تعرض الإخوان المسلمون منذ منتصف القرن الماضي وقبله إلى شتى أنواع الفتن والابتلاءات، والتي لم تزدهم إلا ثباتاً واحتساباً وزيادة في لحمتهم الداخلية! ففي عهد الملك فاروق تمت تصفية الإمام الشهيد المؤسس حسن البنا، وفي عهد عبدالناصر تمت تصفية قيادتهم في منتصف الخمسينات وسجن شبابهم وأتباعهم، ثم تصفية مفكريهم وأدبائهم في منتصف الستينات وعلى رأسهم الشهيد سيد قطب! وكان عبدالناصر يظن أنه بذلك سيقضي على هذه الجماعة الربانية، بعد أن شن حملة إعلامية وعلى كل المستويات لتشويه مبادئ هذه الجماعة ووصفها بالمتطرفة وبدعمها للإرهاب، مستخدماً كل وسائل الكذب والافتراءات وتلفيق التهم المعلبة، لكن قدر الله كان أسرع من تحقيق هذه الأمنية، فتوفي في مطلع السبعينات من القرن الماضي وبموته ظهرت الحقيقة الغائبة للشعب المصري، بعد أن أخرج السادات كل المظلومين من السجون فصدرت كتب مثل «القابضون على الجمر» و«الصامتون يتكلمون» و«نافذة على الجحيم» تحكي حقيقة العهد البائد ومدى دمويته وقمعه ووحشيته، ورجعت الجماعة أقوى من سالف أزمانها!
واستمرت الجماعة في صراعها مع الباطل وأهله وكانت أوضاعها بين شد وجذب في عهد مبارك، إلى أن جاءت مرحلة الربيع العربي وثورة الشعوب على الأنظمة القمعية، ثم الثورات المضادة التي أرجعت حكم العسكر وثبتت حكم بعض الطغاة، وضحوا باليمن واستقراره ودعموا الحوثي من أجل القضاء على كل ماله صلة بالإخوان المسلمين! وعندما نجحوا في إفشال معظم ثورات الربيع العربي عادوا لمخطط القضاء على الجماعة فشيطنوها في معظم دول الخليج للتضييق على كل ما يمت بصلة إليها، وهكذا يعيد التاريخ نفسه، لكن إرادة الله غلابة!
اليوم يسعى بعض تلاميذهم في الكويت إلى تنفيذ مخطط التضييق والقمع، فيطالب بطرد كل من يحمل فكر الإخوان من وزارة الأوقاف وبيت الزكاة، بل وصل بهم الأمر إلى استنكار مقترح إحالة أموال الزكاة إلى بيت الزكاة بدلاً من وزارة المالية، بحجة أنها قد تذهب لجيب الجماعة! في حين أن مئات الملايين من الدنانير من أموال الخمس تخرج من الكويت سنوياً من دون رقيب أو حسيب، ولم تتم المطالبة بمتابعتها ورصد مصيرها، خاصة مع انتشار أخبار بأنها تذهب لدعم تيارات وأحزاب وميليشيات تابعة لدولة مجاورة وتعمل في العراق الشقيق!
اليوم خصوم الإخوان لا يترددون في المطالبة بقمع الإسلاميين وتقييد حركتهم وكتم أصواتهم، مع أنهم يدعون زوراً أنهم دعاة حرية ومساواة!
اليوم خصوم الإخوان لا يخجلون من اتهام الإخوان وأتباعهم بكل مشكلة تقع في العالم، حتى استنكر بعض عقلائهم، وما أقلهم، من تحميلهم كل مصائب الدنيا!
اليوم خصوم الإخوان مقهورون من عدم شيطنة الجماعة في الكويت، ولذلك يسعى كتابهم العلمانيون إلى تلفيق التهم لأتباعهم ومؤيدي فكرهم ونهجهم، ولو حدث أن تولى أحد المحسوبين على الإخوان مركزاً قيادياً لقامت الدنيا عند هؤلاء الخصوم ولم تقعد!
اليوم خصوم الإخوان وبعد أن فشلوا في إقناع الشارع الكويتي والخليجي بخطورة هذه الجماعة وعدم سلميتها لجؤوا إلى تكرار تهم وشبهات قديمة (مأكول خيرها) كما يقول المثل القديم!
قد تضعف هذه الجماعة وقد تختفي من بعض المشاهد، وقد يقل تأثيرها في بعض المواقع عندما يتم استخدام وسائل مشروعة وغير مشروعة، لكن ما لا يمكن التأثير عليه هي الفكرة والمبدأ، والتي ستظل باقية ما بقي على الأرض جسد ينبض بالحياة!
ــــــــــــــ
ينشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.