“العام 2022 كان من أسوأ السنوات منذ 1967 التي مرت على الشعب الفلسطيني جراء تصاعد الاستيطان والاعتداءات، ويبدو أن العام 2023 سيكون أصعب”.
بهذه العبارات حذر مدير معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) جاد إسحاق، في حوار مع الأناضول، من الأنشطة الاستيطانية الصهيونية في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس الشرقية المحتلة.
وأضاف أن “العام 2022 شهد تسارعا في البناء الاستيطاني واعتداءات المستوطنين والتضييق على السكان (الفلسطينيين)، والعام القادم سيكون أصعب”.
إسحاق، وهو باحث مختص في الاستيطان، شدد على أن “الاحتلال ماض في مخططه التوسعي في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة، ويعمل على تنفيذ مشاريع خطيرة أبرزها ما يُسمى بـ (القدس الكبرى) وتشمل التجمعات الاستيطانية معالية أدوميم، بسغات زئيف، وغوش عتصيون”.
وأوضح أن “الاحتلال بدأ يعمل على تسوية الأراضي في مدينة القدس الشرقية بهدف السيطرة على الأراضي الفلسطينيين في الخارج تحت مُسمى (أملاك الغائبين)”.
والفلسطينيون يتمسكون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967 ولا بضمها إليها في 1981.
وبحسب إسحاق فإن الاحتلاليتسيطر على 75 بالمائة من الأراضي المصنفة “ج” حسب اتفاقية أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني ، أي أن تل أبيب أبقت جزء من “ج” قليل بالإضافة إلى مناطق “أ” و “ب”.
واتفاقية أوسلو 2 لعام 1995 صنفت أراضي الضفة الغربية 3 مناطق: “أ” تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و”ب” تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و”ج” تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية.
وأضاف إسحاق: المناطق “أ” و “ب “أصبحت مستودعات بشرية لا يوجد مساحات زراعية ومفتوحة.. والكيان الهصيوني غض الطرف عن البناء العشوائي في عدد من المناطق في القدس ومحيطها مثل الرام والعيزرية وأبو ديس كفر عقب وبيت جالا ودار صلاح.
و”الكثافة السكانية في تلك التجمعات وصلت إلى 50 ألف نسمة للكيلو متر مربع وتفتقر للبنية التحتية”، وفق إسحاق.
وأردف: “استجابة لمتطلبات الحياة والتوسع العمراني اضطر أهالي القدس للبناء خارج حدود بلدية القدس، ما قد يفقدهم حق البطاقة المقدسية.. وهذا سيؤدي إلى تناقص نسبة السكان الفلسطينيين في القدس من 37 بالمائة إلى أقل من 20 المائة”.
** استيطان واعتداءات
بالأرقام قال إسحاق إن “عام 2022 شهد إعطاء الكيان الصهيوني تراخيص لبناء 12 ألفا و934 وحدة استيطانية في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس الشرقية، مقابل هدم 318 منزلا و583 منشأة فلسطينية”.
كما أنه “خلال 2022 شن المستوطنون 1296 اعتداء، وكان لمحافظة نابلس (شمالي الضفة الغربية) النصيب الأكبر منها بواقع 293.. واقتلعت إسرائيل 12 ألفا و500 شجرة مثمرة جلها من أشجار الزيتون”، بحسب إسحاق.
وأشار إلى أن وجود 84 حاجزا عسكريا يعيق حركة الفلسطينيين وقضوا عليها 160مليون ساعة انتظار (خلال 2022) بحسب الإجراءات العسكرية، مستثنيا منها الحواجز بين الضفة الغربية وإسرائيل.
و2022 شهد، بحسب رصد لمعهد “أريج”، عشرات الأوامر العسكرية بينها أوامر بتوسيع نفوذ المستوطنات (المساحات التي يمكن البناء عليها) وبناء جسور وشق طرق تهدف إلى ربط المستوطنات الصهيونية ببعضها البعض وربطها بإسرائيل.
وتابع أن نفود المستوطنات تضاعف من 3.1 من مساحة الضفة إلى 9.1 بالمائة.
وفي الضفة الغربية 179مستوطنة صهيونية، فيما يبلغ عدد المستوطنين في الضفة بما فيها مدينة القدس الشرقية المحتلة 950 ألف مستوطن.
وتؤكد الأمم المتحدة عدم مشروعية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحذرت مرارا من أنه “يقوض” مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).
** بؤر استيطانية ورعوية
وبحسب رصد أعده إسحاق، تنتشر في الضفة الغربية 220 بؤرة استيطانية (غير مرخصة من حكومة الاحتلال) بالإضافة إلى 20 بؤرة رعوية.
وقال إسحاق إن “ظاهرة البؤر الاستيطانية بدأت عام 1998، وتهدف إلى السيطرة على أوسع مساحة من أراضي الضفة الغربية”.
والبؤرة تبدأ بوضع بيت متنقل يسكنه مستوطن صهيوني يطلب من الجيش توفير الحماية والمياه والكهرباء، ثم لاحقا تتحول مجموعة من البيوت المتنقلة إلى بيوت مشيدة وتجمع لمجموعة من العائلات.
و”بالرغم من دعوة اللجنة الرباعية الدولية في 2011 إلى إزالة تلك البؤر، إلا أن سلطات الاحتلال دعمتها”، بحسب أسحاق.
وفي 2002، أُنشئت اللجنة الرباعية للسلام بالشرق الأوسط وتضم الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتهدف إلى حل المشاكل العالقة بين السلطة الفلسطينية والصهيونية.
وأكد إسحاق أن “96 بالمائة من البؤرة الاستيطانية أُنشئت في مواقع إستراتيجية من شأنها تحويل الضفة الغربية إلى كانتونات”.
وبالرغم من أن إسرائيل لم تشرعن تلك البؤر إلا أنها، وفق إسحاق”، “أخطر من المستوطنات كونها تحول دون قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا”.
ومفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني الصهيوني متوقفة منذ أبريل/ نيسان 2014؛ جراء رفض تل أبيب وقف الاستيطان والإفراج عن معتقلين قدامى، بجانب تنصلها من مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).
ولفت إسحاق إلى أن “الاحتلال اهتمت في السنوات الأخيرة بالبؤر الرعوية التي تتمثل في إقامة مزارع للماشية تسيطر على أراضي رعوية شاسعة يمنع على الفلسطينيين استثمارها واستغلالها.. وفي الأغوار شرقي الضفة الغربية تنتشر 20 بؤرة رعوية”.
وأفاد إسحاق بأن “الكثافة السكانية في المناطق المصنفة أ و ب وصلت 3 آلاف نسمة في الكيلو متر الواحد”.
وتوقع أن “تصبح تلك المناطق بعد 15 عاما أشبه بمخيمات لا توجد بها مناطق زراعية أو مفتوحة.. الأمر إذا ما استمر سيدفع بالعديد (من الفلسطينيين) إلى التفكير في الهجرة”.