أصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس عفواً عن معتقلين بينهم أشخاص اعتقلوا على خلفية ما بات يعرف باسم “حراك الريف” الذي تفجر في مدينة الحسيمة بشمال البلاد عقب مقتل بائع سمك سحقاً داخل شاحنة للنفايات.
وفي خطاب مساء السبت في ذكرى مرور 18 عاماً على اعتلاء العرش انتقد الملك الإدارة المغربية والنخبة السياسية وحملهما مسؤولية “إعاقة تقدم المغرب”.
وقال بيان لوزارة العدل: إن العاهل المغربي بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لعيد العرش أصدر عفواً على مجموعة من الأشخاص منهم المعتقلون ومنهم الموجودون في حالة سراح المحكوم عليهم من طرف مختلف محاكم المملكة وعددهم 1178 شخصاً، وضمن هؤلاء 911 سجيناً.
وأضاف البيان أن عدداً من هؤلاء لم يرتكبوا جرائم أو أفعالاً جسيمة في الأحداث التي عرفتها منطقة الحسيمة؛ وذلك اعتباراً لظروفهم العائلية والإنسانية.
ولم يتسن التأكد من عدد معتقلي أحداث الحسيمة الذين أطلق سراحهم، لكن وسائل إعلام مغربية أشارت إلى أنهم 56 من أصل 300 معتقل، وشمل العفو المغنية الشابة سليمة (سيليا) الزياني، في حين لم يطلق سراح ناصر الزفزافي، زعيم الحراك.
وفي كلمته للشعب المغربي انتقد العاهل المغربي الإدارة العمومية قائلاً: من بين المشكلات التي تعيق تقدم المغرب ضعف الإدارة العمومية، سواء من حيث الحكامة، أو مستوى النجاعة أو جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين.
وأضاف أن ذلك ينعكس سلباً على المناطق التي تعاني من ضعف الاستثمار الخاص وأحياناً من انعدامه ومن تدني مردودية القطاع العام مما يؤثر على ظروف عيش المواطنين.
وتابع قائلاً: المناطق التي تفتقر لمعظم المرافق والخدمات الصحية والتعليمية والثقافية ولفرص الشغل تطرح صعوبات أكبر وتحتاج إلى المزيد من تضافر الجهود، لإلحاقها بركب التنمية.
وقال الملك: في المقابل، فإن الجهات التي تعرف نشاطاً مكثفاً للقطاع الخاص كالدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة تعيش على وقع حركية اقتصادية قوية توفر الثروة وفرص الشغل.
وكانت احتجاجات اندلعت في الحسيمة بمنطقة الريف شمال المغرب في أكتوبر بعد مقتل بائع السمك محسن فكري دهساً داخل حاوية للنفايات بعد أن حاول استرجاع بضاعته المصادرة، وتحولت الاحتجاجات إلى مطالب اجتماعية مثل الوظائف وبناء مستشفيات وتحسين البنية التحتية وبناء جامعة وخدمات أخرى.
وسارعت الحكومة بعد هذه الاحتجاجات إلى إعادة إطلاق مشروع تنموي بالمنطقة كانت قد أعلنت عنه في عام 2015م تحت اسم “الحسيمة منارة المتوسط” لكنه لم ينجز بالوتيرة التي أعلن عنها.
وأعطى العاهل المغربي الأمر بالتحقيق في أسباب تأخر المشروع، وانتقد بشدة في خطاب السبت النخبة والأحزاب السياسية في البلاد معتبراً أن التطور السياسي والتنموي الذي يعرفه المغرب لم ينعكس بالإيجاب على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة.
وأضاف: عندما تكون النتائج إيجابية تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون إلى الواجهة للاستفادة سياسياً وإعلامياً من المكاسب المحققة، أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي يتم الاختباء وراء القصر الملكي وإرجاع كل الأمور إليه، وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد من الإدارات والمسؤولين الذين يماطلون في الرد على مطالبهم ومعالجة ملفاتهم ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم.