توقع حقوقيون وقانونيون في مصر أن تتحقق 4 مكاسب قانونية من القرار المفاجئ بإنهاء حالة الطوارئ في البلاد، لكنهم في الوقت نفسه عبروا عن 3 مخاوف حقوقية وسياسية.
ومساء الإثنين، قرر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في بيان عبر صفحته بـ”فيسبوك”، عدم تمديد حالة الطوارئ، للمرة الأولى منذ 4 أعوام ونصف العام.
ووصف المتحدث باسم الرئاسة، بسام راضي، في تصريح متلفز، القرار بـ”التاريخي”، وقال إنه ستتبعه قرارات أخرى مختصة بكل وزارة. لكن مثل هذه القرارات لم تصدر بعد.
والمكاسب المتوقعة من إنهاء الطوارئ، وفق رصد للأناضول، هي: إلغاء إحالة متهمين إلى المحاكم الاستثنائية، وعودة إمكانية الطعن على الأحكام، ورفع القيود عن الحركة والانتقال والإقامة في أي وقت وأي مكان، وتعزيز الحالة الحقوقية والعمل المدني.
لكن ثمة مخاوف في الوقت نفسه من وجود قوانين مقيدة مماثلة لحالة الطوارئ لم تلغ بعد، واستمرار محاكمات وتحقيقات استثنائية، وعدم اتخاذ إجراءات بالعفو والإفراج عن سياسيين.
وحالة الطوارئ الأخيرة هي الرابعة التي يتم تطبيقها في كامل أرجاء مصر منذ سَّن قانونها في 1958، وجرى فرضها لأسباب تنوعت بين الحرب واغتيال رئيس وفض اعتصامين وتفجيرات إرهابية.
وفي 10 أبريل/ نيسان 2017، وافق البرلمان المصري على إعلان حالة الطوارئ لمدة 3 شهور، لـ”مواجهة أخطار الإرهاب”، إثر مقتل 45 شخصا في هجومين استهدفا كنيستين شمالي البلاد وتبناهما تنظيم “داعش” الإرهابي. ثم تم تمديدها 16 مرة، حتى صدر قرار عدم التمديد.
وبحسب رصد الأناضول، تتمثل المكاسب والمخاوف بعد إلغاء حالة الطوارئ في التالي:
أولا: 4 مكاسب قانونية
1- إلغاء الإحالة لمحاكم استثنائية
يترتب على إلغاء الطوارئ، وفق حديث شوقي السيد الفقيه الدستوري لصحيفة “صدى البلد” (خاصة)، “إلغاء المحاكمات الاستثنائية، مثل محاكم أمن الدولة العليا طوارئ (..) وعودة المحاكمات إلى طبيعتها وفقا لقانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات الحاليين”.
وبحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة غير حكومية)، في بيان الثلاثاء، فإنه لم يكن متاحا الاستنئاف أو الطعن على أحكام المحاكم الاستثنائية.
2- العودة لإمكانية الطعن القضائي
وقال أحمد حلمي، محامٍ مصري متخصص في قضايا معارضين، إن “الفئة الوحيدة المستفيدة من القرار، هي المحبوسين على ذمة قضايا مرجح إحالتها للمحاكمة، وبذلك ستحال لمحكمة جنايات عادية وسيكون لهم الاستفادة من الطعن على الأحكام فيها أمام محكمة النقض”.
وأضاف حلمي، عبر صفحته بـ”فيسبوك” الثلاثاء، أن هذا المكسب “هام ومؤثر لتلك الفئة (المتهمون على ذمة قضايا مرجح إحالتها الفترة المقبلة)، إذا أن الأمل في تلك القضايا أغلبه معقود بالطعن بطريق النقض فيها”.
فيما قال المستشار عبدالله الباجا، رئيس محكمة استئناف القاهرة، لصحيفة “أخبار اليوم” (مملوكة للدولة)، إنه في حال وجود أي قانون أو قرار جديد، يتم تطبيق الأصلح للمتهم.
وتابع أن الإجراءات التي تنتج عن إلغاء حالة الطوارئ سيتم تطبيقها بأثر رجعي على أي قضية لم يصبح الحكم فيها باتا (نهائيا)، في إشارة إلى إمكانية الطعن.
3- رفع القيود عن الحركة والانتقال والإقامة
من أبرز الآثار التي تُفرض بإعلان حالة قانون الطوارئ وتلغى بإلغائها، هي حظر التجول جزئيا وكليا وأوامر عزل مناطق أو إخلائها والقيود على الحركة والانتقال والإقامة في أي وقت وأي مكان، وفق القانون ذاته.
4 – دعم “إنفراجة ” قانونية وحقوقية
وفق سعيد عبد الحافظ، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (رسمي)، لوكالة الأنباء الرسمية، فإن السيسي تعهد في إعلان أول استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، يوم 11 سبتمبر/أيلول الماضي، بأن تتخذ الدولة خطوات لتعزيز الحريات العامة عبر قرارات، منها إنهاء حالة الطوارئ وكافة الآثار المترتبة عليها.
ورأى عبد الحافظ أن إنهاء الطوارئ يؤدي إلى “دعم الخطوات التي من شأنها أن تعزز الحريات والحقوق، و(تحقق) انفراجة بمجال حقوق الإنسان والعمل الأهلي بكافه أنواعه، بما يحقق الحياة الكريمة للمواطن”.
ثانيا: 3 مخاوف حقوقية وسياسية
1- سريان قوانين مماثلة للطوارئ
المحامي والحقوقي المصري، ناصر أمين، أعرب عن تخوف بالقول، عبر صفحته في “فيسبوك”، إن “كل النصوص الاستثنائية التي تبيح القبض والتفتيش والحبس تم نقلها إلى قوانين أخرى، مثل قانوني مكافحة الإرهاب وقانون الكيانات الإرهابية، وهى مازالت سارية ولا يتطلب تطبيقها إعلان حالة الطوارئ”.
وبخلاف ترحيبها بإنهاء حالة الطوارئ، قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الثلاثاء، إن هذه الخطوة “ستكون قاصرة، خاصة مع تشريعات أخرى شرعنت أغلب صلاحيات قانون الطوارئ، وأدخلتها إلى القوانين الجنائية بشكل دائم”.
2- استمرار محاكمات وتحقيقات استثنائية
ووفق المبادرة المصرية، فإن المحاكم الاستثنائية بنص قانون الطوارئ ستستمر في نظر جميع القضايا التي أُحيلت إليها بالفعل من قبل النيابة العامة أو التي شرعت في نظرها قبل الإلغاء.
ودعت المبادرة إلى وقف هذه المحاكمات والإفراج عن المتهمين فيها، “خاصة وأن أغلبهم قد تجاوز الحد الأقصى للحبس الاحتياطي (عامين)”.
وطرحت أمثلة على ذلك منها محاكمة باتريك جورج زكي، باحث حقوقي في المبادرة المصرية، ومحاكمة ما تُسمى بـ”خلية الأمل” وتضم المحامي زياد العليمي والصحفيين هشام فؤاد وحسام مؤنس، وكذلك محاكمة المحامي الحقوقي محمد الباقر، والناشط السياسي علاء عبد الفتاح، وعبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب “مصر القوية” (معارض).
ويتفق مع هذا التخوف المحامي أحمد حلمي قائلا إن هذه القضايا “لن تحال لمحاكم عادية، ولكن تستمر المحكمة في نظرها والحكم فيها بصفتها محكمة طوارئ، وبالتالي الحكم فيها غير قابل للطعن بالنقض ويقدم فيها فقط تظلم للحاكم العسكري”.
وأردف: “بخصوص النيابة المختصة بعرض المتهمين، فلا أثر أيضا للقرار عليها حيث أن نيابة أمن الدولة أحد أفرع النيابة النوعية، وعملها مستمر منذ إنشائها حتى الآن ولا يتعلق بفرض حالة الطوارئ أو إلغائها، وبالتالي بحسب توزيع النائب العام لاختصاص القضايا، تظل اختصاصات نيابة أمن الدولة كما كانت دون تغيير”.
3- عدم الإفراج عن محبوسين
أما الحقوقي المصري، نجاد البرعي، فقال عبر صفحته بـ”فيسبوك” الثلاثاء: “طبعا رفع حالة الطوارئ خبر مطمئن، لكنه بالنسبة لي لن يكون خبرا سعيدا مالم تنعكس آثاره علي الأرض”.
واقترح البرعي مطالب، بينها الإفراج عن محبوسين احتياطيا لمدد تصل بعضها إلى 3 سنوات من دون محاكمة.
كما قال السياسي والأكاديمي، حسن نافعة، عبر حسابه بـ”تويتر”: “أرحب بشدة بقرار الرئيس السيسي عدم مد حالة الطوارئ، وأمل أن تعقب هذه الخطوة الجريئة خطوات أخرى تنتهي بالإفراج عن كافة السياسيين المحبوسين وإلغاء قرارات حظر السفر والتحفظ على الأموال”.
لكن هذا المقترح يتطلب قرارا رسميا داعما له، إذ قال المحامي أحمد حلمي إنه “بالنسبة لقضايا الحبس الاحتياطي وتجديد الحبس، فقرار الإلغاء (لحالة الطوارئ) ليس له أثرا قانونيا عليها”.
وزاد: “بخصوص أوضاع المعتقلين، وهل إلغاء القرار (الطوارئ) يدل على انفراجة بملفهم من عدمه، فهذا الملف القرار فيه سياسي لا علاقة له بقرارات قضائية (..) وأي طرح لتلك الكلمات هو من قبيل التوقعات التي لا سند لها من الواقع”.
وعادة ما تؤكد مصر التزامها بتطبيق القانون واحترام حقوق الإنسان، وتنفي وجود معتقلين سياسيين لديها، وتقول إن جميع المحبوسين هم على ذمة قضايا جنائية بعضها مرتبط بـ”التحريض على الإرهاب والعنف”. وهذا الطرح محل تشكيك من منظمات حقوقية محلية ودولية.