لا يكاد يخلو بيت أو عائلة من مراهق أو مراهقة، يمر بمرحلة حرجة تتطلب الكثير من الاهتمام، والحوار، المصحوب بالاستماع إلى أفكاره وتطلعاته، دون التسرع في إصدار الأحكام عليه أو توبيخه ومعاقبته.
يقول علماء النفس: إن المراهق يسعى للتفرد والتمرد، وقد يتصرف كما لو أنه يعرف كل شيء، فضلاً عن كونه لا يجيد التصرف مع أبيه أو أمه، وقد يسيء إليهما.
هذه السطور تقدم لك عدة نصائح، قبيل إجراء محادثة أبوية مع ابنك المراهق، على أن تطالع وتتفهم جيداً أسلوب الحوار والإقناع مع الشاب الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنى، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه مه! فقال: «أدنه»، فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال: «أتحبه لأمك؟»، قال: لا، والله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم»، قال: «أفتحبه لابنتك؟»، قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم»، قال: «أفتحبه لأختك؟»، قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم»، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لعماتهم»، قال: «أفتحبه لخالتك؟»، قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم»، قال: فوضع يده عليه، وقال: «اللهم اغفر ذنبه، وطهّر قلبه، وحصّن فرجه»، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. (رواه أحمد)، وهذه بعض النصائح:
1- الحوار العاقل، والحكمة والموعظة الحسنة في الإقناع، وليس الزجر والتوبيخ، مع مخاطبة العقل والقلب معاً، والتلطف في ذلك، والرفق به، من باب احتواء قوة وحماس الشباب، وتفهم ما بداخله، وهو ما بدا من قصة الشاب مع النبي صلى الله عليه وسلم.
2- ينصح خبراء النفس بالتركيز على الروحانية، وتوجيه نظر المراهق إلى فهم المعنى الأعمق للحياة، مع إيقاظ الإيمان في قلبه، وتذكيره بنعم الله، والرسالة التي خُلق من أجلها، ودوره في خدمة دينه ووطنه.
3- إزالة الغشاوة عنه، فالمراهق أو المخطئ أحياناً لا يشعر أنه أخطأ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن أعرابياً دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فصلى ركعتين، ثم قال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد تحجَّرت (ضيقت) واسعاً»، ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد، فأسرع الناس إليه، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين، صبوا عليه سَجْلاً من ماء» (رواه أبو داود).
قال النووي: «وفيه الرّفق بالجاهل، وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيفٍ ولا إيذاء، إذا لم يأتِ بالمخالفة استخفافاً أو عناداً، وفيه دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما».
4- يجب التركيز على الإيجابيات، وإشعار ابنك المراهق بالإنجاز، والاحتفاء به، وتوفير الدعم النفسي له، وتجاهل توجيه الكثير من النقد واللوم له، حتى لا يفقد الثقة في نفسه.
5- يوصي الخبير في الاكتئاب والقلق د. جريجوري جانتز، بالتخلي عن فكرة إلقاء محاضرة على مسامع ابنك، والتركيز على النقاط المهمة، مع السماح له بالرد على هذه النقاط.
6- يجب الحذر من الصراخ والغضب والعنف والتعدي اللفظي أو البدني، مع السيطرة على المشاعر، والتحكم في ردود الفعل، حتى لا ينتهي الحوار أو المواجهة بصدام قد يتسبب في هروب المراهق أو المزيد من الجفاء بينكما.
7- تفيد دراسات علمية بأن المراهق لا يفضل التواصل البصري مع أبيه بشكل مباشر، لذلك يجب الانتباه بشأن لغة الجسد ونظرات العينين، ومكان النقاش، بل يفضل المشي معاً أو التجول خلال مناقشة أمر ما.
8- ينصح بتخصيص وقت للمتابعة مع المراهق، حول ما تم الاتفاق عليه، مع تجديد اللقاء معه، وإشعاره بقيمة العهد، وأمانة الكلمة، وأنه شخص يعتمد عليه، وأنك تثق فيه، وفي قراراته.