اشتعلت مرة أخرى في الأيام القليلة الماضية معركة فوائد البنوك، بين من يحرمونها ومن يحللونها.. وكانت مشكلة تعويم الجنيه المصري، ورفع سعر الفائدة على بعض الشهادات الاستثمارية التي أصدرها البنك المركزي المصري، سبباً مباشراً في عودة القضية إلى الواجهة، مذ بدأ الجدل حولها في عهد شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي الذي كان من أشد المعارضين للفائدة، ثم تحوله إلى أشد المحللين لها بعد لقائه مع الرئيس الأسبق حسني مبارك.
يرى كثير من العلماء وخاصة الذين لا يخضعون للسلطة أن الفائدة حرام، بحكم أنها تفرض على المقترض فائدة معينة، وتتحول إلى فائدة مركبة إذا لم يستطع السداد، وفضلاً عن ذلك فإن مودع أمواله في البنك لا يتحمل نصيبه إذا خسر البنك في عملياته التجارية. وتسعى السلطات إلى جذب كميات كبيرة من أموال المودعين ووضعها في البنوك نظراً للظروف التي تمر بها البلاد، وتقف قضية الفائدة عقبة في هذا السبيل.
ارتفعت بعض الأصوات الإعلامية الموالية للنظام تهاجم شيخ الأزهر، وتطالبه التدخل، وإعلان موافقته على الفوائد الذي يراها بعضهم ربوية بامتياز، وفي الوقت ذاته تحدث بعض أعضاء الفتوي بالأزهر ورأوا أن الفوائد ربا صريح!
من جهة أخرى، قال خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أمس الأول الأحد، في حلقة من برنامجه التلفزيوني لمحرمي فوائد البنوك: قُطعت ألسنتكم وأسأل الله أن يفضحكم على رؤوس الخلائق، وأضاف: إن فوائد البنوك ليست حراماً، وإن أموال المصريين من فوائد البنوك حلال. وزعم أنه طبقاً لإباحة ربا الفضل عند تسعة من الصحابة والتابعين، فوائد البنوك حلال. وفي وصلة من الشتائم البذيئة اتهم المخالفين بالجهل وعدم الاطلاع.
من ناحية أخرى أعلن مفتي الجمهورية أن فوائد البنوك حلال.. والقروض بين الأفراد محرمة، وقال إنه لا حرمة أو شبهة في فوائد البنوك، لافتًا إلى أن الفتوى مستقرة على التعامل مع البنوك بكافة أنواع التعاملات. والتعامل مع البنك ليس له علاقة بالقرض وإنما استثمار. ولفت مفتي الجمهورية، إلى أن الفتاوى التي تحرم فوائد البنوك، لم تقرأ الواقع قراءة صحيحة، فالفتوى لا بد أن تبنى على معرفة الواقع والإحاطة به إحاطة شديدة جدًا، مردفًا أن فتاوى تحريم فوائد البنوك حبيسة زمن سابق لأنها مبنية على علاقة قرض وهي منتفية وفقًا لتصورنا على تعامل البنوك في الوقت الحالي.
وعن قيام بعض الشركات بإقراض المواطنين، قال المفتي: “نحن دولة مؤسسات ودولة قانون، القانون يضبط أعمال الشركات، إذا كانت الدولة مهيمنة بقانونها على الأمر فلا مانع فيه، حتى لا نلجأ إلى قضية المستريح، واستغلال الناس”. وأوضح أن التعامل مع الشركات الخاضعة لقوانين الدولة، يمكن للمتضرر اللجوء للقانون واستعادة حقه، أما التعامل مع الأفراد بزيادة في فوائد القرض، فإنه عين الربا، ولا ينبغي أن يخرج القرض فيما بين الأفراد.