انتفض أحرار العالم من أصحاب الضمائر الحية غضباً ضد الكيان الصهيوني بعد أن شاهدوا على شاشات التلفزة وقنوات الأخبار العربية منها والأجنبية المذابح الجماعية وجرائم التطهير العرقي الذي ترتكبه آلة القتل «الإسرائيلية» العنصرية على مدار 20 يوماً (وقت كتابة هذه السطور) دون توقف لتوقع أكثر من 8 آلاف شهيد من بينهم 3500 طفل بري و2000 امرأة بزعم أنهم يقصفون أهدافاً عسكرية للمقاومة الفلسطينية الإسلامية.
غضب عربي عارم
انتفضت كافة العواصم العربية في مصر وليبيا والسودان والمغرب والجزائر وتونس وموريتانيا والصومال والعراق وسورية ولبنان واليمن والكويت وقطر والبحرين، وحتى في فلسطين المحتلة بالضفة الغربية بمختلف مُدنها، وجميع محافظات الأردن خرجت عن بكرة أبيها وعلى رأسها عمَّان العاصمة، ولم يكتف المتظاهرون بالتعبير عن غضبهم؛ ولكنهم توجهوا إلى الحدود الأردنية مع العدو الصهيوني لاختراقها لنجدة إخوانهم في الضفة وغزة من القتل الجماعي.
وفي مصر، خرجت مظاهرات حاشدة في عدد كبير من المدن المصرية من الإسكندرية حتى أسوان مروراً بالعاصمة القاهرة وفي القلب منها الأزهر الشريف وميدان التحرير، بما لهما من رمزية كبيرة في العالمين العربي والإسلامي، وطالب المتظاهرون بفتح الحدود بين مصر والأراضي المحتلة لإنقاذ أشقائهم من المجازر اليومية وفتح معبر رفح من أجل إمدادهم بكل ما يحتاجون إليه من ماء وغذاء ودواء وسلاح لمواجهة العدو الصهيوني، كما رفع المئات من المتظاهرين العلم الفلسطيني خلال زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى مدينة رفح المصرية في الجانب المصري على الحدود مع قطاع غزة.
بدورهم، خرج العراقيون في مختلف المحافظات، ففي بغداد خرجت عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِا، وكذلك المدن العراقية المختلفة حتى إنهم توجهوا نحو الحدود العراقية الأردنية للدخول والتوجه إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة للدفاع عن شعب غزة، كما خرج مئات الآلاف من الجزائريين في جميع المحافظات الجزائرية وفي العاصمة الجزائر مرددين شعارات معادية للعدوان الصهيوني وداعمين للأشقاء في كل فلسطين المحتلة لا سيما قطاع غزة.
في حين خرج الشعب المغربي مع «طوفان الأقصى» وضد التطبيع، وتَجدّدت المظاهرات الليلية بعموم المغرب تنديداً بالمجازر الصهيونية في غزة؛ تلبية لنداء الجبهة المغربية لنصرة فلسطين وضد التطبيع، وفي إطار سلسلة الفعاليات التي دشنتها الجبهة منذ انطلاق معركة «طوفان الأقصى»، نُظمت وقفات ومسيرات استجابة لصرخة إخواننا الصامدين في غزة وكل فلسطين، وتنديداً بالحرب المسعورة التي يشنها الاحتلال الصهيوني ضد المدنيين العزل، وبمؤازرة النظام الدولي للمجرم الصهيوني، وتخاذل الحكام العرب.
وخرج التونسيون في غالبية المدن منددين بالعدوان ومطالبين بدعم الشعب الفلسطيني لمواجهة حرب الإبادة التي تشنها «إسرائيل» ضدهم؛ كما نظم المحامون التوانسة يوم غضب من أجل فلسطين بدعوة من نقابة المحامين ضد جرائم الحرب الصهيونية والجرائم ضد الإنسانية في فلسطين، حيث تظاهر عدد كبير من المحامين بقصر العدالة بزيهم الرسمي تضامناً مع الشعب الفلسطيني، مرددين هتافات «مقاومة مقاومة.. لا صلح ولا مساومة»، و«التطبيع عار وخيانة»، وطالب المحامون السلطات التونسية بسرعة إقرار قانون تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني، وطرد جميع السفراء الذين تدعم بلادهم الاحتلال «الإسرائيلي».
تفاعل العواصم الإسلامية
بينما العواصم الإسلامية كان لها نصيب الأسد في التظاهرات الغاضبة والمطالبة بفتح باب الجهاد إلى جانب الأشقاء في غزة حتى لا نتركهم وحدهم يقتلهم العدو «الإسرائيلي»، بلا ضمير ولا قلب ولا أخلاق، فخرج مئات الآلاف من أبناء الشعب التركي من أول يوم للعدوان الهمجي الفاشي على شعب غزة وارتكاب مجازر التطهير العرقي بحق عائلات بكاملها تم محو أسمائهم من سجلات المواطنين بعد استشهادهم من الجد للحفيد.
ففي تركيا خرجت المظاهرات الداعمة للمقاومة الفلسطينية ولشعب غزة في غالبية المدن التركية لا سيما المدن الثلاث الكبرى إسطنبول وأنقرة وإزمير، الجميع يهتفون ضد الإبادة الجماعية التي ترتكبها «إسرائيل» وجرائمها ضد الإنسانية وجرائم الحرب الموثقة، كما أن الحكومة التركية ورئيسها رجب طيب أردوغان اتخذوا موقفاً هو الأقوى على الساحة الإسلامية ضد عدوان «إسرائيل»، وهاجم الرئيس التركي ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب والولايات المتحدة مع ضحايا المسلمين والتمييز ضدهم لصالح الرواية «الإسرائيلية» من جهة، وكذلك عدم مساواة الانتهاكات والمجازر والممارسات التي يتعرض لها الفلسطينيون بنظرائهم في أوكرانيا، حيث أدانوا ممارسات روسيا وتوقفوا تماماً عن إدانة جرائم «إسرائيل» رغم تجاوزها الفظائع التي حدثت في أوكرانيا.
وفي ماليزيا، نظمت مظاهرات حاشدة في عدة مدن، واحتشد آلاف المتظاهرين قبالة السفارة الأمريكية في كوالالمبور، ونددوا بدعم الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى لجرائم «إسرائيل» في عدوانها على قطاع غزة، حيث شارك رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم في تلك الفعاليات، وأكد رفض بلاده للمعايير المزدوجة، وعجز مجلس الأمن عن وقف العدوان والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
شعوب أوروبا وأمريكا ضد «إسرائيل»
وفي السياق، العواصم الغربية لم تكن بعيدة عن بؤرة الغضب العالمي الذي تصاعدت حدته مع تصاعد حدة جرائم الإبادة الجماعية للعدو الصهيوني الذي روج سرديات كاذبة عن جرائم ارتكبها الفلسطينيون لا وجود لها سوى في مخيلة الصهاينة المريضة، وصدق على روايتهم الكاذبة الرئيس الأمريكي بايدن، ثم ردد أكاذيبهم، ولكن البيت الأبيض عاد ليعتذر عن هذه الكذبة بشكل دبلوماسي ويقول: إنه لا أدلة ملموسة على مزاعم نتنياهو حول قطع رؤوس الأطفال «الإسرائيليين».
ففي الولايات المتحدة انطلقت التظاهرات الرافضة للانحياز الأمريكي الأعمى لـ«إسرائيل»، وأعلن المتظاهرون من دافعي الضرائب الأمريكان رفضهم إرسال الأسلحة والأموال إلى «إسرائيل» وأعلنوا إدانتهم للجرائم «الإسرائيلية»، رافضين رواية الإدارة الأمريكية التي تعتمد على أكاذيب «إسرائيل»، ونظموا التظاهرات في المدن الأمريكية الرئيسة لا سيما واشنطن ونيويورك ولوس أنجلوس وميتشجن وغيرها.
حيث شاركت أعداد كبيرة من الحركات المناهضة للعنصرية في الولايات المتحدة والمؤيدين لحقوق السود في البلاد، وأغلبهم من فئة الشباب الذين يمثلون أكثر من نصف الناخبين الأمريكيين الذين يرفضون دعم بايدن لـ«إسرائيل».
وبحسب استطلاع رأي أجرته مؤسسة كونباك، فقد أبدى 51% من الناخبين الأمريكيين ممن دون سن 35 عاماً، و64% ممن تتراوح أعمارهم بين 30 و40 عاماً، عدم موافقتهم على الأسلحة التي قدمتها إدارة الرئيس بايدن لـ«إسرائيل» في حربها الحالية على قطاع غزة، كما أظهر استطلاع آخر أجرته شبكة «سي بي إس» الأمريكية أن 59% من الناخبين دون سن 30 عاماً، و64% ممن تتراوح أعمارهم بين 30 و40 عاماً، يتخذون الموقف نفسه.
وخرج عشرات الآلاف من الأوروبيين الغاضبين الرافضين لجرائم «إسرائيل» رافعين اللافتات المناهضة للعنصرية والفاشية «الإسرائيلية» ضد سكان قطاع غزة العُزل من الأطفال والنساء ومنازلهم التي دمرها الحقد الصهيوني الأعمى على رؤوس ساكنيها المدنيين، فضلاً عن قطع كافة الخدمات عنهم من ماء وكهرباء وغذاء ودواء ووقود حتى يتم إعدام شعب غزة بكامله وبدم بارد على يد العدو الصهيوني.
الحكومات الغربية في فرنسا وألمانيا حذرت المتظاهرين من الاعتقال والغرامات إذا تظاهروا دعماً لفلسطين؛ فإذا بهم يتحدون هذه الحكومات وينزلون في الميادين يتظاهرون بمئات الآلاف غير عابئين بالانحياز الأعمى للرواية الصهيونية الكاذبة، فملؤوا ميادين باريس وبرلين ولندن وبروكسل وستوكهولم وأمستردام وبيرن وروما ومدريد؛ حيث شهدت لندن وحدها تظاهرات شارك فيها الملايين من البريطانيين ومن الجاليات العربية والإسلامية في البلاد.
كما تظاهر قرابة 10 آلاف شخص بالعاصمة البلجيكية بروكسل التي تحتضن مؤسسات الاتحاد الأوروبي، تضامناً مع فلسطين، وطالب المتظاهرون بتقديم الدعم للشعب الفلسطيني، منددين بالهجمات «الإسرائيلية» عليه، وفي كلمات ألقيت خلال التظاهرة، اتهم المشاركون الاتحاد الأوروبي بالسماح لـ«إسرائيل» بارتكاب إبادة جماعية، كما اتهم المتظاهرون الدول الأوروبية بالشراكة في الجرائم التي ترتكبها «إسرائيل» بحق الفلسطينيين.
الرياضة تدخل على الخط
ساحات الملاعب الرياضية العربية والأوروبية لم تكن بعيدة عن زخم الغضب العالمي من جرائم الاحتلال الصهيوني فها هي جماهير فريق سيلتيك الإسكتلندي التي رفعت خلال مباراة فريقهم مع أتلتيكو مدريد الإسباني في دوري أبطال أوروبا، رفعت الأعلام الفلسطينية رداً على الهجمات «الإسرائيلية» على قطاع غزة الخاضع للحصار.
بينما أشعلت جماهير نادي الوداد البيضاوي المغربي مدرجات ملعب محمد الخامس في الدار البيضاء، بالهتاف لفلسطين في أحد المباريات المحلية.
وفي ماليزيا رصد مقطع فيديو تجمع آلاف الماليزيين في ملعب أكسياتا بالعاصمة كوالالمبور بحضور رئيس الوزراء أنور إبراهيم، حيث رفع الماليزيون أعلام فلسطين منددين بجرائم الاحتلال «الإسرائيلي» بحق المدنيين في غزة.
وفي أمريكا اللاتينية ندد مئات المتظاهرين في كولومبيا وفنزويلا وبيرو والمكسيك، بالهجمات «الإسرائيلية» المستمرة على قطاع غزة؛ مطالبين بإنهاء الاحتلال «الإسرائيلي» المستمر لفلسطين.