منذ 21 سبتمبر، والغموض يلف مصير اليمن، سواء الدولة المركزية في صنعاء بعد سقوط العاصمة بيد جماعة “أنصار الله” المعروفة إعلامياً بجماعة “الحوثيين”
منذ 21 سبتمبر، والغموض يلف مصير اليمن، سواء الدولة المركزية في صنعاء بعد سقوط العاصمة بيد جماعة “أنصار الله” المعروفة إعلامياً بجماعة “الحوثيين”، أو الأقاليم الستة التي كانت في طريقها للتحول إلى أقاليم فيدرالية تنفيذاً لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وفي فبراير الماضي، تم إعلان الجمهورية اليمنية رسمياً “دولة اتحادية” تضم 6 أقاليم، 4 في الشمال و2 في الجنوب، وبالنظر إلى خارطة الأقاليم الستة فإن الصراعات تتركز بشكل كبير في 4 أقاليم، هي إقليمي آزال وسبأ في الشمال، وعدن وحضرموت في الجنوب، فيما يسود هدوء إقليمي الجند وتهامة.
– إقليم حضرموت (جنوب):
يضم الإقليم الأول محافظات “المهرة” و”حضرموت” و”شبوة” و”سقطري”، ويسمى بإقليم “حضرموت”، وعاصمته المكلا، وينشط في الإقليم 3 مكونات رئيسة لها ثقلها، هي الحراك الجنوبي، وتنظيم “أنصار الشريعة”، التابع لـ”تنظيم القاعدة” في اليمن، بالإضافة لحلف قبائل “حضرموت” الذي نشط مؤخراً في المحافظة.
وفي محافظة “حضرموت”، توجد حقول نفط “المسيلة” الأكبر في اليمن، بالإضافة لحقول النفط والغاز في محافظة “شبوة”، كما تعتبر “حضرموت” أكبر محافظات الجمهورية اليمنية مساحةً، ولديها شريط ساحلي غني بالثروة السمكية.
ويطالب الحراك الجنوبي في إقليم “حضرموت” بحق تقرير المصير، وفك الارتباط عن الشمال الذي اتحد مع الجنوب في العام 1990م، وينفذ الحراك أنشطته في محافظة “حضرموت” بشكل أكبر.
وبالإضافة للحراك الجنوبي ينشط “تنظيم القاعدة” ممثلاً بتنظيم “أنصار الشريعة”، الذي يخوض صراعات مسلحة مع السلطات اليمنية، وسيطر على مناطق في محافظات أبين وشبوة، قبل أن ينسحب منها نتيجة الحملات العسكرية التي تشنها الدولة ضده، لكنه يظل قوياً وله وجود في عدد من مناطق حضرموت وأبين، وينطلق منها للقيام بهجمات ضد مقار حكومية وأمنية وعسكرية، وعمليات اغتيال واسعة لمنتسبي المؤسسات الأمنية والعسكرية.
وشهدت الفترة الأخيرة تزايداً في نشاط “القاعدة” في محافظتي حضرموت وشبوة، عبر عدد من الهجمات المكثفة على مقار حكومية وأمنية وعسكرية.
وتنطلق عادةً هجمات القاعدة من مناطق في مديرية “غيل بن يمين” في حضرموت، التي تشهد تواجداً كثيفاً لـ”تنظيم القاعدة”.
ويبدو “تنظيم القاعدة” هو الأقرب لامتلاك زمام المبادرة وإعلان مناطق في حضرموت تحت وصايته، حيث يلعب التنظيم في الآونة الأخيرة على وتر حساس، وينفذ عملياته ضد الجيش في “حضرموت” تحت ذريعة الدفاع عن أهل السُّنة في حضرموت من هجمات الجيش الذي يصفه بـ”الرافضي” أو “المتحوث” نسبة لانتساب بعض أفراده لجماعة الحوثي، ولعل “القاعدة” تجد في سقوط صنعاء بيد الحوثيين دليلاً ليصدقها أبناء حضرموت في حقيقة قولهم: إن الجيش ومؤسسات الدولة موالية للحوثيين.
ويخف في إقليم حضرموت خطر الحراك الجنوبي الذي قلَّ نشاطه عموماً، بعد أن استطاع الرئيس اليمني “عبد ربه منصور هادي” استقطاب عدد من قياداته واستمالتهم من خلال المشاركة في مؤتمر الحوار ومؤخراً في الحكومة وكمستشارين له وفق ما جاء في اتفاق “السلم والشراكة” الموقع الأسبوع الماضي.
وأصبح الخطاب الإعلامي للحراك يدعو للاصطفاف الوطني وحل القضية الجنوبية عبر مخرجات مؤتمر الحوار التي ضمنت حلاً كاملاً لمظلومية أبناء الجنوب عبر إشراكهم بشكل كبير في مؤسسات الدولة، وإعطائهم الأولوية في التوظيف والخدمات.
– إقليم عدن (جنوب):
يضم محافظات “عدن” و”أبين” و”لحج” و”الضالع”، ويسمى بإقليم “عدن” وعاصمته “عدن”، ويوم الإثنين، أعلن فصيل الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال باليمن، عزمه السيطرة على منطقة “يافع” وإعلانها منطقة خارج سيطرة الحكومة المركزية بصنعاء وتشكيل مجلس عسكري لإدارتها، بعد التطورات التي شهدتها العاصمة اليمنية وسقوطها في يد الحوثيين؛ الأمر الذي يبدو أنه أول تداعيات سقوط صنعاء وأول خطوات بحث الأقاليم الأخرى عن طريق لمستقبلها، ويفتح الطريق أمام الجماعات المتربصة لبدء تنفيذ خارطة طريق ترسم مستقبل وجودها وتحكمها في تلك الأقاليم.
وينشط “تنظيم القاعدة” أيضاً في الإقليم بتنفيذ عدد من العمليات، دون أن يكون له تواجد في مناطق معينة، حيث ينفذ هجمات انتحارية على مقار أمنية وعسكرية، وعمليات اغتيال لضباط وجنود في الأمن والجيش اليمني.
– إقليم سبأ (شمال):
ويضم محافظات “الجوف” و”مأرب” و”البيضاء”، وعاصمته “مأرب” ويُسمى بإقليم “سبأ”، وللإقليم خصوصيته ومشكلاته، حيث يغلب الطابع القبلي على سكان الإقليم، وشهدت محافظة الجوف وأجزاء من مأرب خلال الأشهر الماضية حروباً طاحنة بين الجيش بمساندة القبائل من جهة، والحوثيين من جهة أخرى، وبعد تمدد الحوثيين خلال الأسابيع الماضية، واقترابهم من محافظة مأرب التي تقع فيها حقول النفط والغاز، استنفرت قبائل الإقليم وعقدت تحالفاً كبيراً للدفاع عن المحافظة، وقد تشهد الأيام الماضية مواجهات عنيفة بين القبائل والحوثي في حال حاول الأخير السيطرة على محافظة مأرب.
– إقليم آزال (شمال):
يضم محافظات “صعدة” و”عمران” و”صنعاء” و”ذمار”، ويسمى إقليم “آزال”، وعاصمته صنعاء، ويعتبر هذا الإقليم مركزاً للسلطة وحكم اليمن، وبؤرة الصراعات المركزية التي تلقي بظلالها على كل المحافظات الأخرى.
تسيطر جماعة الحوثي على محافظات صعدة وعمران ومؤخراً على صنعاء، ويعتبر الإقليم معقلاً بشرياً لجماعة الحوثي ذات الفكر الشيعي، نظراً لوجود غالبية عظمى من معتنقي “المذهب الزيدي” في اليمن في هذه المحافظات، غير أن هناك جماعات سُنية أخرى تتواجد كقوة مناوئة أبرزها حزب “الإصلاح”.
– إقليما الجند وتهامة:
ويضم إقليم الجند محافظتي “تعز” و”إب” وسط اليمن، وعاصمته مدينة تعز، أما إقليم تهامة فيضم محافظات “الحديدة” و”ريمة” و”المحويت” و”حجة”، وعاصمته الحديدة.
والحال في إقليمي الجند (وسط) وتهامة (غرب) لا يقارن بالأقاليم الأخرى، فعادةً ما يخضع هذان الإقليمان للسلطة المركزية، نظراً لانتشار التعليم فيها بشكل كبير، وغالبية موظفي الدولة هم من محافظتي إب وتعز، وانتماؤهم للدولة والسلطة المركزية أقوى، بالإضافة لقلة تواجد السلاح والتكتلات المعارضة والجماعات المسلحة، وستظل حال هذين الإقليمين مرهونة بما تؤول إليه الأمور في صنعاء، أو بحسب ما يطرأ في الأقاليم المجاورة.