريم أمام الجوامع الكبرى ومساجد الأحياء لبيع المصليات والسواك والسبح والمصاحف والعطور، وما يخص العبادات من كتب ثقافية إسلامية وكتب التفسير.