يوافق اليوم الثلاثاء 29 نوفمبر “اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني”، حيث دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة للاحتفال به كل عام منذ عام 1977.
وأقر هذا اليوم التضامني في ذات اليوم الذي أقرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، وتدويل القدس، ومنح اليهود النسبة الأكبر من مساحة فلسطين التاريخية.
وشارك في التصويت 56 دولة من أصل 57، حيث امتنعت بريطانيا عن المشاركة في التصويت لصالح القرار بحجة إبقاء فلسطين تحت نظام الانتداب، وقد صوتت لصالح القرار 33 دولة، فيما عارضته 13 دولة، وامتنعت 10 دول عن التصويت، كما رفض العرب القرار بالإجماع، باعتباره ينفذ “وعد بلفور”، ويتعارض مع مبادئ حق تقرير المصير للشعوب الواقعة تحت الاحتلال.
وتعود أصول قرار التقسيم إلى عام 1937، حين أصدرت “لجنة بيل”، المُكلفة من بريطانيا في تقصي أسباب الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، تقريرها الذي ورد فيه لأول مرة مقترح التقسيم.
واقترحت اللجنة حينها التهجير الإجباري للسكان العرب من أراضي الدولة اليهودية المنشودة.
وبموجب قرار التقسيم، حصل اليهود على 56% من الأرض، فيما حصل الفلسطينيون على 43%.
وتضم الدولة اليهودية المقترحة (على مساحة 5700 ميل مربع) السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي، بما فيها بحيرة طبريا، وأصبع الجليل، وصحراء النقب.
فيما تضم الدولة العربية (على مساحة 4300 ميل مربع) الضفة الغربية ومنطقة الجليل الغربي، وعكا، والساحل الجنوبي من شمال مدينة أسدود حتى رفح جنوباً، إضافة إلى جزء من الصحراء المحاذية لمصر.
أما مدينتا القدس وبيت لحم، فنصَّ القرار على إنشاء كيان منفصل في نطاقهما تحت حكم دولي خاص، تقوم على إدارته الأمم المتحدة.
جرائم يومية
ويأتي هذا اليوم في ظل جرائم يومية يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين من قتل وأسر وتعذيب، فقد استشهد 205 فلسطينيين منذ مطلع 2022 بينهم 153 في الضفة الغربية المحتلة، و52 في قطاع غزة، وفق وكالة “صفا” الفلسطينية.
كما وثق نادي الأسير الفلسطيني، نحو 6 آلاف حالة اعتقال منذ مطلع العام الجاري وحتى بداية نوفمبر على يد الاحتلال، بينهم 141 سيدة، و739 طفلاً.
ويشهد المسجد الأقصى المبارك اقتحامات شبه يوميه من المستوطنين المتطرفين بحماية شرطة الاحتلال، رغم الإدانات الواسعة في العالم.
ويشكل اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني فرصة للفت انتباه المجتمع الدولي إلى حقيقة أن القضية الفلسطينية لا تزال عالقة ولم تحل حتى يومنا هذا، رغم مرور عشرات السنين، وصدور العديد من القرارات الدولية ذات الصلة، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهي الحق بتقرير المصير دون أي تدخل خارجي، أسوة ببقية شعوب الأرض، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة، وحق الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أبعدوا عنها.
واستجابة لدعوة موجهة من الأمم المتحدة، تقوم الحكومات والمجتمعات المدنية سنويًا بأنشطة شتى احتفالاً باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
تضامن وإسناد
من جهتها، ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مواقف كل الداعمين لنضال شعبنا ومقاومته ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم، داعية إلى مزيد من التفاعل والتضامن والإسناد بكل الوسائل المتاحة، والتحرك المستدام لفضح جرائم الاحتلال وعزله حتى زواله عن أرضنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية.
وأكدت “حماس”، في بيان صحفي، اليوم الثلاثاء، في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أن أرض فلسطين التاريخية من نهرها إلى بحرها هي أرض فلسطينية خالصة، وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى المبارك، ولا شرعية ولا سيادة فيها للاحتلال الصهيوني الغاصب.
وقالت الحركة: إنَّ مسؤولية التحرير الشامل لأرضها ليست مسؤولية فلسطينية فحسب، وإنما مسؤولية تشترك فيها أمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم، لإنهاء أطول وأخطر احتلال إحلالي بغيض.
وأوضحت أن كل جرائم ومجازر الاحتلال بحق شعبنا وما رافقها من قرارات ظالمة لتقسيم أرض فلسطين التاريخية، إلاّ أنَّ ذلك كلّه لم يُفلح في تغييب صوتها وإخماد جذوة الصمود والمقاومة في نفوس أبنائها، وصوت الأحرار في الدفاع عنها والانتصار لها والتضامن معها.
وأشارت إلى أن اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يأتي هذا العام في ظل الأجواء المفعمة بحبّ فلسطين والانتصار لشعبها، التي صنعتها الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم في مونديال قطر 2022 بالعاصمة القطرية الدوحة، التي أظهرت تعلّق الشعوب بفلسطين، ورفضها لكل أشكال التطبيع مع هذا الكيان الصهيوني المجرم الذي ما زالت تقطر يداه بدماء شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية.
ولفتت إلى أنَّ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29/ 11 من كلّ عام يوماً عالمياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني يذكّرها مجدّداً بالمسؤولية التاريخية التي تقع على عاتقها وكل مؤسسات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بضرورة دعم الشعب الفلسطيني في نضاله لإنهاء الاحتلال وحقّه في العودة وتقرير المصير.
وحيّت الحركة جماهير شعبنا الفلسطيني، الثابتة والصابرة والمرابطة في أماكن وجودها كافة، ودعتها إلى مزيد من التلاحم والتعاضد، وتصعيد المقاومة في مواجهة الاحتلال ومشاريعه التهويدية والاستيطانية على طريق التحرير والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
حملة “فلسطين قضيتي”
بدوره، أطلق المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج ومجموعة من المؤسسات الفلسطينية حملة إعلامية بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين تحت وسمي “#فلسطين_قضيتي”، و”United4Palestine#”.
وقال المؤتمر الشعبي: إن مجموعة من المؤسسات الفلسطينية، من ضمنها المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، تطلق حملة إعلامية بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي يوافق الـ29 من نوفمبر في كل عام.
وطالب المؤتمر النشطاء بالمشاركة الواسعة في الحملة من خلال إرسال مواد تتعلق بقضية التضامن مع فلسطين أو التفاعل عبر الوسوم المعتمدة.
إجراءات جدية
وقال عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج منير رشيد: إن التضامن مع الشعب الفلسطيني لا بد أن يكون من خلال إجراءات جدية لا شكلية في الدفاع عن الحق الفلسطيني غير القابل للتصرف، ومنع تدفق السلاح لدولة الاحتلال، الذي يفتك بالفلسطينيين ويمعن بسفك دمائهم بدم بارد، إضافة إلى تفعيل المقاطعة الشاملة له في المحافل الدولية وبأشكالها المختلفة الثقافية والرياضية والاقتصادية والدبلوماسية، ووقف تلك الهرولة المتسارعة للتطبيع معه.
وأضاف رشيد: أمر جيد ومطلوب أن يتضامن المجتمع الدولي مع الشعب الفلسطيني وفي الاتجاه الصحيح ومن مبادئ الإنسانية والشرائع السماوية والفطرة السليمة، لكن لا يكون تعاطفاً عاجزاً لإنهاء معاناته وعودته إلى وطنه بسبب الغطرسة الأمريكية والقوى التي توفر الغطاء للاحتلال واستمرار وجوده.
وتابع: لا ينبغي في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني استحضار تواريخ النكبات التي حلت به، وعقد المؤتمرات وإلقاء الكلمات لتصبح من الذكريات، بل هو التحول إلى دائرة الفعل بإنهاء الصراع في المنطقة، وإلغاء القرارات الظالمة الجائرة والتراجع عنها، فهي التي أوجدت هذا الوضع غير القانوني ومعالجة آثاره وإعادة الحق إلى أهله.
يذكر أنه في 29 نوفمبر 2012، انضمت فلسطين إلى الأمم المتحدة بصفة “دولة مراقبة غير عضو”، وفي 30 سبتمبر 2015، رفع العلم الفلسطيني أمام مقرات ومكاتب الأمم المتحدة حول العالم.