طارق الشايع
لقد عاش الشعب الفلسطيني – ولا يزال – في محنة كبرى، منذ ما يزيد على المائة عام، على يد احتلال صهيوني عنصري همجي وغير انساني، تجمع من شتات الأرض من 112 دولة ويتكلمون 87 لغة، فهم يشكلون ما يقارب 5.5 مليون يهودي من السكان، قدموا إلى أرض فلسطين بدعم غربي ودولي سافر، وتواطئ وتخاذل وخنوع وتآمر عربي واضح، وضعف ووهن إسلامي مؤلم.
وعلى الرغم من كل المعاناة والآلام والمحن التي عاشها – ولا يزال – الشعب الفلسطين الصامد، ويتألم بسببها مئات الملايين من أبناء أمتنا العربية والإسلامية في كافة أنحاء الأرض؛ إلا أننا نشعر عن قناعة واطمئنان كامل ويقين لا شك فيه بقرب وعد الانتصار وتحرير كامل الأرض وتطهير الشرف والعرض، وإزالة هذا الورم السرطاني الخبيث من أرضنا العربية الإسلامية، وليس ذلك عن عاطفة هوجاء أو أمل خادع أو تقدير متعسف أو إراحة للضمير، بل هي رؤية واقعية حقيقية بحتة، واضحة كوضوح الشمس، ونظرة متأنية تحليلية، لواقع أعدائنا أولا من المحتلين الصهاينة قاتلي الأطفال وهادمي الحجر، ولواقعنا الفلسطيني والعربي والإسلامي ثانيا، وهذا اليقين لا يهدف إلى أن يرتاح بالنا وتهدأ نفوسنا وننام ملء جفوننا؛ انتظارا لهلاك عدونا على أيدي غيرنا، ولكنه يقين يدفع إلى بذل المزيد من الجهد والعرق والتضحية، وأمل يدفع إلى مزيد من العمل والحركة والعطاء والمجاهدة والصبر، حتى يمن الله عز وجل علينا بنعمة النصر والتحرير والتمكين، وصدق الله العظيم: (“وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون”) [التوبة: 105].
أحبتي في الله؛ إلى الشباب المسلم، إلى محركي الثورات وقلب الأمة النابض بالحياة، إلى شباب التغيير والقوة أضع بين أيديكم جانبا مهما من جوانب مرحلة تاريخية مر بها إخوانكم في فلسطين الحبيبة انتهت باحتلاله على أيدي العصابات الصهيونية، وإعلان قيام بما يسمى – دولة إسرائيل – .
فقد جاء زرع الكيان الصهيوني في أرض فلسطين حلا غريبا لمشكلة اليهود في أوروبا، عن طريق خلق مشكلة للبلاد العربية والإسلامية، تستنزف طاقاتها وتمزق وحدتها وتفرق جمعها لسنوات طويلة، حيث تتحمل بريطانيا تاريخيا وأخلاقيا وبشكل كامل؛ كل تداعيات تلك الجريمة النكراء، منذ وعد بلفور 1917م وتسهيلها لعملية هجرة اليهود، إلى دعم قيام “إسرائيل” وحمايتها، ثم تلتها الولايات المتحدة الأميركية. فاليهود ليس لهم أي حق ديني أو تاريخي في أرض فلسطين، وأن ما يجري هو ممارسة لغطرسة القوة من قبل الاحتلال المدعوم غربيا، ويوم أن تقوى أمتنا الإسلامية معنويا وماديا ستتحرر فلسطين الحبيبة ويعود الأقصى والمسرى.
إن الشعب الفلسطيني تنبه منذ اللحظات الأولى لخطر الهجرة اليهودية، فبدأ يقاومها سلميا وعسكريا، في ضوء إمكاناته وقدراته وطاقاته، فقد قدم في سبيل ذلك الكثير من الشهداء والجرحى. ولم يبيعوا أرضهم طوعا للاحتلال، فالعلماء المسلمين أفتوا منذ وقت مبكرة، بحرمة بيع الأراضي الفلسطينية لليهود.
يكفي أيها الأحباب ذكر هذه اللمحة السريعة والمختصرة لتوجب علينا أن ننتصر لأهلنا في فلسطين، فما بالكم إن نحدثنا عن مجازر وحصد للأرواح والأشجار وهدم للبيوت والأحجار، فواجب علينا محاربة الاحتلال الصهيوني العنصري، الذي اغتصب ومايزال بلادنا؛ ودنس مقدساتنا وقتل وشرد أهلنا؛ بكل أشكال المقاومة، كل من مقامه وطاقته، فالمقاومة الفلسطينية والعربية كادت أن تحرر الأرض وتعيد الكرامة للأمة؛ لولا التآمر والخيانة والخديعة، التي شاركت فيها حكومات عربية وأجنبية وهو ما أدى إلى تلك النهاية. إن حركة التاريخ تؤكد أن الاحتلال – أي احتلال – لا يمكن أن يستمر إلى مالا نهاية، وأن الأمم والشعوب وخصوصا حضارتنا الإسلامية يمكن أن تضعف، ولكنها لا يمكن أن تفرط في حقها. فدماء الشهداء الأبطال لن تضيع؛ بل هي تروي أرضا مباركة لتنبنت نفوسا أبية صامدة تصدق مع الله لتحمي الأرض والعرض، وتنتظر فرصة مناسبة لتحقيق النصر؛ وهو قادم لا محالة إن شاء الله. فهلا عملتم ومهدتم الطريق إلى القدس من جديد !؟ ، هلا كنتم الفاتحين الجدد أسوة بسيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – والقائد البطل صلاح الدين الأيوبي – رحمه الله – ؟! .
(*) المنسق العام لرابطة شباب لأجل القدس العالمية