حكى الداعية الراحل عبدالرحمن السميط هذه القصة يقول كنت في أفريقيا ارعى قافلة طبية وبينما نحن كذلك لاحظت سيدة تلح على الطبيب في ذم ابنها للرعاية والطبيب يشيح عنها بوجهه وهي تكرر الطلب وتغدو وتروح وتتوسل وعيناها لم تتوقفا عن الدمع فذهبت إلى الطبيب وسألته ما الأمر؟ فأخبرني أن ابن هذه السيدة مريض مرضا لا يرجى علاجه وهو في عداد الموتى وهي تريد ضمه للرعاية الطبية وأنا أرى أن هذه النفقات من الممكن أن تساهم في علاج طفل آخر يرجى حياته فسألته كم هذه النفقة فذكر لي مبلغ زهيد جدا يساوي ثمن زجاجة بيبسي في بلادنا فرأفت لحال السيدة وقلت للطبيب أنا سأتكفل بنفقات هذا الولد من مالي الخاص وأعطيته ما يكفي علاجه لمدة عام وقد كنت مقتنعا بكلام الطبيب أن الطفل لن يعيش طويلا ولكني أردت أن أسكن خاطر هذه الأم المسكينة المكلومة.
مرت السنون والأيام وبعد 12 عاما ذهبت إلى هذه البلدة في أمر آخر وإذ بهم يخبرونني أن سيدة بالباب تصر على لقائك وهي هنا منذ الصباح فقلت أدخلوها وإذ بإمرأة ومعها ولدها بوجه صبوح عليه وقار وهيبة قالت وهي تشير إليه هذا ولدي حفظ القرآن عن ظهر قلب والكثير من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجيد العربية والسواحيلية نطقا وكتابة جئت به إليك لتقر عينك وإني سميته على إسمك عبدالرحمن فقلت لها جزاك الله خيرا ولكن ما شأني به فقالت أما تذكر الغلام المريض الذي رفضوا استقباله في الرعاية وتكفلت بنفقة علاجه منذ 12 عام ها هو الآن قد وهبته للدعوة إلى الله وقد تعلم ما يلزمه في هذا الطريق
حينها لم تستطع قدماي أن تحملاني وخررت على الأرض وأنا شبه مشلول من هول الفرحة والمفاجأة وسجدت لله وأنا أبكي وأقول اغفر لنا تقصيرنا يارب ثمن زجاجة من البيبسي تحيي نفسا وترزق الإسلام داعية .. وكان أن أصبح هذا الفتى من أشهر الدعاة في أفريقيا وأكثرهم قبولا