حول ظاهرة انصراف كثير من الشباب المسلم في أوروبا عن المساجد من عمر 15 – 16 عاماً؛ كنت قد نشرتُ مشاركة حول تلك الظاهرة راغباً في البحث عن الأسباب وسُبل العلاج، وقد سعدتُ كثيراً بالمشاركات والتعليقات المتميزة من الإخوة والأخوات وقد أفدت منها ووجدته من تمام الفائدة جمعها ونشرها.
الأسباب وسُبل العلاج:
1 – ضعف الأنشطة الموجَهة للشباب في هذه المرحلة، أو عدم مناسبتها لهم مما يصرفهم عن الحضور والترداد على المساجد.
2- قلة وجود الكوادر المدرَبة القادرة على التعامل مع الشباب وفهمهم واكتشاف طاقتهم وتوظيفها.
3- لا توجد إرادة حقيقية عند بعض إدارات المساجد في إيكال المهام للشباب، وتفعليهم داخل إدارة العمل الداخلي، مما يؤكد غياب البُعد الرسالي في دور المسجد تجاه الشباب.
4- التصميم التقليدي لأغلب المساجد وعدم وجود مرافق متنوعة تلبي احتياجات الشباب مثل: مطعم، صالة رياضية، مكتبة.
ولعل إخواننا الأتراك في عديد من مساجدهم التفتوا إلى ذلك فتجد عندهم ما يجذب الشباب.
وكذلك وجدت بعض المساجد التي أسُست مؤخراً وقد زرتها فوجدتُها قد استدركتْ النقص وسدَّت الخلل، من حيث البناء والتصميم، ولعلها تستدرك مضموناً.
5- عزلة المسجد عن الحياة العملية الواقعية من حيثُ الخطاب المسجدي -خطبة الجمعة أو المحاضرات والدورات- الذي يخاطب العقل والقلب والروح ويجيب عن الأسئلة الحرجة التي تتصارع في نفوس الشباب، فتجيب عن السؤال الدائم: لماذا؟
كذلك الخطاب الذي يراعي مشكلات وهموم الشباب والمجتمع الذي يعيشون فيه ويقطع حالة الصراع الداخلي عند كثيرين منهم بين الدين والحياة، بين الدين والتعايش مع المختلفين عنا، بين تعدد الولاءات للدين وللأمة وللوطن.
6- تأثير عامل اللغة المحلية للشباب، فمازالت العديد من المساجد تُهَمش لغة البلد في خطابها، مثال: خطبة الجمعة نصف ساعة باللغة العربية، فإذا جئنا إلى الترجمة وجدنا شُحاً عجيباً فلا تزيد الترجمة عن بضع دقائق، كذلك المحاضرات، وكثير من المكتبات داخل المساجد تخلو من كتب باللغات الأوروبية.
7- ضعف الإمكانات المادية والبشرية والإدارية عند بعض المساجد يؤثر على استيعاب الشباب وحضورهم داخل المساجد، وهذا وإن كان واقعاً لكنه ليس الأساس بطبيعة الحال.
8- غَصْب الطفل للذهاب للمسجد والضغط عليه وهو صغير مع عدم محفزات وطريقة تعليم ومكان مناسب داخل المسجد تجعله ينفر عندما يبلغ مَبلغ الشباب، لهذا علينا أن نجعل الذهاب للمسجد مثل النزهة فنمزج التعليم بالمتعة ونراعي حالة الضغط الدراسي بالمدارس الأوروبية.
9- علينا إن أردنا البحث عن حلول واقعية أن تخصص المساجد داعية متخصصاً في العمل الشبابي متقن للغة يفهمهم ويجيد الوصول إلى عقولهم وقلوبهم ويكون جنباً لجنب وكتفاً بكتف مع الإمام في أداء رسالته.
10- تأسيس لجان لتقديم خدمات واستشارات قانونية ونفسية وتواصلية مع المجتمع المحلي.
11- تأسيس المزيد من المؤسسات التعليمية والتربوية التخصصية للطفولة وللشباب التي تلبي احتياجاتهم التربوية والثقافية والترفيهية، والحمد لله فقد انطلقت العديد منها داخل الدول الأوروبية تشرف على مخيمات ودورات ومناشط تستهدف الأطفال والشباب.
وما زلنا بحاجة للتطوير والتجويد.
وأخيراً:
أدعو القائمين على المساجد والمؤسسات الإسلامية لعقد ندوات وورشات عمل للبحث في خطوات عملية لاستيعاب شبابنا وتطوير مؤسساتنا للوصول إلى الغاية المنشودة، والحمد لله أولاً وآخراً.
(*) رئيس هيئة العلماء والدعاة بألمانيا.