قال الله تعالى: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (آل عمران: 139).
وقال: (وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ) (النشاء: 104).
نبارك لأهلنا في فلسطين المحتلة ونخص بالذكر ذوي الشهداء والمعتقلين، ونبارك لأمتنا الإسلامية جمعاء عملية القدس البطولية التي جسدت معاني العز والكرامة والتضحية والفداء، وأحسب أن الاستشهادي خيري علقم منفذ العملية البطولية في القدس قد تابع بألم كبير أحداث مجزرة جنين؛ حيث ارتقى عشرة شهداء فاستحضر قول الله تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ) (التوبة: 14)، واستجاب لأمر الله تعالى فاتخذ القرار مستشعراً جسامة المسؤولية وعظم الأمانة الملقاة على عاتق المرابطين في بيت المقدس وأكنافه، فخطط ودبر ونفذ عمليته في إحدى مستوطنات العدو المحتل التي أقيمت على أراضي منطقتي الرام وحزما السليبة المغتصبة في القدس المحتلة، وكان الرد مدوياً وحاسماً، مؤكداً أن المحتل لن يكون له قرار في أرض المسرى.
إن المتابع للأحداث في فلسطين المحتلة يدرك يقيناً أن عقيدة هؤلاء الأبطال المجاهدين المرابطين قد تشكلت من هدي الكتاب والسُّنة، وكأنهم يجسدون سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، فقد أدركوا أن الإسلام دين يأبى الذل والمهانة، وأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وأن من جانب المحراب يبدأ المسير، ومن بيوت الله ينطلق المؤمن للتغيير والتحرير، لا يضره من خذله ولا من خالفه، فأعد روحه كما أعد جسده، ليحقق الشرط “إن تنصروا الله”؛ كي يأتي الوعد “ينصركم ويثبت أقدامكم”، هذه التربية الإيمانية لم تبق حبيسة النفس، بل انعكست في الواقع غرساً بعد غرس، فأنبتت وأينعت وأزهرت، وكان الحصاد شباباً مؤمنين بربهم مستجيبين لندائه؛ (انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (التوبة: 41)، لا يحتاج أحدهم لإذن أحد بعد أمر رب العالمين، لقد استجابوا لما يحييهم، ويحيي أمتهم من بعدهم، فتحملوا المسؤولية ورفعوا شعار “خذ من دمائنا ربنا حتى ترضى”، لقد استشعروا ثقل الأمانة، وأعدوا العدة للجواب على سؤال ألح عليهم: ماذا أقول لربي حين يبعثني؟ فلله دركم، به آمنتم، وللجهاد في سبيله تسابقتم، فأصبحتم القدوة لمن بعدكم.
فيا شباب فلسطين، يا أبطال بيت المقدس بأمثال هؤلاء نقتدي، وبالكتاب والسُّنة نهتدي، لنسطر بدمائنا حروف العزة والفخار، ولندحر كل محتل وخائن غدار، ولن يتحقق لنا ذلك إلا بإيمان قوي، وفكر سوي، وعزم فتيّ، وما أحسن قول أنس بن النضر حين أشيع مقتل النبي صلى الله عليه وسلم يوم “أُحد”: “ويحكم قوموا فموتوا على ما مات عليه”.
يا أبطال فلسطين، الثبات الثبات، فما النصر إلا صبر ساعة، ويا أحرار الأمة الإسلامية النصرة النصرة لهؤلاء الأبطال، فهنيئاً لمن لحق ركبهم وجاهد جهادهم.
(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (يوسف: 21).
كلمات اليوم أفعال الغد إن شاء الله.