لم يأت وصف الله لليهود بأنهم «أشد الناس عداوة للذين آمنوا» من فراغ، وإنما هي حقيقة يؤكدها الواقع التاريخي والمعاصر، والأحداث الجارية في غزة، ولهذا واجبنا أن نعد الأمة لقتالهم بعيداً عن الشعارات المزيفة للتطبيع والسلام والعيش جنباً إلى جنب.
«المجتمع» طرحت هذا التساؤل: كيف نعد الأجيال الحالية والقادمة لملاقاة اليهود؟
في البداية، يؤكد د. محمد عبدالدايم، عميد كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة- جامعة الأزهر، أن القتال بين اليهود والمسلمين من مقدمات آخر الزمان، ويكون المعتدي فيها هم اليهود كما هو حادث الآن، كما أن إسلامنا يرفض الاعتداء على المسالمين، ولم يكن اليهود عبر تاريخهم الطويل قبل الإسلام وبعده، قوم سلام، بل إنهم لا يعيشون إلا في الفتن والحروب والوقيعة بين الناس حتى يكونوا هم الأسياد المسيطرين رغم قلة عددهم.
تكامل ثلاثية الأسرة والتعليم والإعلام في إعداد الأجيال الجديدة
وأضاف: لا بد من إعداد الأجيال للمعركة النهائية والحتمية مع اليهود، وتعريفهم أنها قادمة لا محالة، وأن ما يجري لأهلنا في فلسطين مقدمة وتهيئة للأمة لهذه المعركة الفاصلة التي تكون فيها نهاية اليهود، وتصديقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ».
ومن المؤكد أن هذه المعركة اقتربت –حسب رواية الأشقاء في فلسطين المحتلة- أن اليهود يكثرون حالياً من زراعة شجر الغرقد؛ لأنهم يعدون أنفسهم لمعركة «هرمجدون»، حسب عقيدتهم، حيث يقودهم فيها المسيخ الدجال الذي يحكم العالم ألف سنة بفتنه وضلاله وقوته فيما يطلقون عليه الألفية السعيدة لأنهم شعب الله المختار، وأن قتلهم الأغيار-كل البشر- إنما هو بأمر الرب وطاعة له.
علاج الضعف
ويرى د. سيف قزامل، العميد السابق لكلية الشريعة القانون- جامعة الأزهر، أن إعداد الأمة لقتال اليهود يكون بعلاج أمراضها التي حذرنا منها الله، حين قال: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال: 46)، فالنتيجة الطبيعية لمرض التنازع والفرقة هو ما تعانيه الأمة حالياً.
وأوضح أن لا بد من تكامل ثلاثية الأسرة والتعليم والإعلام في إعداد الأجيال الجديدة بأن تكون لها قضية تعيش وتموت من أجلها، وأهدافها منطلقة من دينها، وأن يحسنوا قراءة سير أبطال الأمة الذين قهروا الأعداء في مختلف العصور، وفي أصعب الظروف، وأن نتقدم في شتى المجالات علمياً واقتصادياً وعسكرياً.
التنشئة الدينية وغرس روح الجهاد في نفوس الشباب
ويشير قزامل إلى أنه من قلب المحن تولد المنح، وسنن الله في خلقه تؤكد ذلك، فإن أكثر الأوقات إظلاماً قبل الفجر، ولكن واجبنا أن نعود إلى الله ونتوكل عليه، والأخذ بالأسباب، لأن التاريخ يؤكد أن المسلمين لم ينتصروا بالعدد أو العتاد وإنما بقوة الإيمان.
وما أعظم رسالة الفاروق عمر إلى ولاته وقادة جيوشه: فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدّة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسًا من المعاصي منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما ينتصر المسلمون بمعصية عدوهم لله؛ ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة؛ لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدّتنا كعدّتهم، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا لم ننصر عليهم بفضلنا، ولم نغلبهم بقوتنا.
حرب وجود
ويشدد د. حسن كمال، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية، على أن حربنا مع اليهود وجود لا حدود، وهذا ما أكده الإرهابي الصهيوني بنيامين نتنياهو الذي استشهد أكثر من مرة في تبرير لحرب الإبادة بنصوص توراتية ومباركة 44 حاخاماً حين قال بالنص: هناك لحظات تواجه فيها الأمة احتمالين؛ أن تفعل أو تموت، ونحن الآن نواجه هذا الاختبار وليس لديَّ أدنى شك في كيفية نهايته؛ سنكون المنتصرين، فنحن أبناء النور، وهم أبناء الظلام، يقول كتابنا المقدس سفر صموئيل الأول (15: 3): «الآن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما لهم ولا تعف عنهم، بل اذبحوا رجلاً وامرأة طفلاً ورضيعاً بقراً وغنماً جملاً وحماراً».
وقد فضحه المؤرخ الأمريكي الشهير خوان آر آي كول، أستاذ التاريخ بجامعة ميشيغان، وخبير العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي، فقال: إن نتنياهو أشار إلى الكتاب المقدس لكي يبرر الإبادة الجماعية التي ارتكبها ضد المدنيين في غزة، لكن كتابه المقدس الحقيقي هو الصهيونية التحريفية بأيديولوجيتها الفاشية والاستعمارية الصريحة.
الوحدة ونبذ الخلاف وتحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي
ويضيف قائلاً: يؤمن قادة «إسرائيل» أن كيانهم في طريقه للزوال على يد المسلمين بشرط قوة الإيمان حتى تمتلئ المساجد بالمصلين وخاصة في الفجر، استمرار روح المقاومة مثلما فعلت المقاومة الإسلامية في «طوفان الأقصى» فنالوا شرف البشارة النبوية: «لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك»، قالوا: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: «ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس».
صانعة الأبطال
وتشير د. عفاف النجار، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية، أن إعداد الأمة لقتال اليهود يبدأ من الأسر التي تقوم بالتنشئة الدينية، ثم مناهج التعليم لتتضمن قضايانا المصيرية ومنها قتال اليهود.
وأوضحت أن مفتاح النصر لن يكون إلا إذا كانت الأمهات يتخذن من سير الصحابيات والتابعيات الصالحات المجاهدات نموذجاً لهن بدلاً من الفنانات وعارضات الأزياء، ولهذا خلد التاريخ والمؤرخون ذكرهن، لارتباطهن بمعاني التضحية لرفع راية الإسلام.
وأنهت كلامها مؤكدة أنه يجب أن تكون الأمهات كالخنساء في جهادها، ستكون هذه بداية النصر النهائي على اليهود، وكم من الخنساوات في فلسطين الحبيبة التي يزيدهن استشهاد الآباء والأخوة والأزواج والأبناء قوة وتصميماً على المزيد الإنجاب، فهي صانعات الأبطال ضد اليهود، فنحن في حاجة إلى مثل الخنساء في كل دولنا العربية والإسلامية، حتى ينصرنا الله القائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد : 7).