انشغلت مصر على مدار يومين بالتصريحات الرسمية والمضادة لها على خلفية انعقاد مؤتمر الشباب السادس الذي انعقد في القاهرة تحت شعار “أبدع انطلق”، التي حفلت بالعديد من الرسائل السياسية والاقتصادية المرتبطة بالأزمة السياسية في مصر، نرصد أبرزها من المعسكرين.
رسائل النظام
حرص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على إظهار غضبه من حركات المعارضة وحملاتها الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع تبرُّئِه من خيانة الرئيس السابق د. محمد مرسي أو الغدر به، بحسب ما قال مع اعتبار أن فض الاعتصامات السياسية في رابعة العدوية والنهضة من الإنجازات التي تقدر.
الرسالة الأولى، بحسب مراقبين، جاءت في تصريحه عن الوسم الذي صعد بقوة عقب تعليقه عليه وهو وسم “ارحل يا سيسي”، حيث أكد الرئيس المصري غضبه من الحملات الموجهة ضده إلكترونياً، وعلق خلال كلمته بجامعة القاهرة على تدشين هاشتاج بعنوان “ارحل يا سيسي” قائلاً: “لازم أزعل لما أكون عايز أخرجكم من العوز، تعملوا هاشتاج ارحل يا سيسي، تكلفة الإصلاح دخلونا في أمة ذات عوز، أمة الفقر، دخلونا فيها، ولما آجي أخرج بيكوا منها يعملوا هاشتاج ارحل يا سيسي، أزعل ولا مزعلش؟ في دي أزعل”.
الرسالة الثانية أطلقها الرئيس المصري تعليقاً على الاتهامات الموجهة له بخيانة رئيسه السابق د. محمد مرسي، حيث أكد أن القوات المسلحة المصرية لم تتآمر على النظام السابق، قائلاً: “أقول لجموع الشعب المصري: يا ترى هل كان فيه شكل تآمري للجيش على النظام السابق حتى يسقطه؟ أنا بأقسم بالله أنه لم يكن هناك أي شكل من أشكال التآمر لإسقاط الدولة في ذلك الوقت، وأنا عاوز أسالكم واسمحوا لي أسأل وأرد أنا: هو قبل 30 يونيو مين اللي استدعى الجيش للتدخل وإنقاذ الدولة الجيش ولا أنتم.. أنتم؟ نوفمبر 2012م مين الذي استدعى الجيش لإعلان مبادرته للقوى السياسية مع الرئيس السابق محمد مرسي في المرحلة دي.. أنتم ولا الجيش.. الجيش؟”.
رفض النظام للمصالحات السياسية كانت الرسالة الثالثة للسيسي، حيث قال تعقيباً على دعوات المصالحة،: “نجابه الإرهاب بلا هوادة، لا بنعمل اتصالات ولا مصالحات، واللي ها يعمل مصالحة إنتو” في إشارة إلى الشباب دون أن يوضح دلالات ذلك.
رابعة والنهضة كاعتصامين بارزين في مصر في العام 2013م كانا حاضرين في رسائل النظام المصري مع قرب ذكرى الفض في 14 أغسطس المقبل، حيث ربط الرئيس المصري بينهما كإنجاز له وبين ضرورة تحمل ضريبة الغلاء، وقال موجهاً حديثه للمصريين: “أنا خبيت عليكم حاجة قبل الترشح؟! قلت لكم معايا السمن والعسل والسكر؟! لقد أخبرتكم أن التحديات والمشاكل في مصر صعبة وكثيرة، وإذا أخذتم الأسعار على أنه مؤشر القياس وتناول الأوضاع بمصر فأنتم بذلك تظلموا التجربة ونتذكر 3 يوليو وبعدها ما حدث في نهضة ورابعة وكانت البلد يتم إشعالها”.
الرسالة الخامس للرئيس المصري إعلانه عدم حرص مصر على التآمر، حيث أكد أن مصر لديها سياسات ثابتة، أهمها عدم التدخل أو التآمر على الدول الأخرى، وأضاف: “اللي عشناه في الفترة اللي فاتت كانت مؤامرة ودفعنا ثمنًا غاليًا وكفاية كدا، ومن هذا المنطلق لن نحل مسائلنا وخلافتنا مع أحد بالتآمر.. لا نتآمر ولا نتدخل في شؤون أحد”.
رد المعارضة
وفي المقابل، شن روابط وحركات المعارضة ورفض النظام هجوماً حاداً على التصريحات تزامن مع سخرية واسعة بين الأوساط الشبابية من بعض التصريحات، بالتزامن مع تلقيها ضربة قوية بإحالة 75 من قيادات المعارضة والشباب الرافض للنظام إلى المفتي في القضية المعروفة إعلامياً بفض اعتصام رابعة العدوية.
د. طارق الزمر، الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية، طالب في تغريدة على حسابه الرسمي بـ”تويتر” النظام المصري بالرحيل، قائلاً: النظام الفاسد لا يعرف غير القمع وإقصاء المعارضين أو قتلهم، كما لا ينتج غير الخراب ولا يبشر بغير الفقر، وتجد رجاله وأنصاره يدورون بين الفساد وخراب الذمم وانعدام الضمير وبين الغباء أو الفشل، ارحل”.
المجلس الثوري المصري في الخارج أكد في بيان له أن “العسكر” –وهي عبارة متداولة لدى المعارضة لانتقاد النظام الحالي– يعبرون عن مدى استخفافهم بشعب مصر العريق وبلغ بهم الإجرام أن يقدموا قيادات مصر الشعبية إلى المحاكمة في قضية رأى فيها العالم على الهواء مباشرة من المقتول ومن القاتل، مشدداً على أن مصر لم تخلُ على مدى تاريخها من المناضلين الأبطال، وستبقى صانعة لهم ما دامت مصر حية، ولن يسمح شباب مصر ورجالها بتدمير مستقبل الوطن وأبنائه.
المحامي الليبرالي البارز طارق العوضي، دعا النظام إلى ترك الشعب والرحيل، مؤكداً في سخرية أن الرئيس المصري يريد لنا العوز، ونحن لا نريد الاثنين، مستنكراً كل التصريحات التي عبر فيها النظام المصري عن إنجازاته التي اعتبرها العوضي غير حقيقية.
وسخر الكاتب الصحفي المعارض أسامة صفار من قيام السيسي بالدعاية لوسم رحيله “ارحل يا سيسي”، وقد وصل الوسم إلى المرتبة الثانية عالمياً والمركز الأول في مصر على موقع التدوينات الصغيرة “تويتر”.
وأضاف في تغريدات له أن السكوت على التصريحات التي صدرت في المؤتمر “خيانة للإنسانية”، لتجنيها على الحقائق ولاستخفافها بالشعب وحقوقه، فيما دعا جماعة الإخوان المسلمين إلى الندم على اختيارات الفترات الماضية، فيما طالب المثقفين والشعب باتخاذ موقف مما يحدث.
وفي السياق نفسه، تداول نشطاء شباب على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر تناقض تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منذ تصدره السلطة في يوليو 2013م، وإطاحته بأول رئيس منتخب د. محمد مرسي، مع تصميمات ساخرة تعليقاً على العديد من عباراته عن رقصة “الكيكي” ورفع البنزين مجدداً ومرحلة العوز والقفزة بالوطن.