سيقام بعد أيام مؤتمر “إعادة إعمار العراق” الذي طلبت الأمم المتحدة من دولة الكويت تبنيه، رغم معرفة الجميع أن العراق أغنى من الكويت بنفطه ومعادنه وزراعته وجميع منتجاته، والكل يعرف من سرق أموال الشعب العراقي المليارية، حتى وصل مستوى 25 – 30% من الشعب العراقي إلى ما دون خط الفقر، وزيارة سريعة إلى النجف والزبير والبصرة والموصل والفلوجة ومدن كردستان، سيكتشف المرء أنه أمام شعب منكوب بحكوماته الطائفية، وسرقاته التاريخية.
وبجولة إعلامية بين مدن الوسط والشمال، سيرى المراقب أنه أمام كارثة إنسانية وبيئية غير مسبوقة، لا تنافسها سوى بلاد الشام، حيث يتناثر الركام في كل مكان، وانتشرت الأمراض والأوبئة بسبب ذلك الدمار، والأسلحة المحرمة التي تستخدمها طائرات التحالف الغربي ضد السكان الأصليين الأبرياء بحجة القضاء على الإرهاب.
ولكننا نربأ بأنفسنا أمام من احتلوا بلدنا، وهددوها مرات عديدة بالدخول وعبور الحدود والاحتلال، ونقدم المعونة والدعم للشعب الضعيف الذي لا حول له ولا قوة، سُنة وشيعة.
وكل ما نرجوه بعد هذا المؤتمر؛ ألا يتم تسليم الأموال للحكومة العراقية يداً بيد، وإنما يتم تشكيل “مكتب إعادة إعمار العراق” تشرف عليه الجهات المعنية من الكويت بموظفين كويتيين، كما في لبنان وغيرها، أو يشرف عليه الصندوق الكويتي للتنمية الذي يمتلك خبرة طويلة في إدارة المشاريع الخارجية.
وينبغي التركيز في الإعمار على المدن الأكثر تضرراً، ومعظمها في الوسط والشمال، تلك المدن التي سلمها نوري المالكي لـ”داعش” تسليم يد، وأمر جنوده برمي أسلحتهم ونزع ملابسهم العسكرية والهروب منها (يعني ضحى بقواته، وكرامة جنوده، وأراضي وطنه)!
ثم جاءت الطائرات الروسية والأمريكية فدكتها دكاً؛ لتجعلها قاعاً صفصفاً، حتى إن الأهالي المهجرين لما رأوها عادوا مرة أخرى للمخيمات لأنها أفضل منها!
ثم قامت مليشيا الحشد الشعبي، المجاهرة بالطائفية، التي لا تخضع للحكومة ولا تسمع لها، قامت بتصفية من تبقى في تلك المدن باستثناء “داعش”، حتى أصبحت مدناً خربة بلا سكان!
وخرج جنود “داعش” تحت الحماية الخارجية بكل صفاقة، بعد أن أدوا مهمتهم على أكمل وجه وزيادة.. ليكملوا المهام الأخرى في مدن أخرى!
الشعب العراقي يستحق كل إسناد ودعم، فهو لا حول له ولا قوة، سُنة وشيعة، عرباً وكرداً، حتى جاهر كثير منهم بقوله: الله يحلل صدام عما يجري الآن! فصدام لعنه الله كان عدواً واضحاً، أما الحكومات المتعاقبة بعد سقوطه فهي غامضة.
وكل الشكر لقائد الإنسانية سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح على رعايته لهذا المؤتمر، فهو يؤكد مدى سماحته، وحنكته وخبرته السياسية الطويلة.
ونسأل الله أن يفرج عن الشعب العراقي مأساته، بل مآسيه العديدة، وأن يعم العراق الأمن والأمان والخير الوفير.