تحقيق: مجاهد الصوابي- عبدالغني بلوط:
بداية، يؤكد الداعية الإسلامي الشيخ سلامة عبدالقوي، لـ«المجتمع»، أن الحرب العالمية التي تقودها أمريكا وأوروبا متمثلة في حرب الصهاينة على غزة قد وضعت الأمة بوجه عام، والعلماء بوجه خاص، أمام مسؤولية شرعية لا تسقط عنهم، ولا عذر لأحد بعدم القيام بها، فواجب الأمة وخاصة العلماء فرضٌ لا يسقط إلا بالقيام به، يتمثل هذا الفرض فيما يلي:
أولاً: النفير العام، بمفهومه الشرعي؛ وهو تحرك الأمة كلها بسرعة للجهاد بالمال والنفس، كما قال تعالى: (انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ) (التوبة: 41)، ثانياً: بذل الجهد قدر الاستطاعة كما قال تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ) (الأنفال: 60)، والمخاطَب في الآيات الأمة؛ أفراداً وجماعات.
عبدالقوي: وضع خطة تنفيذية توضح الإجراءات العملية لإغاثة غزة
ومن الواجب على العلماء في الأزهر، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء أهل السُّنة، وغيرها الكثير من الكيانات أن يدركوا أن الأمة الآن تعيش مرحلة فارقة لا تتكرر كثيراً في تاريخنا، وعليهم فريضة بيان الحكم الشرعي بالجهاد في سبيل الله بالنفس والمال؛ لأنها حرب على الإسلام وليست فقط على غزة، وعدم الاكتفاء بالبيانات والتصريحات والفتاوى؛ بل وضع خطة تنفيذية توضح الإجراءات العملية لإغاثة غزة يشارك فيها العلماء والأطباء والمهندسون والرموز السياسية والإعلامية والفكرية على مستوى العالم، وخاصة غير المسلمين، ولو وجدت الإرادة فما بعدها أسهل.
استخدام الوسائل المتاحة
فيما يقول إيهاب نافع، المسؤول السياسي السابق للجماعة الإسلامية في طرابلس والشمال، لـ«المجتمع»: ينبغي على كل مسلم ذي دين ومروءة وشهامة أن يستخدم كل الوسائل المتاحة لديه من وسائل إعلام إلى التواصل الاجتماعي، إلى بذل المال والجهد فضلاً عن بذل الأرواح لمن تسنى له ذلك؛ مشيراً إلى أنّ هذه الثلّة المؤمنة في غزّة تنوب عن ملياري مسلم في جهاد العدو الصهيوني، وحماية الأمة من خطرهم، رغم ذلك خذلانهم وتآمر الحكام وتواطؤهم عليهم!
نافع: على الشعوب الإسلامية الضغط على الحكام لفك حصار غزة
وناشد نافع كافة الشعوب الإسلامية الضغط على حكامهم ليقوموا بفك الحصار عن غزة وأهلها، وأن يظهروا كل معاني التأييد لأهلنا هناك، وتوصيل رسالة قوية للحكومات الغربية توضح فداحة الجريمة التي يقومون بها من خلال دعمهم للاحتلال الصهيوني، ومدى الضرر الذي لحق بصورة العالم الغربي الذي كان يتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
من جانبه، يقول خالد الجهني، المحلل والناشط السياسي الأردني، لـ«المجتمع»: إن واجب الأمة حكاماً ومحكومين أن تقدم للمجاهدين في قطاع غزة المال والرجال والسلاح والمؤونة، وهو ممكن رغم كل العقبات والتحديات، ويدعم ذلك حالة الرأي العام العالمي الشعبي والرسمي.
وأضاف أن ذلك أوجب على دول الطوق المحيطة بفلسطين أن تمنع مرور البضائع إلى العدو الصهيوني عبر أراضيها، وتغلق مجالها الجوي أمام أي طيران مدني وعسكري يخدم العدو، وهذا من شأنه قلب المعادلة فيصبح العدو هو المحاصَر.
كما أن على الشعوب الإسلامية واجب تعظيم المقاطعة الاقتصادية على القوى المؤيدة للعدوان على غزة، والتظاهر أمام سفاراتها بأعداد ضخمة ومتواصلة من شأنه إحداث تحول مؤثر في المشهد الرسمي، وإجبار السلطات المصرية على فتح معبر رفح.
الجهني: تقديم المال والرجال والسلاح والمؤونة للمجاهدين في غزة
وأوضح الجهني أن حالة الاستنفار العالمية التي ساندت العدو الصهيوني بعد 7 أكتوبر 2023م لا بد بأن تواجَه بحالة استنفار على مستوى الأمة تساند المقاومة في غزة وفلسطين، فالمعركة حضارية أممية وإن كان ظاهرها يتعلق بفلسطين بحدها الجغرافي.
واجب الشعوب
بدوره، يقول الكاتب الإعلامي اليمني وديع عطا، لـ«المجتمع»: في اعتقادي أن الأنظمة (العربية والإسلامية) الحاكمة لا تتحمل وحدها وزر التقصير وعار اللحظة التاريخية لخذلان فلسطين في غزة والقدس والضفة وغيرهم؛ بل إن المسؤولية والعار الأكبر يقعان على الشعوب أيضاً.
فالشعوب التي أسقطت أنظمة استولت عقوداً على الحكم، وخرجت (ثائرة) ضد الظلم ولأجل الحرية والكرامة، قادرة على أن تفعل نفس الشيء وأكثر، إن أرادت ذلك، هذا إن كان ما قامت به الشعوب ثورات حقيقية وليست «تجارب ثورية».
هذا في البلاد التي شهدت انتفاضات وثورات، أما بقية البلدان فإن اللحظة تقتضي يقظة ضمير واستشعاراً حقيقياً لموجبات الإنسانية والإسلام نحو إخوة الدين والعرق واللغة والتاريخ والمصير، والإيمان أن حربنا مع العدو الصهيوني مسألة وجود لا مشكلة حدود، ولا يزال في الوقت سعة يا أمة المليارين.
عطا: يقظة ضمير واستشعار لموجبات الإنسانية نحو إخوة الدين بغزة
وفي حديثهما لــ«المجتمع»، أكد المفكر محمد يتيم، والأستاذ الجامعي عبدالعالي حامي الدين، من المغرب، تنوع أشكال الدعم الذي يمكن تقديمه للمقاومة الفلسطينية ضد العدوان الصهيوني، سواء من قبل الدول والحكومات أو الشعوب؛ عسكرياً أو سياسياً أو مدنياً، مشيدين بمبادرة جنوب أفريقيا برفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد الاحتلال بتهمة الإبادة الجماعية.
وأكد يتيم، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح المغربية، أن الدول الإسلامية لها مسؤوليات لرد العدوان، وعدم خذلان أهلنا في فلسطين، مشدداً على أن الدفاع المشترك يجب أن يكون من بين أهداف منظمة التعاون الإسلامي، بل أن تصطف هذه الدول وتدعم قرارات الهيئات الدولية ومجلس الأمن حين يتخذ قراراً في مواجهة أي شكل من أشكال العدوان على أي بلد معتدى عليه، خاصة إذا كان يُحتل أرضه وتُنتهك مقدساته كما هو الشأن بالنسبة لفلسطين والمسجد الأقصى.
وأوضح أن الدول الإسلامية أولى برفع دعوى قضائية ضد العدو الصهيوني، مشدداً على ضرورة استمرار الدعم السياسي الجماهيري من خلال الوقفات والمسيرات، حيث نلاحظ للأسف أن زخم هذا الدعم في دول غربية أقوى وأكبر مما تعرفه كثير من الدول العربية والإسلامية.
يتيم: الدفاع المشترك يجب أن يكون من بين أهداف «التعاون الإسلامي»
وعلى الصعيد الشعبي، أشار يتيم إلى الدعم بالدعاء لنصرة إخواننا في فلسطين بأن يثبتهم وينصرهم على عدوهم وعلى الصهاينة المجرمين، كما أولى أيضاً أهمية للدعم الفكري والثقافي من خلال تعريف الأجيال الصاعدة بالقضية ومراحل تطورها ولا سيما بالمحطات الإجرامية الصهيونية الكبرى التي ارتكبت في حق الشعب الفلسطيني، وبصورة عامة من خلال تعزيز ثقافة المقاومة.
عجز الأنظمة السياسية
بدوره، أشار القيادي في حزب العدالة والتنمية المغربي عبدالعالي حامي الدين إلى أن هذه الحرب العدوانية ارتكبت فيها جميع أنواع الانتهاكات المحرمة بموجب القانون الدولي وكذلك الإنساني، التي استهدفت بشكل ممنهج المدنيين الأبرياء ونخبة المجتمع والأحياء السكنية والمباني ذات الدلالة الحضارية، وذلك بواسطة الصواريخ الموجهة والقنابل الذكية.
ولاحظ المتحدث ذاته أنه في الوقت الذي تداعت فيه معظم الحكومات الغربية بقيادة الولايات المتحدة لدعم العدوان الصهيوني بمختلف أنواع الدعم العسكري والسياسي، يبدو المشهد في العالم العربي والإسلامي موزعاً بين إرادة الشعوب المساندة للشعب الفلسطيني وعجز الأنظمة السياسية التي اختار بعضها التواطؤ مع العدو، وبعضها الآخر اختار الصمت ومتابعة المشهد منتظراً نهاية الحرب ليرتب موقفه على ضوء نتائجها، والبعض الآخر اكتفى بالتعبير عن بعض المواقف الداعمة سياسياً وإعلامياً للشعب الفلسطيني، عاجزاً عن تقديم الدعم والمساندة التي يحتاجها في هذه اللحظات العصيبة.
حامي الدين: أهمية المبادرات الدبلوماسية واستقبال قادة المقاومة
وأكد حامي الدين ضرورة دعم الشعب الفلسطيني في معركته العادلة والمشروعة ضد الاحتلال الاستيطاني المتواصل منذ 76 عاماً بالسلاح العسكري أولاً، والدعم الإنساني ورفع الحصار عن غزة ومدها بأسباب الحياة من طعام وشراب ودواء.
وعلاوة على الدعم الإعلامي، شدد على أهمية المبادرات الدبلوماسية والسياسية واستقبال القادة السياسيين للمقاومة الذين يوجدون في الخارج والتعبير عن التضامن معهم ورفع الحصار عنهم.