المشروع سيمنح شرطة الإحتلال صلاحية استدعاء المؤذنين والأئمة للتحقيق معهم
ردود فعل الفلسطينيين “مسلمين ومسيحيين” صدم المحتل
زعبي: من يزعجه صوت الأذان ويظن أنه في أوروبا فعليه العودة ليأخذ راحته هناك
بكيرات: لم يتوقف الأذان في فلسطين منذ أكثر من 1400 عام
تواصل سلطات الإحتلال الصهيوني ممارساتها القمعية بحق كل ما يتعلق بالوجود العربي في الداخل المحتل ومدينة القدس، مستخدمة في ذلك كافة الوسائل المختلفة للتنغيص على الفلسطينيين وطردهم من بيوتهم، تحقيقا لأهدافهم في تهويد البلاد وتطهيرها من الفلسطينيين.
آخر تلك الوسائل للضغط على الفلسطينيين والتشديد عليهم هي إقرار ما تُسمى باللجنة الوزارية لشؤون التشريع قانون “منع الآذان عبر مكبرات الصوت في دور العبادة” في “إسرائيل” والذي قدمه عضو الكنيست موطي يوجاف من “البيت اليهودي” وأعضاء كنيست آخرين، وهو ما مثل استفزازا لأكثر من مليون وأربعمئة فلسطيني موجودين داخل الكيان الصهيوني ويشكلون 20% من عدد السكان البالغ أكثر من ثمانية ملايين نسمة.
استهداف المساجد
ومن الجدير بالذكر أن مشروع قانون منع الآذان، كان قد طرح قبل نصف عام، وعلى الرغم من أنه يفترض أن يطبق على كل مؤسسات العبادة سواء الإسلامية أو اليهودية ، إلا أن النائب “موطي يوغيف” من حزب “البيت اليهودي” اليميني كان واضحاً في تفسيره للقانون بأنه يستهدف مكبرات الصوت في المساجد.
ويحظر المشروع -وهو عبارة عن تعديل للمشروع الذي قدمه الحزب قبل سنوات- رفع الأذان بواسطة مكبرات الصوت في نحو 500 مسجد وخاصة في ساعات الليل والفجر، وذلك بذريعة “إزعاج مئات الآلاف من اليهود والحفاظ على جودة البيئة”.
وقد علل القانون هذا الحظر بزعمه أن الأذان “يزعج المواطنين الإسرائيليين ويسبب أذى بيئيا ويضر بمستوى المعيشة”.
وأضاف مشروع القانون -ضمن ذرائع منع الأذان- أن “سماعات المساجد تستعمل لبث مضامين تحريضية دينية ووطنية” خلال مناداة المصلين إلى الصلاة، مضيفا أن “القانون المقترح يقوم على فكرة أن حرية العبادة والاعتقاد لا تشكل عذرا للمس بنمط ونوعية الحياة”.
وبناء على نص هذا القانون؛ سيتم تحديد معدلات مكبرات الصوت في “مختلف بيوت العبادة لجميع الديانات” في “إسرائيل”، علما بأن المساجد هي الوحيدة في فلسطين التي تستخدم مكبرات الصوت لرفع الأذان.
في انتظار المصادقة
وجاء إعلان الحكومة الصهيونية عن عزمها تقديم مشروع قانون منع الأذان للكنيست لمناقشته والتصويت عليه بعد أن سحب حزب “التوراة اليهودية الموحدة” الديني، معارضته للمشروع بعد أن تم استثناء النفخ في البوق المستخدم للإعلان عن يوم السبت لدى اليهود منه.
وكان من المقرر أن يتم طرح مشروع قانون منع الأذان على الكنيست للتصويت عليه، قبل عدة أسابيع، بصيغة مقبولة على أحزاب الحريديم وتنص على منع الأذان في ساعات الليل فقط، لكن نتنياهو تراجع وأعلن عن أن هذه الصيغة ليست مقبولة عليه، وطلب العودة إلى الصيغة الأولى التي تشمل فرض قيود على الأذان في ساعات النهار أيضا.
وسيمنح المشروع -في حال إقراره من الكنيست- الشرطة “الإسرائيلية” صلاحية استدعاء المؤذنين والأئمة للتحقيق معهم، واتخاذ إجراءات جنائية ضدهم وفرض غرامات مالية على مخالفيه منهم.
محاولة لتشديد القانون
وفي محاولة من رئيس الحكومة الصهيونية ، بنيامين نتنياهو، للتوصل لإجماع داخل الائتلاف الحكومي لإسكات الأذان وعرض مشروع القانون على الكنيست للتصويت، التقى نتنياهو، بالعديد من وزراء حكومته واقترح عليهم أن يتم السماح برفع الأذان في مساجد القدس المحتلة والبلدات العربية مرة واحدة فقط بدلا من رفعه خمس مرات يوميا.
ويأتي ذلك، في الوقت الذي يسعى نتنياهو إلى تشديد قانون منع الأذان، بيد أنه يجد صعوبات داخل الائتلاف الحكومي خاصة من قبل أحزاب الحريديم التي تتحفظ على المقترح الأصلي للقانون، وذلك خشية أن يطال القانون الكنائس والصفارة التي تعلن عن دخول السبت.
وسيلتقي نتنياهو بوزير جودة البيئة زئيف الكين، الذي يعتبر من أكبر المناصرين لقانون إسكات الأذان وعدم رفع عبر مكبرات الصوت بالمساجد، وسيسعى إلى إقناع الوزير اليكن بقبول المقترح بالسماح بموجب القانون رفع الأذان مرة واحدة فقط باليوم، وفي حال حصل على موافقة جميع الأطراف، سيعرض القانون على الكنيست للتصويت عليه.
محاولات سابقة
وتنبغي الإشارة إلى أن قانون منع الأذان ليس المحاولة الأولى من نوعها في ما يتعلق بحظر الأذان بل سبقها العديد من المحاولات.
ففي 26 سبتمبر 2006 دهمت شرطة عكا حي وولفسون -الذي تبلغ نسبة السكان العرب فيه حوالي أكثر من 90% من مجمل سكان الحي البالغ عددهم حوالي 2500- وصادرت مكبرات الصوت من منزل مواطن كان يرفع بها أذان المغرب ليُعلِم أهالي الحي المسلمين بدخول موعد الإفطار، واشترطت لإعادة رفعه ألا تسبق ذلك تلاوة لآيات القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت، وألا يرفع الأذان مساء أيام الجمعة مراعاة لدخول عطلة السبت لدى اليهود. وهو ما وافق عليه سكان الحي.
وفي 13 ديسمبر 2011 تحدثت صحيفة إندبندنت البريطانية عن مشروع قانون -قالت إنه مثير للجدل ويهدد بتأجيج الحساسيات العربية الدينية والعرقية في “إسرائيل”- يقضي بتضييق الخناق على المساجد التي تستخدم مكبرات الصوت في رفع الأذان.
وفي 14 فبراير 2014 أدلت يوليا شترايم نائبة رئيس بلدية حيفا بتصريح شبهت فيه صوت الأذان بـ”أصوات الخنازير البرية”، ودعت أثناء اجتماع المجلس البلدي مؤخرا لوقف صوت الأذان في مساجد المدينة.
وفي 29 أكتوبر 2014 قرر حزب “إسرائيل بيتنا” تقديم مشروع قانون قديم جديد هدفه “إسكات” الأذان الذي ينطلق من المساجد الفلسطينية، لكن القانون جُمد بسبب حل الكنيست “الإسرائيلي”.
وفي 26 نوفمبر 2015 قدم النائب البرلماني عن حزب “البيت اليهودي” بتسلئيل سموتريتش مشروع قانون للكنيست يسمح بصدور قرارات أمنية بإغلاق “أي مكان يثبت أنه صدر منه تحريض” للقيام بعمليات مسلحة ضد اليهود “بما في ذلك المساجد”.
وفي 6 مارس 2016 أجلت اللجنة الوزارية لشؤون التشريعات في الحكومة “الإسرائيلية” مناقشة مشروع قانون تقدم به عضو الكنيست مردخاي يوجيف عن حزب “البيت اليهودي” المشارك في الائتلاف الحكومي.
كيف رد الفلسطينيون
ومنذ أعلن عن مشروع قانون منع الأذان لقي إدانات عربية ودولية واسعة، إضافة إلى الرفض الشديد من قبل القائمة العربية المشتركة بالكنيست والتي تضم 13 نائبا من أصل 120.
وفي تصريح شديد اللهجة قالت حنين زعبي عضو الكنيست العربي السابق: من يزعجه صوت الآذان ويظن أنه في أوروبا عليهم العودة إلى أوروبا ليأخذ راحته هناك من حيث أتى.
أما النائب في الكنيست أحمد الطيبي فلم يكتف برفضه للقرار بل صدح بصوته لرفع الأذان على مسمع ومرئى أعضاء الكنيست بصوت يملؤه الغضب.
وفي الوقت الذي أظهر فيه المقترح الصهيوني لوقف الأذان مدى ما يعيشه الفلسطينيون من تنكيل وتضييق صهيوني، فقد أظهر في المقابل مدى تماسك الفلسطينيين من مسيحيين ومسلمين ووقوفهم مع بعضهم أمام الأزمات والمحن، وهذا ما تجلى في تصريحات بعض المسيحيين الرافضة لمنع الأذان، إلى درجة ان أحد القساوسة رفع الأذان بصوته في كنيسة داخل القدس المحتلة، كما خرج العشرات من الأطفال من المسلمين والمسيحيين في مدينة نابلس بالضفة الغربية، يرفعون يافطات كتب عليها: «لن تسكت المآذن» في تحدٍّ للمحتل الصهيوني، وتأكيداً على عروبة وفلسطينية القدس مسلمين ومسيحيين.
وقد شكّل ذلك صدمة لقوات الاحتلال التي تفاجأت بوحدة المسلمين والمسيحيين بالتمسّك بتعاليم الشرائع السماوية، وهو ما انسحب على أماكن تواجد الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة وحتى في الشتات.
ولم يتوقف رفع الأذان في فلسطين ومدينة القدس المحتلة منذ 1400 عام، حسب المدير السابق للمسجد الأقصى ناجح بكيرات الذي ذكر أن الصحابي بلال بن رباح مؤذن النبي محمد صل الله عليه وسلم هو أول من صدح بالأذان في القدس، بعد أن فتحها الخليفة عمر بن الخطاب في العام الخامس عشر للهجرة.