يبدو أن القرارات الأخيرة للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، والمتضمنة الإطاحة بمحافظ عدن، عيدروس الزبيدي، وقيادات أخرى محسوبة على الإمارات، ستعيد “الحراك الجنوبي” إلى الواجهة، لكنها، في الوقت ذاته، تؤدي إلى انقسامه، بين الوقوف في صف المحافظ المقال، وبين الشرعية التي يمثلها هادي، وبين القيادات الحضرمية، التي بدا واضحاً أنها لم تعارض مؤتمر حضرموت الجامع، على الرغم من الريبة التي يثيرها جنوباً.
وأكدت مصادر محلية في عدن، لـ”العربي الجديد”، أن تيار “الحراك الجنوبي” الذي يعتبر محافظ عدن أحد رموزه، بدأ خلال الأيام القليلة الماضية بلملمة صفوفه، تحت مسمى “المقاومة الجنوبية” و”الشرعية الثورية الجنوبية”، في مواجهة القرارات التي أصدرها الرئيس الشرعي، وفيما بدا استعداداً لخطوات تصعيدية مقبلة، قد تعيد زخم “الحراك الجنوبي” والفعاليات المعارضة ضد الحكومة الشرعية بشكل عام.
تباين
وتقول المصادر: إنه وعلى الرغم من التضامن الغالب في أوساط “الحراك”، وما يسمى بـ”المقاومة الجنوبية”، مع الزبيدي، فإن هناك تبايناً بين من يرى أن قرار إقالة المحافظ، لا يجب أن يمر، ومن يطالب الزبيدي بقبوله والعودة إلى النشاط القيادي في إطار “المقاومة”، وأن يترك الفرصة للمحافظ الجديد، المعين عبدالعزيز المفلحي، لممارسة مهامه، قطعاً لأي تصعيد قد يؤثر على الأمن في عدن، ومن غير المستبعد أن يعود الزبيدي للمضي بتأسيس ما يسمى بـ”الكيان الجنوبي”، الذي كان قد دعا إلى تأسيسه في سبتمبر العام الماضي.
انقسام
وأظهرت ردود الفعل على المستوى الشعبي وقيادات “الحراك الجنوبي”، أو تلك الناشطة في إطار فعالياته، انقساماً واضحاً داخل “الحراك” بين من يقف مع الزبيدي، الذي يمثل أقوى تيار داخله، بل ويعتبر من مؤسسيه في محافظة الضالع، التي كانت خلال السنوات العشر الماضية تزخر بأخبار فعاليات “الحراك” والحوادث الأمنية، وأحياناً المواجهة المسلحة بين مسلحين تابعين إلى “الحراك” وقوات الجيش والأمن، في المحافظة. أما القسم الثاني من القيادات الجنوبية الفاعلة في “الحراك”، أو على الساحة الجنوبية بشكل عام، فهي مع الرئيس الشرعي. وقد بدأ هادي باستقطابها منذ سنوات، بما في ذلك الفترة التي عقد فيها مؤتمر الحوار الوطني، فضلاً عن وجود قسم من القيادات الجنوبية يرى أهمية للوقوف مع الشرعية والتحالف العربي، واعتبار ذلك الخيار الأمثل للعمل من أجل الجنوب وأمنه واستقراره، بما في ذلك، بعض من يعتبر الانفصال خياراً مطروحاً.
إلى ذلك، يبدو “الحراك الجنوبي”، أمام انقسام ثالث، غير معلن، ويتعلق بالموقف من “مؤتمر حضرموت الجامع”، الذي عقد في أبريل الحالي، وأعلن مشروعاً ذا صبغة حضرمية، لم تشر إلى الجنوب أو اليمن، ببنت شفة، ومعروف أن قيادات “الحراك” العليا، حضرمية المولد، وأبرزها نائب الرئيس الأسبق، علي سالم البيض، وكذلك رئيس أول حكومة في دولة الوحدة، حيدر أبوبكر العطاس.
وإزاء هذه التطورات، تنقسم آراء المتابعين في المحافظات الجنوبية لليمن، بين من يعتبر قرار إبعاد الزبيدي خطوة قد تؤدي إلى التحرك ضد الشرعية، وبين من يرى أنها تعيد النشاط ذات الطابع الجنوبي إلى الحياة، بعد أن دخل في مرحلة جمود، مع تعيين العديد من قياداته في السلطات المحلية في محافظات عدن ولحج والضالع وأبين، أو عسكرية وأمنية في القوات التي نشأت حديثاً، وذلك في الفترة التي تلت إعلان تحرير المحافظات الجنوبية من الانقلابيين في أغسطس 2015م.
من جانبه، أصدر ائتلاف القيادة العامة للمقاومة الجنوبية بياناً صحفياً، حصلت “المجتمع” على نسخة منه، بخصوص القرارات الجديدة التي أصدرها الرئيس هادي التي رحب فيها بالقرارات الرئاسية، ومشيداً بدور اللواء الزبيدي وخدمته لعدن خلال فترة توليه المنصب.
وقال الائتلاف في بيانه: إننا ندرك جيداً حجم التعقيدات وشدة المعاناة وطبيعة المواجهات التي نخوضها مع القوى الانقلابية بتنوع أساليبها ووسائلها وأدواتها، وقد وقفنا معاً صفاً واحداً، وتغلبنا على كثير من المصاعب الأمنية، وتعود تلك النجاحات إلى تماسكنا، وقد كان للواء عيدروس دور إيجابي في قيادة محافظة عدن خلال الفترة التي تلت استشهاد المحافظ اللواء جعفر محمد سعد.
ونحن هنا لا يسعنا إلا أن نشيد بدور اللواء عيدروس، المحافظ السابق، ونرحب بتعيين سعادة مستشار رئيس الجمهورية الأستاذ عبدالعزيز المفلحي، خير خلف لخير سلف، لقد كان قرار رئيس الجمهورية صائباً، مؤكدين وقوفنا إلى جانب المحافظ الجديد، كما وقفنا معاً مع السلف، وكما نتمنى للواء عيدروس التوفيق في مهامه الجديدة، بنفس الأمنيات نتمناها للمحافظ الجديد عبدالعزيز المفلحي التوفيق والنجاح، مؤكدين أننا لن نألو جهداً في دعم مسيرة التنمية في هذه المحافظة المدنية والوديعة.
وأكد الائتلاف دعمه وتأييده لقرارات رئيس الجمهورية وحسن اختياره وحكمته في تدوير المناصب وتجديد المسؤوليات خدمة لتطوير الوطن ورفع مستوى الأداء خدمة للمواطن وأمنه واستقراره.