قالت صحيفة “الجارديان” (The Guardian) البريطانية: إن الإنجازات التي حققتها الصين منذ تولي الحزب الشيوعي الصيني زمام السلطة قبل 100 عام لا يمكن إنكارها، ومن ضمنها تراجع الأمية وارتفاع متوسط العمر ومنح حقوق أفضل للمرأة والقضاء على الفقر.
وأوضحت الصحيفة في افتتاحيتها التي تناولت أداء الحزب الذي احتفل يوم الخميس بمرور قرن على تأسيسه، وحاولت استشراف مستقبل الصين في ظل حكمه، أن تلك الإنجازات رافقتها مآس كثيرة، فقد تسببت سياسات الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ التي حاول من خلالها القفز بالصين نحو الأمام في مجاعة أودت بحياة حوالي 40 مليون شخص، كما مات ملايين آخرون أو تعرضوا للملاحقة خلال الثورة الثقافية، عندما وجه الحزب بنادقه نحو صدور المواطنين عام 1989 وسحق المظاهرات التي بدأت في ميدان تيانانمين.
وقالت “الجارديان”: إن الحزب الذي لم تكن بدايته واعدة حيث انطلق باجتماع سري يتوارى أصحابه عن أعين الشرطة في شنغهاي قبل 100 عام بين 13 شاباً صينياً وممثلين عن المنظمة الشيوعية الدولية المعروفة اختصارا بـ”الكومنترن” (Comintern)، وهي منظمة دولية تدافع عن الشيوعية حول العالم، تحول الآن إلى أكبر وأقوى حركة سياسية في العالم ووصل أتباعه إلى 92 مليون شخص.
وقد تمكن الحزب في غضون 30 عامًا من تأسيسه، والكلام للصحيفة، من بسط سيطرته على الصين، وبعد قرن أصبح قوة عملاقة وثاني أكبر اقتصاد في العالم، ويزعزع ثقة الولايات المتحدة، القوة العظمى المهيمنة على العالم، وهي إنجازات مذهلة برأي مؤيدي الحزب ومنتقديه على حد سواء.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحزب اتسم بالقسوة والانضباط في فرض سلطته والحفاظ عليها، حيث قمع المعارضة بشراسة، وسحق حقوق الإنسان الأساسية، ويستثمر بكثافة في الدعاية الإعلامية لصالحه ويمارس الرقابة الأكثر تطورًا في العالم.
ولكنه في المقابل، ازدهر بفضل الوعود التي قدمها لشعبه واستطاع تحقيقها حيث تمكن من توفير ظروف مادية أفضل للناس، وازدهرت في عهده الطبقات الوسطى في المناطق الحضرية، وقد افتخر الرئيس الصيني وزعيم الحزب، شي جين بينغ في وقت سابق من هذا العام بأن نظامه استطاع القضاء على الفقر المدقع في الصين، بالرغم من أن الحزب لم يفعل ذلك وفقًا للمعايير الدولية، وفقاً للصحيفة.
وقالت: إن الحزب الشيوعي الصيني يتطلع الآن إلى الأمام بعد ثلاثة عقود من انهيار راعيه ومنافسه الاتحاد السوفييتي، فقد خاطب زعيمه، شي جين بينغ، الخميس الجماهير المحتفلة بذكرى تأسيسه الـ100 قائلاً: “يجب أن نمضي قدمًا نحو الهدف المئوي الثاني”.
وخلصت “الجارديان” إلى أن كثيرين راهنوا في السابق على زوال الحزب الشيوعي الصيني وخسارته، وفشلت محاولات كثيرة للتخلص منه، وأن الدرس الحقيقي المستفاد من نجاحه هو أنه لا يمكن لأحد التنبؤ بالمستقبل.
وهذه الحقيقة يدركها الحزب الشيوعي نفسه، فبعد قرن من مشروعه الذي انطلق لإعادة تشكيل عقول الناس وتغيير واقع ثرواتهم، ما زال غير قادر على إخبارهم بالحقائق، أو منحهم فرصة للتحدث بحرية، أو الحق في اختيار قادتهم.