توفي، مؤخراً، مترجم معاني القرآن الكريم إلى اللغة البرتغالية العالم المصري د. حلمي محمد نصر، مؤسس قسم اللغة العربية بجامعة “ساو باولو” بالبرازيل، عن عمر يناهز 97 عاماً، بجمهورية مصر العربية.
وقد ترجم الراحل معاني القرآن الكريم إلى اللغة البرتغالية، وانتهى من الترجمة عام 2004م، ثم قام مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة بطباعته، وله عدة تراجم أخرى من العربية للبرتغالية والعكس.
مسيرة حياته
ولد د. حلمي نصر في المنصورة، الواقعة في منطقة دلتا النيل، على مسافة 130 كم شمال القاهرة، بتاريخ 22 مارس 1922، والتحق بالأزهر حيث بدأ دراسة اللغة العربية وآدابها والعلوم الإسلامية، ثم تابع دراسته في الأدب العربي في جامعة القاهرة.
وفي عام 1952 سافر إلى باريس، حيث درس الأدب الفرنسي والترجمة في جامعة السوربون، وتابع دراساته العليا في علم النفس وعلم الاجتماع، وبعد عودته إلى القاهرة مارس التدريس في كلية الآداب جامعة عين شمس.
ترك د. حلمي العديد من الأعمال في المجال التعليمية والأكاديمية والترجمة، أبرزها ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة البرتغالية، حيث قام مجمع الملك فهد في المدينة المنورة بطباعته عام 2005، وتم توزيعه في البرازيل من قبل الغرفة العربية البرازيلية.
وبمناسبة إطلاق ترجمة معاني القرآن الكريم، خلال حفل أقيم في برازيليا، أعرب د. حلمي عن أمله بأن يسهم إنجازه في تعزيز التقارب ما بين الشعوب، فقال: إن قراءة القرآن الكريم هي وسيلة للاستمتاع بالحياة وبعبادة الله؛ وبالتالي أدعوكم جميعاً لقراءة القرآن الكريم والاستمتاع بمعانيه، وليس الهدف من هذا العمل تحويل الناس إلى مسلمين، ولكن لفت نظرهم لوجود دين قد يساعدهم في حياتهم، ربما في المستقبل نتعمق في دراسة القرآن هنا في البرازيل.
وفي أواخر السبعينيات من القرن الماضي، أصدر كتاب “دروس في اللغة العربية لغير الناطقين بها”، مصحوباً بتسجيلات الدروس باللغة العربية بصوته، وباللغة البرتغالية بصوت المذيع البرازيلي المشهور سيد موريرا، مذيع نشرة الأخبار الرئيسة في محطة “غلوبو” للتلفزة آنذاك، وقد أعيد إصدار الكتاب عام 2008، مصحوباً هذه المرة بأقراص مضغوط (CDs)، وخلال حفل إطلاق الكتاب قال د. حلمي: يهدف الكتاب لمساعدة القراء في مواجهة الأمور واستخدام الكلمات الضرورية في الحياة اليومية؛ فبالنسبة للمسافر، على سبيل المثال، هناك مفردات لتبادل الحديث، وإلقاء التحية، والقيام بالبيع والشراء.
ومن اللغة البرتغالية إلى العربية قام د. حلمي بترجمة كتاب “عالم جديد في الأوساط الاستوائية” لعالم الاجتماع البرازيلي جيلبرتو فريري، لينقل للقارئ العربي نبذة عن تاريخ تكوين المجتمع البرازيلي.
وحسب “وكالة الأنباء العربية البرازيلية”، كان حلمي من أكبر المروجين للثقافة العربية والإسلامية خارج العالم الأكاديمي، وفي السبعينيات من القرن الماضي، انخرط للعمل في الغرفة العربية البرازيلية، في البداية كعضو في لجنة مكلفة بجمع الأموال لبناء مبنى المستشفى السوري اللبناني.
ونظراً لإسهامه في نشر الإسلام في البرازيل دُعي حلمي في عام 2007 ليكون عضواً في المجلس التنفيذي للملتقى العالمي للعلماء والمفكرين المسلمين التابع لرابطة العالم الإسلامي، التي يقع مقرها في مكة المكرمة.
وقد عاد د. حلمي نصر -يرحمه الله- من البرازيل عام 2015 ليستقر في مصر، بعد أن أمضى في البرازيل 55 عاماً حافلة بالعمل والعطاء للغة العربية والتعريف بالدين الإسلامي، وترك العديد من الأعمال الأكاديمية والترجمة بين اللغة العربية والبرتغالية، التي تذخر بها المكتبتان العربية والبرتغالية، وعاش محبوباً من كل أفراد المجتمع العربي والمسلم والبرازيلي، ولم تفارقه الابتسامة التي انطبعت على وجهه طول حياته.