في قصة تضفي طابعاً مقدساً لعناية السلطان سليمان القانوني بمدينة القدس، يورد الرحالة الشهير التركي أوليا جلبي نصًا لطيفًا في سياق حديثه عن المدينة عندما زارها عام 1082هـ/ 1672م، إذ يتحول إلى أمرٍ نبويّ لا يمكن إلا تطبيقه، فيقول أوليا جلبي:
«في عام 926هـ/ 1521م، اعتلى السلطان سليمان العرش، وفتح قلعة بلغراد (عاصمة صربيا) عام 927هـ/ 1521م، وجزيرة رودس عام 928هـ/ 1522م، وجنى من ذلك ثروة طائلة، وعندما غدا ملكًا مستقلًا ظهر له النبي في ليلة مباركة وقال له: «يا سليمان، سوف تحقق انتصارات كثيرة، ويجب عليك أن تنفق الغنائم على تزيين مكة والمدينة، وعلى تحصين قلعة القدس لتصد الكافرين إذا حاولوا احتلالها خلال حكم خلفائك، وعليك أيضًا أن تُزيّن حرمها بحوض للماء، وأن تمنح دراويشها مخصصات مالية كل عام، وعليك أيضًا أن تُزين صخرة الله وأن تعيد بناء مدينة القدس»، ولما كان ذلك أمر من الرسول فقد نهض سليمان خان في الحال من نومه وأرسل صرة إلى المدينة وأخرى إلى القدس، وبالإضافة إلى المواد اللازمة أرسل كبير مهندسيه خوجا سنان إلى القدس، ونقل مصطفى باشا من ولاية مصر ليتولى حكم ولاية الشام.
ولما صدر الأمر لمصطفى باشا بترميم القدس، جمع كافة البنائين والمهندسين والنحاتين في القاهرة ودمشق وحلب وأرسلهم إلى القدس لإعادة بنائها ولزخرفة الصخرة المشرفة».
_________________
1- بشير عبدالغني بركات، القدس الشريف في العهد العثماني، مكتبة دار الفكر، القدس، ص 3.