في 11 و12 مايو 2004م، تعرضت مدرعتان صهيونيتان من نوع «M113» لاستهداف مباشر من المقاومة في حي الزيتون، ثم في رفح، أدى إلى قتل 6 جنود، و5 جنود، على التوالي، بحسب اعتراف قوات الاحتلال؛ حيث انتشرت بعدها صورة شهيرة لجنود الاحتلال وهم يمسحون تراب غزة بأيديهم وهم يجثون على ركبهم بحثاً عن الأشلاء المتطايرة لزملائهم القتلى؛ وقد عُرفت تلك الحادثة حينها بـ«مجزرة ناقلات الجند المدرعة».
ثم جاءت حرب عام 2006م وخسائر المدرعات على يد المقاومة اللبنانية، ثم في حرب عام 2008-2009م لتطلق برنامجاً شاملاً لتطوير ناقلة جند مدرعة تملك نفس مستوى حصانة دبابة «الميركافاه»، وهو ما أطلق مشروع ناقلة «النمر» في عام 2008م.
في 19 يوليو 2014م، تكرر المشهد في معركة الشجاعية؛ حيث سحقت المقاومة ناقلة جند مشابهة قتل فيها 7 جنود، وهو ما أدى لاتخاذ قرار بمنع إدخال ناقلات الـ«M113» إلى غزة ولبنان، وحصر الحركة في هاتين الجبهتين بناقلات «النمر» (عددها 290 مع بداية الحرب)، و«ميركافا 4» (عددها يقدر 600 مع بداية الحرب)، و«ميركافا 3» المحدثة (عددها يقدر بـ550 مع بداية الحرب)؛ ما ترك الاحتلال مع نحو 1850 مدرعة يمكن استخدامها في الجبهتين إذا ما احتسبنا الأنواع الأخرى من ناقلات الجند المحصنة التي بناها جيش الاحتلال على قواعد دبابات كان يمتلكها أو اغتنمها من الجيوش العربية، وحرمه من توظيف العدد الأكبر من عرباته المدرعة حيث يقدر أنه يمتلك 5500 ناقلة «M113»؛ ما يجعله أكبر مالك لها بعد الجيش الأمريكي.
في مشاهد الاشتباك في خان يونس التي نشرت في 25 فبراير الجاري، ظهرت ناقلة «M113» من جديد؛ ما يعني أن الاستنزاف الذي سبق الحديث عنه في سلاح مدرعاته قد أجبره على العودة لاستخدام هذا المخزون بعد 10 سنوات من قرار استبعاده، ويعزز ذلك أن المدرعة ظهرت بطلاء غير مكتمل؛ أي أنها استدعيت بشكل طارئ ولم تكن مهيأة مسبقاً للقتال.
بمجموع إحصاءات «كتائب القسام» وحدها، فقد استهدفت أكثر من 1100 مركبة مدرعة خلال الحرب؛ أي أكثر من نصف المدرعات المسموح لها بدخول جبهة غزة؛ وظهور الـ«M113» اليوم مؤشر على أن جزءاً كبيراً من هذه المدرعات خرج من الخدمة، أو أُعطب بما لا يسمح بعودته للجبهة، ومؤشر على أن كل استهداف قادم لهذه الناقلة سيعني مقتل كل من فيها، وهي التي بات جيش الاحتلال يسميها «التوابيت الحديدية» منذ أن أطلق مشروع استبدالها في عام 2008م.