عند تعيين مجلس أمناء للبلديات التي شاركت في الإرهاب، والتي تدعم الإرهاب، أعلنت نائبة رئيس “حزب الشعب الديمقراطي” فيجن يوكسيكداج في بيان قائلة فيه: (سوف ندمر العيد لهم). بعد ذلك؛ وفي اليوم الأول من عيد الفطر، قام حزب العمال الكردستاني باستخدام وتفجير آلية محملة بأكثر من طن من القنابل قرب مبنى “حزب العدالة والتنمية”، وبسبب حاجز تم إقامته مسبقاً من قبل حزب العدالة والتنمية تعذر وصول الآلية إلى الجزء الأمامي لمبنى الحزب، فتغير التفجير عن المسار الذي حدد له، وكان المخطط له أن تنفجر الآلية بلحظة حسبت على أنها ستكون من أكثر الأوقات ازدحاماً بسبب جو العيد، مما قد يسفر عن إصابة حوالي 50 مدنياً.. وكان الهدف التسبب بأكبر عدد ممكن من الوفيات، حينها سيكون قد تم تدمير بهجة العيد بأكمله مثلما هددت وتوعدت نائب رئيس حزب الشعب الديمقراطي.
ثم في شمديلين، حيث قدم اثنان من الإرهابيين إلى منزل أحمد بوداك، مرشح “حزب العدالة والتنمية” في الانتخابات، وقاما بطرق بابه، والقيام بخداعه عن طريق إعطائه انطباعاً بأنهم أتوا للقيام بزيارة العيد، وبمجرد وصوله إلى الباب تم اغتياله بأشنع طريقة أمام منزله وأمام أطفاله، عندها حقاً تم تدمير العيد وبهجته لتلك العائلة.
ألا تبدو هذه الحالة ملتوية وغير مناسبة بما فيه الكفاية؟ فنائب رئيس حزب الشعب الديمقراطي تهدد بإفساد العيد والتهديد يتحقق عن طريق المنظمة الإرهابية حزب العمال الكردستاني!!. ما هو نوع التحدي للكشف عن العلاقة بين حزب الشعب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني فيما حدث؟!. إن قيام نائب رئيس الحزب الشعب الديمقراطي بهذا التهديد يكشف الأمور تماماً ولا يحتاج إلى مجهود لكشف العلاقة، ولكن هذا التحدي تم تحقيقه فوراً ودون إضاعة أي وقت ليشكل تحدياً آخر.. إنه تحدٍ يكشف عن علاقة وقحة وصفيقة ومنحرفة.
إنهم يعارضون تعيينات الحكومة للأمناء باسم الديمقراطية، حيث إن استجابتهم تنحدر من الإرهاب والعنف، وهي أبعد ما تكون عن الديمقراطية. وبهذه الطريقة وبأيديهم يظهرون بأنهم لا يستحقون حتى التنفس داخل حدود الديمقراطية؛ ولا يستحقون البقاء داخل حدود السياسة القانونية ولو ليوم واحد.
في الواقع؛ إنهم لا يلجؤون إلى الإرهاب، لأنه تم تعيين مجلس أمناء للإدارات المحلية.. ودعونا نتذكر بداية القصة: لقد تم تعين مجلس أمناء لأن بلدياتهم تقوم بارتكاب أعمال إرهابية أو تقدم الدعم للإرهاب، وبعبارة أخرى, فقد اعتادوا على الاضطلاع بالأنشطة السياسية التي ما لبثت أن تشابكت وتضافرت باستخدام الإرهاب، بحيث تحولت هذه العادة إلى حق من الحقوق، أو إنهم يريدون إجبارنا على القبول بها على هذا النحو.
أليست هاتان الحادثتان كافيتين لتبين لنا بوضوح كيف يحصل حزب الشعب الديمقراطي على الأصوات في الجنوب الشرقي؟!، وكيف تكون له القدرة على إقامة مثل هذه الهيمنة على أكثر الأصوات في كثير من المناطق؟!.
ففي الانتخابات الأخيرة، قام حزب العمال الكردستاني بقيادة حملة انتخابية كاملة لحزب الشعب الديمقرطي. فقد ذهبت عناصر مسلحة لحزب العمال الكردستاني من قرية إلى قرية ومن منزل إلى منزل، والقيام بضغط كبير على الناس لمنعهم من أن يترشحوا على قائمة “حزب العدالة والتنمية”، أو ينتخبوا مرشحيه.
هذا التهديد كان كافياً لردع الغالبية العظمى عن الترشح، ولكن أولئك الذين كانت لديهم الشجاعة ليصبحوا مرشحين لحزب العدالة والتنمية تم أخذهم إلى المخيمات المجاورة والتي كانت نشطة في تلك الأيام ومحاكمتهم فيها، مع فرض عقوبات عليهم وتنفيذها.
العديد من السياسيين ورجال الأعمال، وقادة الرأي دفعوا تكاليف باهظة لعضويتهم في “حزب العدالة والتنمية”، سواء كان مرشحاً أو متعاطفاً مع الحزب, وحتى لعدم إعطاء حزب الشعب الديمقراطي ما يكفي من الدعم.
كانت هذه التكاليف على شكل ابتزاز، نفي، أو تعرض لشرف الفرد أو القتل.
ما قام به حزب العمال الكردستاني وحزب الشعب الديمقراطي بإعطاء وعود للأكراد لم تكن الحرية من ضمنها، فقد أعطوا الأكراد خياراً واحداً للحرية: وهو أن تنحني لحزب العمال الكردستاني.. ففي حال رفض أي كردي الانحناء لحزب العمال الكردستاني، فقد كان يُحكم عليه بتهمة “كردي خائن” وكانت تتم معاقبتهم.
ومع ذلك, فإن ضحايا حزب العمال الكردستاني من الدرجة الأولى أيضاً هم من الأكراد، فحزب العمال الكردستاني عداوته ضد الأكراد ليست فقط لأن رؤيتهم السياسية غير متوافقة من حيث الثقافة أو التقاليد أو الإيمان, على العكس من ذلك، فكل يوم، حزب العمال الكردستاني فعلياً يقوم بمهاجمة حياة الأكراد، وممتلكاتهم، ومستقبل أطفالهم، وشرفهم وحريتهم.
إنهم يقاتلون ضد الدولة ليضعوا الأكراد تحت وصايتهم, حيث يرون أنهم أضحوا غير قادرين على إقناع الأكراد ليكرسوا أنفسهم لهم من خلال الوسائل الديمقراطية، على الرغم من أنهم يقومون بتطبيق ضغوط ثقيلة عليهم.. وعلى هذا النحو، فإنه لا يعتبر شيئاً مقارنة بتصميمهم على تطبيق تكتيكات موصى بها من قبل حزب العمال الكردستاني الجماعة الإرهابية التي يتزعمها المسجون عبد الله أوجلان، والذي يقول: “إن السبيل الوحيد لجعل الأكراد يستمعون يكون من خلال ضربهم”.
فبعد أن خسروا فرصة كبيرة كادوا أن يحصلوا عليها في 15 يوليو الماضي، ورؤيتهم لممر أحلامهم يتلاشى على الأرض بتدخل تركيا في جرابلس، بدأ حزب العمال الكردستاني مرة أخرى برفع عصاة الضرب على السكان الأكراد الذين خسروا دعمهم، وعمّت الفوضى في محاولة للحصول على الأكراد وإخضاعهم مرة أخرى من خلال استخدام تلك الوسائل القمعية. كما أنه لم يعد مقبولاً من أوجلان إهاناته الشديدة وتحليلاته حول الأكراد, وخيار المطالبة بأرض كردية من الجمهورية التركية لم يعد خياراً مقنعاً للأكراد أنفسهم, إذ أضحى حلم خارج ما خطط له.
دعونا نرى كم سيستطيع “حزب العمال الكردستاني” في الذهاب للنضال من خلال هذه الإستراتيجيات اليائسة؟!. ويبدو أنه في نهاية هذا الصراع، لن يكون لديهم أي خيار سوى أن يغرقوا أكثر ويدمروا أنفسهم. فبعد 15 تموز/ يوليو “حزب العمال الكردستاني” لم يعد لديه خيار سوى رؤية الوضع الجديد والانضمام إليه، وفي هذا الوضع لا يوجد له مجال للانضمام بسبب العنف والإرهاب، والطعن, والغدر.
وفي النهاية أتمنى الشفاء العاجل للمصابين في الهجوم الذي نفذه “حزب العمال الكردستاني”؛ ونسأل الله تعالى أن يتولى برحمته الأخ أحمد بوداك، الذي استشهد غدراً في شيمدينلي في اليوم الثاني من العيد أمام أعين أطفاله، وأتقدم بأحرّ التعازي لأسرته وأصدقائه.
(*) المتحدث الرسمي باسم حزب العدالة والتنمية – تركيا