منذ أكثر من عام، يُعاني سكان قطاع غزة من حرب إبادة جماعية تتجاوز كل الحدود الإنسانية، تعكس الأرقام المُفزعة حجم المعاناة اليومية التي يعيشها الناس في هذا الشريط الساحلي، حيث استشهد أكثر من 42 ألف فلسطيني، بينهم حوالي 12 ألف طفل، و5500 امرأة، كما سُجلت إصابة أكثر من 100 ألف شخص، يُعاني الكثير منهم من إصابات خطيرة تهدد حياتهم، في ظل هذه الظروف القاسية، تشير التقارير إلى أن أكثر من 10 آلاف شخص وأكثر لا يزالون في عداد المفقودين، مما يزيد من معاناة الأسر التي تبحث عن أحبائها في ظل غياب المعلومات.
الحرب أدت أيضًا إلى تدمير جزء كبير من البنية التحتية في غزة، حيث قُدرت نسبة الدمار بنحو 85% ويزيد عن ذلك من المنشآت المدنية، بما في ذلك المنازل والمدارس والمستشفيات، أكثر من 250 ألف منزل دُمر بشكل كامل أو جزئي والأعداد تتزايد كل ساعة، مما أجبر العديد من العائلات على العيش في ظروف غير آدمية.. ويُعتبر هذا الدمار جزءًا من خطة تهجير ممنهجة تسعى إلى خلق واقعٍ يضطر السكان إلى مغادرة أرضهم.. في هذا السياق، تظل المستشفيات، التي كانت تعاني بالفعل من نقص الموارد، غير قادرة على تلبية احتياجات المرضى، حيث تم الإبلاغ عن فقدان أكثر من 50% وربما يكون أكثر من خدمات الرعاية الصحية الأساسية.
إلى جانب المعاناة الجسدية، يُعاني الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال من ظروف اعتقال قاسية، حيث يُحتجز أكثر من 10500 أسير، بينهم نساء وأطفال، تُشير التقارير الحقوقية إلى تعرض العديد منهم للتعذيب النفسي والجسدي، مما يُعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، ويجعل معاناتهم جزءًا من مأساة أوسع.
لا تتوقف المأساة عند حدود العنف الجسدي، بل تتجاوز لتشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، حيث يُعاني قطاع غزة من ارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة، التي تصل إلى 75%، مما يزيد من صعوبة العيش، وقد أدى الحصار «الإسرائيلي» المستمر إلى تدهور الوضع الاقتصادي، حيث تشير التقديرات إلى أن 95% من سكان غزة بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، ويواجه أكثر من 2.1 مليون شخص خطر انعدام الأمن الغذائي، وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن نحو 80% من الأسر لا تستطيع الحصول على ما يكفي من الطعام، مما يُعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة.
رغم كل هذه المحاولات لتهجيرهم وتدمير حياتهم، يبقى الشعب الفلسطيني في غزة متمسكًا بحقوقه، تخرج الآلاف يوميًا في مظاهرات ضد الاحتلال، مؤكدين أنهم لن يستسلموا، تُظهر هذه التحركات الشعبية الإرادة القوية في المقاومة، مما يجعل غزة مركزًا للصمود والنضال.
إن تاريخ الفلسطينيين مليء بالمعاناة، لكن إرادتهم للمقاومة والبقاء على أرضهم تظل أقوى من كل محاولات التهجير، إذ يُعتبر كل فردٍ في غزة، في هذه اللحظات القاسية، جنديًّا في معركة الحفاظ على الأرض والهوية.
إن ما يحدث في غزة هو صرخة للعالم بأن الاحتلال لا يزال يمارس أساليب القمع والتجويع، ولا بد من وضع حد لهذه الانتهاكات، ويجب على المجتمعات الإنسانية أن تقف صفًّا واحدًا ضد الإبادة الجماعية، وأن تعمل على دعم حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
إن غزة ليست مجرد شريط ساحلي محاصر، بل هي رمز للإرادة والعزة، وتجسيد للحق في البقاء، فالأمل لا يزال حيًا، والصمود الفلسطيني سيبقى متجذرًا في الأرض، في مواجهة كل محاولات الإبادة.