لا ينعكس ترتيب الكويت المتقدم جدّاً من حيث الناتج المحلي الإجمالي على سعادة مواطنيها.
هذا ما أكده بحث عالمي تناول ترتيب أغنى الدول في مقابل سعادة أبنائها، وفقاً لمؤشر يقيس الإفادة من الرعاية الصحية والتعليم، وجودة الحياة.
وأتى ترتيب الكويت في المرتبة الرابعة عالمياً من حيث متوسط نصيب الفرد من الناتج مقابل ترتيب في المركز الــ39 من حيث السعادة. والدول المتقدمة على الكويت من حيث الناتج، وهي: قطر، ولكسمبورغ، وسنغافورة، وتتقدم على الكويت أيضاً من حيث سعادة أبناء وبنات هذه الدول، لا بل إن هناك دولاً أقل غنى من الكويت؛ مثل النرويج وسويسرا وأميركا وأيرلندا وهولندا والسويد وألمانيا والنمسا، وأستراليا والدنمارك وآيسلندا، وكندا.. لكن مواطني هذه الدول أكثر سعادة من الكويتيين.
وتعتبر عملية قياس مستويات عدم المساواة في العالم ومقارنة الدول في هذا الصدد أبعد ما تكون عن الوضوح. فهل من الإنصاف أن تركز فقط على التفاوت المالي، أم يجب الأخذ بعين الاعتبار نوعية وجودة الحياة أيضاً؟ وإن كان الأمر كذلك، فكيف نقيسها؟ هناك ثلاثة معايير أساسية لقياس التفاوت المالي: الدخل، الاستهلاك، والثروة، عادة ما يستخدم مصطلح عدم المساواة للدلالة على التفاوت في الدخل، باعتباره أساس معظم المعايير والأفضل في التوثيق بين الثلاثة.
مع ذلك، هناك حجج مقنعة لاستخدام الاستهلاك أو الثروة في قياس عدم المساواة أيضاً؛ فالاستهلاك غالباً ما يتبع الدخل، لا سيما أن معايير معيشة الناس يمكن الاستدلال عليها وفهمها من خلال ما يستهلكونه، بالإضافة إلى أن الثروة أو رأس المال المتكدس، يمكن أن يكونا محدداً قوياً لمستويات المعيشة في ظل عالم يتزايد فيه مستوى التفاوت بين البشر.
بطبيعة الحال، تخفق المعايير النقدية في رصد أوجه التفاوت بعيداً عن معايير المعيشة المادية، لكن ماذا عن المساواة بين البشر في الحصول على الرعاية الصحية والتعليم وجودة الحياة للنساء والأقليات في بعض البلدان؟
لكن هل ينطبق هذا الأمر على الكويت؟ بلغة الأرقام لا يمكن للثروة وحدها أن تحقق السعادة، إذ بحسب تقرير السعادة العالمي، لا يتساوى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي دوماً مع تصنيف السعادة للدول.
فالكويت ورغم أنها تحتل المرتبة الرابعة عالمياً في إجمالي الناتج المحلي بعد قطر ولوكسمبورغ وسنغافورة، فإنها تقبع في المركز 39 عالمياً في مؤشر السعادة، الأمر ينطبق على قطر أيضاً التي تتمتع بأعلى ناتج محلي إجمالي، بينما يأتي ترتيبها في المركز 35 عالمياً في مؤشر السعادة، وهناك هونغ كونغ أيضاً صاحبة الترتيب الثامن عالمياً من حيث الناتج المحلي الإجمالي، لكنها في المركز 71 عالمياً في مؤشر السعادة العام، على النقيض من ذلك، تتربع النرويج على عرش أسعد دول العالم، لكنها الثالثة من حيث ناتجها المحلي الإجمالي.
يصنف تقرير السعادة العالمي 155 دولة من واحد إلى 10 من حيث السعادة، ويستند في نتائجه إلى استقصاء آراء 1000 شخص من كل بلد، ويأخذ بعين الاعتبار عند قياس مستوى سعادة كل دولة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لكل فرد، والدعم الاجتماعي، وتوقعات الحياة السليمة، وإدراك الناس لحرياتهم بحيث تكون لديهم القدرة على اتخاذ خياراتهم في الحياة، والسخاء، وإدراك مفهوم الفساد. في أحدث تقرير للسعادة، احتلت الدول الإسكندنافية المراكز الأولى، إذ اعتلت القائمة كلا من النرويج والدنمارك، وآيسلندة، بينما تذيلت كل من جمهورية أفريقيا الوسطى، وبوروندي وتنزانيا القائمة، حيث سجلت البلدان الأخيرة نتائج متدنية في كل من الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد، والدعم الاجتماعي وحرية الناس في اتخاذ قرارات حياتهم.
المصدر: القبس