في كل حدث نمر به نتعلم دروساً جديدة وعبر، وقد يغير مفاهيم ويصحح أخرى كانت راسخة لدينا، ومن هذه الأحداث معركة «طوفان الأقصى»، التي أطلقتها «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومعها «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، ضد الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين.
ففي هذه الحرب تعلمنا من الشعب الفلسطيني المقاوم الصامد ومن رجال المقاومة أنَّ الحقَّ يُنتزع انتزاعاً ولا يُستجدى، وأن ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة، وأن العدو الذي جعلنا منه قوة لا تُقهر أوهن من بيت العنكبوت، وأن تحرير فلسطين من البحر إلى النهر ممكن، وأنَّ ما حدث يعتبر «بروفة» مصغرة لما سيأتي!
وأن الأمور لا تتعلّق بالإمكانات وإنما بالإرادة، وأن الصفر له قيمة، وأنه ليس بالضرورة الدراسة في المعاهد العسكرية لتضرب عدوك وتثخن جِراحه، وأن النصر صبرُ ساعة، وأن الليل مهما طال يعقبه الفجر، وأن الصبر والتحمل والوثوق بأمر الله والشدة ورباطة الجأش مفاتيح النصر، وأن المصائب مهما عظمت فهي لا شيء أمام الثبات والاحتساب، والصبر وقوة الإيمان بالله تعالى.
وأن الرجولة ليست بالكلام، بل الفعل والعمل الصادق بالميدان، وأنَّ العقيدة سلوكٌ لا سُطور، لم نرَ منهم ساخطاً على قضاء الله، فترى من فقَدَ كافة أفراد أسرته وبيته يلهج بحمد الله، وأن الصمود عقيدة وتوكل، وأن المنافقين كثر والصالحين أكثر، وأن ما بناه الكيان الصهيوني من زيف إعلامي وأكاذيب سياسية في عقود هدمته ثلة مؤمنة في أيام، وأنَّ أشباه الصَّحابة يعيشون بيننا، أحفاد خالد بن الوليد يقتحمون صفوف الأعداء بشراسة، وأحفاد سعد بن أبي وقاص يرمون بدقّة، وأحفاد عكرمة ما زالوا يتبايعون على الموت، وأحفاد القعقاع صوتهم في الجيش يخلع القلب من مكانه، وأن الخنساء لم تمُتْ، وأن عشرات آلاف النُّسخ منها ما زلن يعِشْنَ بيننا، يُقدمنَ أولادهُنَّ في سبيل الله صابراتٍ محتسبات، وأن نحترم النِّعم، حيث كانت شربة الماء النَّظيف حُلُماً، والرَّغيف الطازج إنجازاً، والاستحمام رفاهية، وأن قتال العدو بإخلاص يحيي روح الجهاد في الأمة.
وأن القانون الدولي مجرَّد حبر على ورق، وأن مؤسسات حقوق الإنسان نفاق غربي، وشعارات جوفاء، وأن المنظمات الدولية تأسست للهيمنة على العالم ونصرة القوي وهي أدوات بيد القوى العظمى، وأن الكيان الصهيوني رأس حربة الغرب، وخنجر في خاصرة الأمة، يقفون خلفه بكل إمكاناتهم العسكرية والسياسية والمالية لحمايته من السقوط، وأن الإعلام عندما يمارس عمله بمهنية ومصداقية ويسخر لخدمة قضايا الأمة فإن بوسعه أن يفعل الكثير، وأن الأمة التي اختارها ربها لحمل أمانة التبليغ والهداية، والشهادة على الأمم، لن تزول حتى قيام الساعة.