أكد النائب د. حمد المطر، رئيس اللجنة التعليمية بمجلس الأمة الكويتي، أن الكويت لم تعد في دائرة الشكوى، بل في مساحة الفعل والتنفيذ؛ فهي الآن في مرحلة تشغيل المبادرات ودعمها، والدفع بعجلة الإصلاحات.
وأضاف، في الحوار الذي أجرته معه «المجتمع»، أن من أهم العوامل التي تنهض بالتعليم في الكويت: حوكمة وضمان جودة التعليم، وتسكين المناصب القيادية، وإعداد السياسة العامة للتعليم، والإطار الوطني لمعايير ومناهج التعليم العام، وإنشاء مركز وطني للتدريب والتأهيل للعاملين في التعليم العام.
عدم الاستقرار السياسي أحد أسباب تدني العملية التعليمية
بداية، نثمن جهدكم في خدمة العملية التعليمية بالكويت من خلال رئاستكم للجنة التعليم بمجلس الأمة.
– ما نقدمه واجب ومسؤولية نستشعر ثقلها جميعاً في هذه المرحلة، التي تقتضي الشراكة من الجميع؛ لذلك نجحنا في بناء أوسع إطار وطني لمواجهة استحقاقات القضية منذ «مجلس 2020»، حيث حددنا جذور المعضلة التعليمية وحلولها، واستكملنا في «مجلس 2022» برامجها التنفيذية، ونحن اليوم في مرحلة التنفيذ الفعلي والعملي؛ حيث أُدرج عدد من هذه المشروعات على أجندة برنامج عمل الحكومة.
«الكويت تُنفق على التعليم مثل فنلندا، لكن مستوى طلابها بمستوى طلبة أوغندا»، كان هذا التعليق الصادم خلاصة رأي اللجنة التعليمية بالمجلس، فما الأسباب وراء هذا الأمر؟
– أهم سبب استخلصناه في وثيقة «جعل إصلاح التعليم ممكناً»، التي أشرف على إعدادها مجموعة العمل وترأسها د. طارق الدويسان، كان عدم الاستقرار السياسي؛ حيث لا يتجاوز عمر الوزير 9 أشهر، كما جاء في الوثيقة، وهذا الواقع كان أحد مفاتيح الحل؛ حيث الحاجة ماسة لحماية المنظومة التعليمية وتوفير الاستقرار لبيئة عملها.
وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)؛ هناك عدم توافق واضح بين التعليم والتدريب ومتطلبات سوق العمل، كيف يمكن ضبط هذه المنظومة؟
– بلا شك هذا أحد أعراض الأمراض التي يعانيها جسم المنظومة التعليمية، وعلينا تحديد أولويات البدء في تنفيذ الحلول، نحن في مرحلة تشغيل المبادرات ودعمها، والدفع بعجلة الإصلاحات؛ فلم نعد في دائرة الشكوى، بل في مساحة الفعل والتنفيذ.
خرجنا من دائرة الشكوى إلى التنفيذ وتشغيل المبادرات ودعمها
ما أهم الحلول التي اقترحتها اللجنة التعليمية بالمجلس أمام تطوير التعليم في الكويت؟
– تتضمن قائمة الحلول حوكمة وضمان جودة التعليم، وكذلك تسكين المناصب القيادية، وإعداد السياسة العامة للتعليم، والإطار الوطني لمعايير ومناهج التعليم العام، بالإضافة إلى إنشاء مركز وطني للتدريب والتأهيل للعاملين في التعليم العام، ورخصة المعلم، والرخص المهنية التعليمية، والحوافز ذات الصلة.
كما أن من بين الحلول التي تم طرحها وتم إدراج بعضها في برنامج الحكومة: الاختبارات الوطنية، والاعتمادات الأكاديمية للكليات والمعاهد التي تخرّج معلمين، وكذلك المنظومة المدرسية النموذجية، وقائمة تصنيف المدارس وما يتعلق بها من حوافز، وأخيراً إعادة هيكلة الوزارة وإدماج المعاقين.
الأمم المتحدة في مؤشرها للتنمية البشرية لعام 2022م، وضعت الكويت في المرتبة الـ52 على مستوى العالم، لتقفز حوالي 13 مركزاً مقارنة بعام 2019م، علامَ يدل هذا المؤشر؟
– هناك عدد من المؤشرات التي يجري اعتمادها في تقييم منظومة التعليم وليس مؤشراً واحداً يمكن البناء عليه؛ فمؤشر المعرفة والابتكار ومؤشر إتقان الكتابة أو الرياضيات والعلوم وغيرها من تصنيفات، كثير منها لا تجعلنا في دائرة الاطمئنان على مستقبل أبنائنا؛ وهو ما يتطلب تحويل البرامج والمشاريع إلى التشغيل والتنفيذ، يكفينا ما شكونا واليوم لدينا حلول، سنتابع إنجاز ما تم إدراجه منها في برنامج عمل الحكومة، وسنطالب بتوفير آليات تضمن المضي في باقي المشروعات.
كثرة الإجازات والغياب الجماعي أوجدت فجوات تعليمية
الإحصاءات تؤكد أن نسبة الأمية بالكويت بين الذكور صفر%، وبين النساء 0.11%، فهل نستطيع القول قريباً: وداعاً للأمية في بلادنا؟
– لدينا أشكال من الأمية تحتاج إلى خطط وطنية للحد منها؛ فالأمية الرقمية ونسبة أمية «الكودنج» لدى أبنائنا ما زالت بحاجة لعلاج بتكامل أدوات المجتمع في الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
تشير بيانات البنك الدولي إلى أن طالب المرحلة الثانوية بالكويت يحتاج للدراسة لمدة 4 – 6 سنوات إضافية، فما أسباب ذلك؟
– بسبب مدد الساعات الدراسية وكثرة الإجازات غير المبررة والغياب الجماعي في فترات التراخي؛ ما أوجد حصيلة تراكمية من فجوات الساعات التعليمية، وأحدث أثره على المدى المتوسط والبعيد، وها نحن نجني بعض آثاره، يشكو زملائي من تواضع المخرجات وقلة الحصيلة التدريسية وإهدار فرصة التأهيل والتمكين المناسبة لسوق العمل؛ ما يؤدي لتراجع الأداء لاحقاً في بيئة العمل، وهذا منهك لمنظومتنا التنموية.
ذكر بيان اللجنة التعليمية أن من أسباب تدني العملية التعليمية الخلل في تعيينات المعلمين، فما سبب هذا الخلل؟ وما التصور الذي وضعتموه لعلاجه؟
– لا يأخذ المعلم مقدار التأهيل والتدريب الكافي لتمكينه من أداء مهامه الوظيفية، ولا يتمتع بمسار مستقر يضمن أداء هذه الاختصاصات بالكفاءة والفاعلية المطلوبة، ولعلي أضيف كذلك حاجة المعلم -كما يحدث في أغلب دول الجوار- إلى التأكد من استعداده لأداء أدواره التعليمية من خلال إثبات ذلك عبر رخصة مهنية يمكن منحها من قبل جهة حيادية تضمن سلامة قيامه بمسؤولياته تجاه الأبناء والمنظومة التعليمية، ويمكن تحديد هذه الرخصة بصفة دورية للتحقق من مستوى المواكبة والقدرة على تلبية متطلبات المعايير والمنظومة المدرسية.
أقترح حصول المعلم على رخصة مهنية من قبل جهة حيادية
من المشكلات التي تظهر لنا كل عام «تسريب الاختبارات»؛ فهل وضعتم حلاً لهذه المشكلة؟
– الحل بالاختبارات الوطنية، وهذا الحل في الطريق نحو التنفيذ إذا لم يتعثر بالبيروقراطية وبطء الإجراءات الحكومية، وإلا ستتفاقم المشكلات أكثر وأكثر.
هل تواصلتم مع أولياء الأمور لمعرفة رأيهم في مستوى أبنائهم؟
– كل من شاركنا رحلة الإصلاح التي بدأناها منذ العام 2020 وصولاً إلى «مجلس 2022» حتى «مجلس 2023» كان أغلبهم أولياء أمور وقيادات مجتمعية وأطرافاً معنية في العملية التعليمية، وقد تم الإنصات والاستماع لهم باهتمام، حتى استخلصنا كل ذلك في وثيقة تحولت إلى الحكومة وتبلورت على شكل برامج ومشاريع تم إدراج بعضها في أجندة عمل الحكومة، والبعض الآخر في أروقة الوزارة ينتظر التنفيذ.